2013-09-23 14:42:27

كلمة البابا إلى ممثلين عن عالم الثقافة في كلية اللاهوت الحبرية الإقليمية في كالياري


التقى البابا فرنسيس عصر أمس الأحد في كالياري ممثلين عن عالم الثقافة في كلية اللاهوت الحبرية الإقليمية. وبعد أن توجه بالشكر إلى القيمين على هذه الكلية، لاسيما الآباء اليسوعيين الذين يديرونها، أكد الحبر الأعظم أن إعداد الإكليريكيين لنيل سر الكهنوت يبقى هدفا رئيسا، على الرغم من الأهمية التي تكتسبها تنشئة المؤمنين العلمانيين. هذا ثم طرح البابا على المشاركين في هذا اللقاء سلسلة من التأملات، مشيرا إلى أنه لا يرغب في إلقاء محاضرة أكاديمية. ولفت إلى أن التأملات هذه تتمحور حول خبرته كرجل وكراع في الكنيسة.

تطرق البابا فرنسيس إلى مقطع الإنجيل المقدس الذي يتحدث عن تلميذي عمّاوس، اللذين أصيبا بخيبة كبيرة بعد موت السيد المسيح، وهذا الشعور نفسه ـ تابع قائلا ـ نختبره اليوم في الأوضاع التي نعيشها نتيجة الأزمة المالية والاقتصادية العالمية، ناهيك عن المشاكل الإيكولوجية والتربوية والخلقية والإنسانية. إن هذه الأزمة تتعلق بحاضر الإنسان ومستقبله أكان في المجتمعات الغربية أم على صعيد العالم ككل.

وقال البابا عندما ننظر إلى هذه الأزمات نفكر بنوع خاص في الحرب التي ستُخاض في سبيل الحصول على المياه، وفي الخلل بالتوازنات الاجتماعية وفي قوة السلاح الرهيبة، وفي النظام المالي والاقتصادي العالمي الذي لا يتمحور حول الكائن البشري إنما حول منطق الربح المادي، أي المال، أو إله المال. وبعد إصابتهما بخيبة الأمل ترك تلميذا عماوس أورشليم، إذ استسلما للقنوط والتشاؤم، للمشاعر التي تحمل الإنسان على الهروب من الواقع والبحث عن "جزر" ينعم فيها بلحظات من الهدوء والطمأنينة.

بعدها تساءل البابا إذا كان يتعين على الإنسان أن يستلم لخيبة الأمل، وأن ينغلق على ذاته! وأجاب قائلا إن المرحلة التاريخية والمقررة التي نعيشها تحملنا على البحث عن طرق جديدة للرجاء، تفتح أمام مجتمعاتنا آفاقا جديدة. وأكد الحبر الأعظم أن الجامعة تضطلع بدور رئيسي في هذا المجال، لكونها تعمل على نقل المعارف وتدرب الأشخاص على الحكمة، وتساهم في توفير تنشئة متكاملة للكائن البشري.

هذا ثم أكد البابا فرنسيس أن كل أزمة نمر بها تشبه مخاض الولادة الذي لا يخلو من الألم لكنه يفتح الباب في نهاية المطاف على ولادة حياة جديدة. ومن هذا المنطلق لا بد أن تساهم الجامعة في تغذية الرجاء والأمل في الإطار الذي نعيش فيه. كما أن الجامعة مدعوة إلى تعزيز ثقافة الجوار، بهدف تخطي منطق الانغلاق على الذات والدخول في منطق ثقافة اللقاء. والجامعة تشكل فسحة مميزة لتعزيز وتنمية هذه الثقافة، التي هي ثقافة الحوار. وهذا الأمر ـ تابع الحبر الأعظم قائلا ـ يعني فهم وتقييم الغنى لدى الطرف الآخر والنظر إلى هذا الغنى كعامل يحمل على النمو.

ولفت البابا إلى أن السيد المسيح، وعندما اقترب من تلميذي عماوس، استمع إليهما، وقاسمهما مشوارهما إلى عماوس وأصغى إلى قراءتهما للواقع، إلى خيبتهما وتحاور معهما. وتوجه البابا إلى الحاضرين قائلا: يجب ألا تخافوا من الاقتراب من الشخص الآخر، ومن الحوار والتلاقي حتى بين البيئات الجامعية وعلى مختلف الأصعدة.

كما شدد البابا على أن الجامعة تشكل أيضا مكانا للتنشئة على التضامن الذي هو قيمة لا تنحصر بالمؤمنين المسيحيين وحسب إنما تعني البشرية بأسرها، لافتا إلى أن الإيمان يعطي المسيحي رجاء راسخا يحمله على عيش التضامن، لأن الله نفسه دخل تاريخنا البشري، وأصبح إنسانا واقترب منا جميعا وأظهر تضامنه مع الإنسان، لاسيما الأشخاص الأشد فقرا وعوزا، وفتح أمامنا آفاق الرجاء.

 








All the contents on this site are copyrighted ©.