2013-08-31 14:46:47

الإنجيل وقفة تأمل عند كلمة الحياة


"ودَخَلَ يسوع يَومَ السَّبتِ بَيتَ أَحَدِ رُؤَساءِ الفِرِّيسِيِّينَ لِيَتَناوَلَ الطَّعام، وكانوا يُراقِبونَه. وَضَرَبَ لِلمَدعُوِّينَ مَثَلاً، وقد رأى كيفَ يَتَخَيَّرونَ المَقاعِدَ الأُولى، قال لَهُم:"إِذا دُعيتَ إِلى عُرْس، فلا تَجلِسْ في المَقعَدِ الأوّل، فَلرُبَّما دُعِيَ مَن هو أَكرَمُ مِنكَ، فَيَأتي الَّذي دَعاكَ ودَعاه فيقولُ لَكَ: أَخْلِ المَوضِعَ لِهذا. فتَقومُ خَجِلاً وتتَّخِذُ المَوضِعَ الأَخير. ولكِن إِذا دُعيتَ فامَضِ إِلى المَقعَدِ الأَخير، واجلِسْ فيه، حتَّى إِذا جاءَ الَّذي دَعاكَ، قالَ لكَ: قُمْ إِلى فَوق، يا أَخي. فيَعظُمُ شَأنُكَ في نَظَرِ جَميعِ جُلَسائِكَ على الطَّعام. فمَن رفَعَ نَفْسَه وُضِع، ومَن وَضَعَ نَفْسَه رُفِع. وقالَ أَيضًا لِلَّذي دَعاه: إِذا صَنَعتَ غَداءً أَو عَشاءً، فلا تَدْعُ أَصدِقاءَكَ ولا إِخوَتكَ ولا أَقرِباءَكَ ولا الجيرانَ الأَغنِياء، لِئَلاَّ يَدْعوكَ هُم أَيضًا فتَنالَ المُكافأَةَ على صنيعِكَ. ولَكِن إِذا أَقَمتَ مَأَدُبَة فادعُ الفُقَراءَ والكُسْحانَ والعُرْجانَ والعُمْيان. فطوبى لَكَ إِذ ذاكَ لأَنَّهم لَيسَ بِإِمكانِهِم أَن يُكافِئوكَ فتُكافَأُ في قِيامَةِ الأَبرار". (لوقا 14، 1 ـ 7)

 

للتأمل

في الإنجيل الذي سمعناه في هذا الأحد الثاني والعشرين من زمن السنة، يمكننا أن نقسم حديث يسوع إلى قسمين، والقسم الثاني هو الذي يفرحنا أكثر إذ إنه من الصعب أن يقبل المرء أن يمضي إلى المقعد الأخير ويجلس فيه. ففي عالم يبحث فيه الجميع عن الظهور والمراكز، يبدو لنا أن ما يُطلب منا هو علامة للضعف أكثر منه للفضيلة، إذ إن الفكر السائد يقول إذا كنت تتحلى ببعض الصفات الجيدة ولا تعرف كيف تستخدمها لخيرك فأنت لست أهلا بها.

لكن موقف يسوع واضح جدا " لا تَجلِسْ في المَقعَدِ الأوّل"، إنه يدعونا لنتواضع أمام الله وألا نفتخر بأنفسنا، يدعونا لنكون على مثاله "هو الذي في صورةِ الله، لم يَعُدَّ مساواتَه للهِ غَنيمةً بل تجرَّدَ من ذاتهِ مُتَّخذًا صورةَ العبدِ وصارَ على مثالِ البشرِ وظهرَ في هيئةِ إنسان فوضَعَ نفسَهُ وأطاعَ حتى الموتِ موتِ الصليب. لذلكَ رفَعهُ اللهُ إلى العُلى ووهبَ له الاسمَ الذي يفوقُ جميعَ الأسماء" (فيليبي 2، 6 ـ9). ويقول لنا "احملوا نيري وتَتَلمذوا لي فإنِّي وديعٌ متواضعُ القلب، تجدوا الرَّاحةَ لنفوسِكم..."

يقول القديس بيو:"التواضع هو الحقيقة، والحقيقة هي أنِّي لا شيء. وبالتالي، فإنَ أي شيء جيد فيَّ يأتي من الله. والحال هذه، يحدث مرارًا أننا نبدّد الأشياء الجيدة التي وضعها الله فينا. عندما أرى الناس يطلبون منّي شيئا، لا أفكّر فيما أستطيع أن أعطيهم، إنما أفكّر في الأشياء التي لا أستطيع إعطاءها وبالتالي، تبقى نفوس كثيرة عطشى لمجرّد أنني لم أعرف أن أنقلَ إليها عطايا الله. ففكرة أن الربّ يأتي إلينا كل يوم ويعطينا كل شيء، يجب أن تجلعنا متواضعين. غير أن ما يحدث هو عكس ذلك تمامًا، لأن الشيطان يُظهرُ فينا نفحات من الكبرياء. إن هذا لا يشرّفنا إطلاقا. لذا، يجب علينا أن نحارب كبرياءنا. وعندما لا يعود باستطاعتنا أن نُكمل، فلنتوقف للحظة ونقم بعمل متواضع، حينئذ، سيأتي الله لملاقاتنا لكونه يحبّ القلوب المتواضعة".








All the contents on this site are copyrighted ©.