2013-10-19 14:58:22

الإنجيل وقفة تأمل عند كلمة الحياة


فَي ذَلكَ الزمَان: ضرَبَ يسوع لتلاميذه مثَلاً، في وُجوبِ المُداوَمةِ على الصَّلاةِ مِن غَيرِ مَلَل، قال: "كانَ في إِحدى المُدُنِ قاضٍ لا يَخافُ اللهَ ولا يَهابُ النَّاس. وكانَ في تلك المَدينَةِ أَرمَلَةٌ تَأتيهِ فتَقول: أَنصِفْني من خَصْمي، فأَبى علَيها ذلِكَ مُدَّةً طَويلة، ثُمَّ قالَ في نَفْسِه: أَنا لا أَخافُ اللهَ ولا أَهابُ النَّاس، ولكِنَّ هذِه الأَرمَلَةَ تُزعِجُني، فسَأُنصِفُها لِئَلاَّ تَظَلَّ تَأتي وتَصدَعَ رَأسي. ثّمَّ قالَ الرَّبّ: "اِسمَعوا ما قالَ القاضي الظَّالِم. أَفما يُنصِفُ اللهُ مُختاريهِ الَّذينَ يُنادونه نهارًا ولَيلاً وهو يَتَمهَّلُ في أَمرِهم؟ أَقولُ لَكم: إِنَّه يُسرِعُ إِلى إِنصافِهم. ولكِن، متى جاءَ ابنُ الإِنسان، أَتُراه يَجِدُ الإِيمانَ على الأَرض؟" (لو 18، 1- 8).

 

للتـأمل

"ولكِن، متى جاءَ ابنُ الإِنسان، أَتُراه يَجِدُ الإِيمانَ على الأَرض؟" بهذا السؤال يختتم القديس لوقا نص الإنجيل الذي تقدمه لنا الليتورجية اليوم والذي يخبر فيه يسوع تلاميذه مثل قاضي الظلم والأرملة اللجوجة التي بلجاجتها نالت ما كانت تطلبه. وبهذا المثل تذكرنا الكنيسة بأن الإيمان هو مسيرة جهاد دائم ومستمرّ، ويتطلّب منا جوابًا شخصيًّا ويوميًّا!

يكتب قداسة البابا فرنسيس في رسالته بمناسبة اليوم الإرسالي العالمي: "الإيمان عطيّة ثمينة من الله، الذي يفتح عقلنا لنتعرّف عليه ونحبّه. إنه عطيّة لا يمكننا أن نحتفظ بها لأنفسنا وإنما يجب علينا أن نتقاسمها. فإعلان الإنجيل يشكل جزءًا من كوننا تلاميذًا للمسيح وهو التزام مستمر ينعش حياة الكنيسة بأسرها. والاندفاع الرسولي هو علامة واضحة لنضوج الجماعة الكنسيّة. فكل جماعة هي "بالغة" عندما تعلن الإيمان وتحتفل به بفرح في الليتورجية، تعيش المحبة وتعلن بلا توقف كلمة الله وتخرج من "حظيرتها" لتحملها إلى "الضواحي" لاسيما للذين لم تسنح لهم الفرصة بعد لمعرفة المسيح".

 

يشدّد المجمع الفاتيكاني الثاني بشكل خاص على أن الواجب الرسولي، واجب توسيع حدود الإيمان هو واجب كل معمّد وواجب الجماعات المسيحيّة كلها: "بما أن شعب الله يعيش في جماعات، ولاسيما ما كان منها أبرشياً وراعوياً، وبما أنه لا يظهر نوعاً ما عياناً إلاّ في هذه الجماعات نفسِها، فإلى هذه الجماعات يرجع أمر تأدية الشهادة للمسيح أمام الأمم" (قرار في نشاط الكنيسة الإرسالي، عدد 37).

غالبًا ما يواجه عمل البشارة حواجز ليس من الخارج فقط وإنما من الداخل أيضًا من الجماعة الكنسيّة عينها. وأحيانًا يضعف الحماس والفرح والشجاعة والرجاء في إعلان رسالة المسيح للجميع ومساعدة رجال عصرنا للقاء به، وأحيانًا أخرى يبدو أن حمل حقيقة الإنجيل يشكل انتهاكًا للحريّة. علينا أن نتحلّى دائمًا بالشجاعة والفرح لنقترح اللقاء بالمسيح باحترام، ونصبح حملةً لإنجيله. فيسوع قد جاء بيننا ليرشدنا إلى درب الخلاص وأوكلنا مهمة أن نرشد الجميع إليها حتى أقاصي الأرض.

البشارة ليست عملاً منعزلاً وفرديًّا بل هو كنسيّ دائمًا، وهذا ما يعطي قوة للرسالة ويجعل كل رسول ومبشر يشعر بأنه ليس وحده أبدًا بل هو جزء من جسم واحد يحركه الروح القدس. لذا علينا أن نحمل بشجاعة للجميع إنجيل المسيح الذي هو إعلان رجاء ومصالحة وشركة، إعلان لقرب الله، لرحمته وخلاصه، إعلان يؤكد لنا أن قوة محبة الله قادرة أن تغلب ظلمات الشر وتقودنا على درب الخير. لنحمل لهذا العالم بشهادتنا ومحبتنا الرجاء الذي نلناه من الإيمان! فالكنيسة ليست شركة ولا منظمة غير حكوميّة بل جماعة أشخاص يحركها عمل الروح القدس، يعيشون دهشة اللقاء بيسوع المسيح ويرغبون بمشاركة خبرة الفرح العميق هذه ومشاركة رسالة الخلاص التي حملها الرب لنا.

لتوطد سنة الإيمان هذه العلاقة بالمسيح الرب لأن فيه وحده نجد الثقة للنظر نحو المستقبل وضمانة حب حقيقي وثابت" (باب الإيمان، عدد 15). فنصبح شهود حقيقيين له ونختبر "فرح حمل البشارة اللطيف والمعزي" (إعلان الإنجيل، عدد 60).








All the contents on this site are copyrighted ©.