2013-11-03 10:50:43

الإنجيل وقفة تأمل عند كلمة الحياة


فَي ذَلكَ الزمَان: دَخَلَ يسوع أَريحا وأَخَذَ يَجتازُها فإِذا رَجُلٌ يُدْعى زَكَّا وهو رئيسٌ للعَشَّارينَ غَنِيٌّ قد جاءَ يُحاوِلُ أَن يَرى مَن هُوَ يسوع، فلَم يَستَطِعْ لِكَثَرةِ الزِّحَام، لأنَه كانَ قَصيرَ القامة، فتقدَّمَ مُسرِعًا وصَعِدَ جُمَّيزَةً لِيرَاه، لأَنَّه أَوشكَ أَن يَمُرَّ بِها. فلَمَّا وصَلَ يسوعُ إلى ذلكَ المَكان، رَفَعَ طَرْفَه وقالَ له: "يا زَكَّا انزِلْ على عَجَل، فيَجِبُ عَلَيَّ أَن أُقيمَ اليَومَ في بَيتِكَ". فنزَلَ على عَجَل وأَضافَه مَسرورًا. فلمَّا رَأوا ذلك قالوا كُلُّهم متذَمِّرين: "دَخَلَ مَنزِلَ رَجُلٍ خاطِئٍ لِيَبيتَ عِندَه!" فوَقَفَ زَكَّا فقال لِلرَّبّ: "يا ربّ، ها إِنِّي أُعْطي الفُقَراءَ نِصفَ أَموْالي، وإِذا كُنتُ ظَلَمتُ أَحدًا شَيئًا، أَرُدُّه علَيهِ أَربَعَةَ أَضْعاف". فقالَ يسوعُ فيه: "اليَومَ حصَلَ الخَلاصُ لِهذا البَيت، فهوَ أَيضًا ابنُ إِبراهيم. لأَنَّ ابْنَ الإِنسانِ جاءَ لِيَبحَثَ عن الهالِكِ فيُخَلِّصَه". (لوقا 19، 1- 10)

 

للتـأمل

تضع الكنيسة اليوم أمامنا نص زكا العشار، وتدعونا لنتأمل في ضوئه في لقائنا الشخصي بالرب، يبدو لنا لقاء يسوع بزكا صدفة لكنه في الواقع كغيره من اللقاءات – زمن نعمة يضع الإنسان أمام الله ويغيره من الداخل وهذا ما يقوله المسيح نفسه في نهاية اللقاء أن "ابن الإنسان جاء ليبحث عن الهالك فيخلصه"، وبهذا يذكرنا أن في حياة كلّ منا لحظات نعمة ينتظرنا الله فيها ليحمل ألينا الخلاص.

لقد طرق يسوع باب قلب زكا، وها هو زكا يفتح له دون أن يعرف سبب الزيارة، ويختبر فرح الخلاص، نعم إنه خاطئ وسارق ومرذول، لكن الرب لا يسمع إلا لصوت قلبه. نعم!! الرب يسمع فقط لصوت قلوبنا عندما تبحث عن الخلاص. وهذا ما يعلمنا إياه يسوع نفسه: "لم آت لأدعو أبرارًا بل خطاة إلى التوبة..."

سمع زكا الكثير عن يسوع وأراد أن يراه، وبهذا يعلمنا زكا العشار اليوم أن نقوم بجهد ومسعى لنرى يسوع، لنبحث عنه ويكون له دائما مكانة في حياتنا ونسعى للحفاظ عليها. يخبرنا الإنجيلي أن زكا لَم يَستَطِع أن يرى يسوع لِكَثَرةِ الزِّحَام، ولأنَه كانَ قَصيرَ القامة، لكن زكا لم ييأس ولم يرجع إلى مكتبه ليكدس المال بل تسلق الشجرة. وهنا يعلمنا زكا العشار درسًا آخر وهو ألا نقف أمام العوائق التي تحول دون رؤيتنا ليسوع ولقائنا به، لقد تابع زكا البحث عن يسوع بالرغم من الصعوبات "وصَعِدَ جُمَّيزَةً لِيرَاه". 

يخبرنا الإنجيل: فلَمَّا وصَلَ يسوعُ إلى ذلكَ المَكان، رَفَعَ طرفَه، نظر يسوع إلى فوق فتلاقت أعينهما، وقال لزكا: "يا زَكَّا انزِلْ على عَجَل، فيَجِبُ عَلَيَّ أَن أُقيمَ اليَومَ في بَيتِكَ". فيسوع لم يفكر للحظة في نفسه أن زكا رجل سارق ويكون بذلك طعامه من السرقة بل قال عَلَيَّ أَن أُقيمَ اليَومَ في بَيتِكَ. وها درس آخر يعلمنا إياه زكا في هذا الأحد وهو أن الرب يكافئنا على كل مجهود نقوم به، يكافئ أعمالنا الصغيرة بعطايا كثيرة، فالله هو الذي يأتي لملاقاتنا، لقد بحث زكا عن يسوع، ولكن يسوع الآن هو الذي يأتي إلى زكا ويبحث عنه وينظر إليه.

يدعونا أيضًا إنجيل اليوم لننظر إلى الآخر بكل احترام وحب وأن نبدل نظرتنا السيئة تجاه الأشخاص بنظرة يسوع لكي نحبهم ونربح السماء، يجب أن نبدل نظرتنا، وهذا ما فعله يسوع مع زكا، حوله من إنسان جاب للضرائب إلى إنسان عامل في كرمه، حول حياته من طاولة المال إلى طاولة المائدة والشركة. ويخبرنا الإنجيل: وَقَفَ زَكَّا وقال لِلرَّبّ: "يا ربّ، ها إِنِّي أُعْطي الفُقَراءَ نِصفَ أَموْالي، وإِذا كُنتُ ظَلَمتُ أَحدًا شَيئًا، أَرُدُّه علَيهِ أَربَعَةَ أَضْعاف". بكلامه هذا يُظهر زكا أنه لا يتكلم مع يسوع الذي كان يريد أن يراه وإنما مع المخلص الذي قبله في قلبه وفي حياته، لقد التقى بيسوع حقيقةً وهذا اللقاء أحدث التغيير، تغيير في عقله: من عقل الغني الذي ينظر إلى الأشخاص والأشياء من فوق إلى عقل الفقير الذي ينظر إلى نفس الأمور من جهة الفقراء والمظلومين: مشاركة وعدل.

عندما رأى يسوع استعداد زكا لقبول البشارة قال له: اليوم حصل الخلاص لهذا البيت. يعلمنا زكا العشار اليوم أيضًا أن نفتح قلوبنا لقبول المسيح وأن تتحد بقلبه، هاهو واقف على الباب يقرع، فان فتحنا له دخل وتعشى معنا. إنها دعوة عامة، إنها دعوة إلى العرس لنلبس ملابس الحفلة ونكون مستعدين دوما. فمتى دخل المسيح بيتنا يغير فينا طريقة نظرتنا وحكمنا على الأشخاص وعلى الأشياء، وتغيير نظرتنا هذا يحول نمط حياتنا كلها ويجعلنا نقوم بخطوات جريئة، لأنه لا يمكن أن نلتقي بالمسيح ونبقى فقط في مجال النوايا الحسنة أو الوعود المستقبلية. يعلمنا يسوع اليوم كيف نستقبل الآخر ونتعامل معه وكما يعلمنا كيف نضع أنفسنا على طريق الآخرين نسمع لهم ونشاركهم حياتهم ومسيرتهم. فنحن لسنا لأنفسنا بل علينا أن نعيد للآخرين المواهب التي وهبنا الله إياها فنحن نحقق خلاصنا بالقدر الذي نسير فيه مع الآخرين، إذ لا أحد يؤمن لوحده ولا أحد يخلص وحده.








All the contents on this site are copyrighted ©.