2013-09-15 13:16:25

الإنجيل وقفة تأمل عند كلمة الحياة


في ذلك الزَّمان: كانَ العَشّارون والخاطِئونَ يَدنونَ مِن يسوع جَميعًا لِيَستَمِعوا إِلَيه. فكانَ الفِرِّيسِيُّونَ والكَتَبَةُ يَقولون مُتَذَمِّرين: "هذا الرَّجُلُ يَستَقبِلُ الخاطِئينَ ويَأكُلُ مَعَهم!" فضرَبَ لَهم هذا المَثَلَ قال: "أَيُّ امرِئٍ مِنكُم إِذا كانَ لَه مِائةُ خروف فأَضاعَ واحِدًا مِنها، لا يَترُكُ التِّسعَةَ والتِّسعينَ في البَرِّيَّة، ويَسْعى إِلى الضَّالِّ حتَّى يَجِدَه؟ فإِذا وَجدَه حَمَله على كَتِفَيهِ فَرِحًا، ورجَعَ بِه إِلى البَيت ودَعا الأَصدِقاءَ والجيرانَ وقالَ لَهم: إِفرَحوا معي، فَقد وَجَدتُ خَروفيَ الضَّالّ! أَقولُ لَكم: هكذا يكونُ الفَرَحُ في السَّماءِ بِخاطِئٍ واحِدٍ يَتوبُ أَكثَرَ مِنه بِتِسعَةٍ وتِسعينَ مِنَ الأَبرارِ لا يَحتاجونَ إِلى التَّوبَة. أَم أَيَّةُ امرَأَةٍ إِذا كانَ عِندَها عَشرَةُ دَراهِم، فأَضاعَت دِرهَمًا واحِدًا، لا تُوقِدُ سِراجًا وتَكنُسُ البَيت وتَجِدُّ في البَحثِ عنه حتَّى تَجِدَه؟ فإِذا وَجَدَتهُ دَعَتِ الصَّديقاتِ والجاراتِ وقالت: إِفرَحْنَ معي، فقد وَجَدتُ دِرهَمِيَ الَّذي أَضَعتُه! أَقولُ لَكم: هكذا يَفرَحُ مَلائِكَةُ اللهِ بِخاطِئٍ واحِدٍ يَتوب".

وقال: "كانَ لِرَجُلٍ ابنان. فقالَ أَصغَرُهما لأَبيه: يا أَبَتِ أَعطِني النَّصيبَ الَّذي يَعودُ علَيَّ مِنَ المال. فقَسَمَ مالَه بَينَهما. وبَعدَ بِضعَةِ أَيَّامٍ جَمَعَ الاِبنُ الأَصغَرُ كُلَّ شَيءٍ لَه، وسافَرَ إِلى بَلَدٍ بَعيد، فَبدَّدَ مالَه هُناكَ في عيشَةِ إِسراف. فَلَمَّا أَنفَقَ كُلَّ شَيء، أَصابَت ذلكَ البَلَدَ مَجاعَةٌ شَديدة، فأَخَذَ يَشْكو العَوَز. ثُمَّ ذَهَبَ فالتَحَقَ بِرَجُلٍ مِن أَهلِ ذلكَ البَلَد، فأرسَلَه إِلى حُقولِه يَرْعى الخَنازير. وكانَ يَشتَهي أَن يَملأَ بَطنَه مِنَ الخُرنوبِ الَّذي كانتِ الخَنازيرُ تَأكُلُه، فلا يُعطيهِ أَحَد. فرَجَعَ إِلى نَفسِه وقال: كم أَجيرٍ لَأَبي يَفضُلُ عنه الخُبْزُ وأَنا أَهلِكُ هُنا جُوعًا! أَقومُ وأَمضي إِلى أَبي فأَقولُ لَه: يا أَبتِ إِنِّي خَطِئتُ إِلى السَّماءِ وإِلَيكَ. ولَستُ أَهْلاً بَعدَ ذلك لِأَن أُدْعى لَكَ ابنًا، فاجعَلْني كأَحَدِ أُجَرائِكَ. فقامَ ومَضى إِلى أَبيه. وكانَ لم يَزَلْ بَعيدًا إِذ رآه أَبوه، فَأَشفَقَ عَلَيه وأَسرَعَ إليه فأَلْقى بِنَفسِه على عُنُقِه وقَبَّلَه طَويلاً. فقالَ لَه الابن: يا أَبَتِ، إِنِّي خَطِئتُ إِلى السَّماءِ وإِلَيكَ، ولَستُ أَهْلاً بَعدَ ذلِكَ لأَن أُدْعى لَكَ ابنًا. فقالَ الأَبُ لِعَبيدِه: أَسرِعوا فأتوا بِأَفخَرِ حُلَّةٍ وأَلبِسوه، واجعَلوا في إِصبَعِه خاتَمًا وفي رِجليه حِذاءً، وأتوا بالعِجْلِ المُسَمَّن واذبَحوه فنأكُلَ ونَتَنَعَّم، لأَن ابنِي هذا كانَ مَيتًا فعاش، وكانَ ضالاً فوُجِد. فأَخذوا يتَنَّعمون. وكانَ ابنُه الأَكبَرُ في الحَقْل، فلمَّا رَجَعَ واقترَبَ مِنَ الدَّار، سَمِعَ غِناءً ورَقْصًا. فدَعا أَحَدَ الخَدَمِ واستَخبَرَ ما عَسَى أَن يَكونَ ذلك. فقالَ له: قَدِمَ أَخوكَ فذَبَحَ أَبوكَ العِجْلَ المُسَمَّن لأنه لَقِيَه سالِمًا. فغَضِبَ وأَبى أَن يَدخُل. فَخَرَجَ إِلَيه أَبوهُ يَسأَلُه أَن يَدخُل، فأَجابَ أَباه: ها إِنِّي أَخدُمُكَ مُنذُ سِنينَ طِوال، وما عَصَيتُ لَكَ أَمرًا قَطّ، فما أَعطَيتَني جَدْيًا واحِدًا لأَتَنعَّمَ به مع أَصدِقائي. ولمَّا رَجِعَ ابنُكَ هذا الَّذي أَكَلَ مالَكَ مع البَغايا ذَبَحتَ له العِجْلَ المُسَمَّن! فقالَ له: يا بُنَيَّ، أَنتَ مَعي دائمًا أبدًا، وجَميعُ ما هو لي فهُو لَكَ. ولكِن قد وَجَبَ أَن نَتَنعَّمَ ونَفرَح، لأنَّ أَخاكَ هذا كانَ مَيتًا فعاش، وكانَ ضالاً فوُجِد". (لوقا 15، 1- 32)

 

للتـأمل

قراءة من القديس أمبروسيوس: "تَنبَّهْ أَيُّها النَّائِم وقُم مِن بَينِ الأَمْوات يُضِئْ لَك المسيح"

 

"أَقومُ وأَمضي إِلى أَبي فأَقولُ لَه: يا أَبتِ إِنِّي خَطِئتُ إِلى السَّماءِ وإِلَيكَ..." هذا هو اعترافي الأوّل الّذي سأقوله للخالق، لسيّد الرّحمة، والّذي يُقاضِي الخطيئة. فرغم علمه بكلِّ شيء، فإنَّ الله ينتظر اعترافنا هذا لأنّ "الشَّهادةُ بِالفمِ تُؤَدِّي إِلى الخَلاص"...

هذا ما كان الابن الأصغر يقوله في نفسه؛ لكن الكلام ليس كافيًا إن لم تمضِ إلى الآب. أين نبحث عنه وأين نجده؟ " فقامَ ومَضى إِلى أَبيه"... قُم ْأولاً أنت يا من لا تزال حتى الآن جالسًا أو نائمًا. اسمع ما يقوله القدّيس بولس:" تَنبَّهْ أَيُّها النَّائِم وقُم مِن بَينِ الأَمْوات يُضِئْ لَك المسيح"... انهض إذًا واركض نحو الكنيسة: هناك تجد الآب والابن والرّوح القدس. إن الذي يسمعك تتكلم في أعماق نفسك يأتي إلى ملاقاتك، وحتى في الوقت الّذي لا تزال فيه بعيدًا يراك ويسرع إليك. إنّه يرى داخل قلبك؛ فيسرع لكيلا يُعيقُكَ أحد؛ ويقبّلك أيضًا... ويلقي بنفسه على عنقك ليرفعك، أنت الّذي كنت ترزح مكبّلاً بالخطايا، ورأسك مطأطأ صوب الأرض؛ يدير وجهك نحو السّماء كي تستطيع البحث عن خالقك... إنّ الرب يسوع المسيح يلقي بنفسه على عنقك لكي يخلّصه من نير العبوديّة ويعلق عليه نير الوداعة... يلقي بنفسه على عنقك حين يقول: "تَعالَوا إِليَّ جَميعاً أَيُّها المُرهَقونَ المُثقَلون، وأَنا أُريحُكم، اِحمِلوا نيري..."

هذه هي الطّريقة الّتي سوف يضمّك بها إن أتيته تائبًا. سوف يطلب أن يأتوك "بِأَفخَرِ حُلَّةٍ ويلبِسوك، وأن يجعَلوا في إِصبَعِك خاتَمًا وفي رِجليك حِذاءً". الحلّة هي ثوب الحكمة...، واللباس الرّوحي وحلّة العرس. أليس الخاتم ختمًا لإيمانٍ رصين وعلامةً للحقيقة؟ أمّا الحذاء فهو علامة للتّبشير بالبشرى السّارة...








All the contents on this site are copyrighted ©.