2013-06-30 15:38:22

الإنجيل وقفة تأمل عند كلمة الحياة


في ذلِكَ الزَّمان: لَمَّا حانَت أَيَّامُ ارتِفاعِ يسوع، عَزَمَ على الاتِّجاهِ إِلى أُورَشَليم. فأَرسلَ رُسُلاً يَتَقَدَّمونَه، فذَهبوا فدَخَلوا قَريَةً لِلسامِريِّين لِيُعِدُّوا العِدَّةَ لِقُدومِه فلَم يَقبَلوه لأنَّه كانَ مُتَّجِهًا إِلى أُورَشَليم. فلمَّا رأَى ذلكَ تِلميذاهُ يَعقوبُ ويوحنَّا قالا: "يا ربّ، أَتُريدُ أَن نَأمُرَ النَّارَ فتَنزِلَ مِنَ السَّماءِ وتَأكُلَهم؟" فالتَفَتَ يسوعُ وانتَهَرَهما. فمَضَوا إِلى قَريَةٍ أُخرى. وبَينَما هُم سائرون، قالَ لَه رَجُلٌ في الطَّريق: "أَتبَعُكَ حيثُ تَمْضي".  فقالَ لَه يسوع: "لِلثَّعالِبِ أَوجِرَة ولِطُيورِ السَّماءِ أَوكار، وأَمَّا ابنُ الإِنسان، فلَيسَ لَه ما يَضَعُ علَيهِ رَأسَه". وقالَ لآخَر: "اِتْبَعْني!" فقال: "إئْذَنْ لي أَن أَمضِيَ أَوَّلاً فَأَدفِنَ أَبي". فقالَ لَه: "دَعِ المَوتى يَدفِنونَ مَوتاهم. وأَمَّا أَنتَ فَامضِ وبَشِّرْ بمَلَكوتِ الله". وقالَ لَه آخَر: "أَتبَعُكَ يا ربّ، ولكِنِ ائذَنْ لي أَوَّلاً أَن أُوَدِّعَ أَهلَ بَيتي". فقالَ لَه يسوع: "ما مِن أَحَدٍ يَضَعُ يَدَه على المِحراث، ثُمَّ يَلتَفِتُ إِلى الوَراء، يَصلُحُ لِمَلَكوتِ الله". (لو 9، 51- 62)

 

للتـأمل

يخبرنا إنجيل القديس لوقا عن حياة يسوع العلنيّة، منذ بداية بشارته في الجليل وصولاً إلى دخوله إلى أورشليم، إلى الصلب والقيامة. يخبرنا إنجيل اليوم: "ولَمَّا حانَت أَيَّامُ ارتِفاعِ يسوع، عَزَمَ على الاتِّجاهِ إِلى أُورَشَليم". لقد كان يسوع يعرف ما تقتضيه رسالته والتضحية التي تتطلبها ولكنه لم يهرب، فقد تجسّد ليحقق مشيئة الآب ليخلّصنا على الصليب، لقد وضع مشيئة الله أولاً وليس مشروعه الشخصي وبهذا يعلّم تلاميذه ويعلمنا نحن أيضًا أولوية الله في حياتنا وحياة كل من يريد إتباعه، وفي ضوء هذا نفهم أجوبة يسوع للرجال الثلاثة الذين التقوا به.

وبَينَما هُم سائرون، قالَ لَه رَجُلٌ في الطَّريق: "أَتبَعُكَ حيثُ تَمْضي". فقالَ لَه يسوع: "لِلثَّعالِبِ أَوجِرَة ولِطُيورِ السَّماءِ أَوكار، وأَمَّا ابنُ الإِنسان، فلَيسَ لَه ما يَضَعُ علَيهِ رَأسَه". لقد رأى هذا الرجل يسوع والأعمال التي صنعها وسمع كلماته فاتقد قلبه وأراد أن يتبعه، فجاء جواب يسوع محذِّرًا، لأن إتباع يسوع ليس سهلاً، وهو بعيد كل البعد عن الرفاهيّة والكرامات والغنى.

أما اللقاءان الثاني والثالث فهما متشابهين فيما بينهما وعلى دعوة يسوع لإتباعه، أجاب الأول: "إئْذَنْ لي أَن أَمضِيَ أَوَّلاً فَأَدفِنَ أَبي"، أما الثاني فأجاب: "أَتبَعُكَ يا ربّ، ولكِنِ ائذَنْ لي أَوَّلاً أَن أُوَدِّعَ أَهلَ بَيتي". جاءت أجوبة يسوع: "دَعِ المَوتى يَدفِنونَ مَوتاهم. وأَمَّا أَنتَ فَامضِ وبَشِّرْ بمَلَكوتِ الله" و"ما مِن أَحَدٍ يَضَعُ يَدَه على المِحراث، ثُمَّ يَلتَفِتُ إِلى الوَراء، يَصلُحُ لِمَلَكوتِ الله"، قد يبدو لنا للوهلة الأولى أنها أجوبة قاسية وأن الرب لا يهتم لأمورنا العائلية ولمشاعرنا، ولكن على العكس أليس هو من يطلب منا في الوصايا "أكرم أباك وأمك" ولكنّه يريد أن يشدّد أولوية الله في حياة التلميذ لا بالقول فقط وإنما بالفعل أيضًا، فهو يقول لنا أيضًا: "من أحب أبًا أو أمًا أكثر مني فهو لا يستحقّني".

أن نعطي الأفضليّة لله ليست ثقلاً على حياتنا وإنما علامة لتحقيق دعوتنا ولعيشنا حريّة أبناء الله بعيدًا عن ضعف الجسد، بعيدًا عن كل خوف وكبرياء، لنستسلم لمشيئته... فمشيئته هي سلامنا وكل رجاؤنا يكمنُ في رحمة الرّب يسوع... وكما يكتب القديس بولس في رسالته إلى مسيحيّي غلاطية: "المسيحَ قد حَرَّرَنا لنكون أحرارًا. فاثبُتوا إِذًا ولا تَعودوا إِلى نِيرِ العُبودِيَّة. إِنَّكم، أَيُّها الإِخوَة، قد دُعيتُم إِلى الحُرِّيَّة، بِشَرطٍ واحِدٍ وهو أَن لا تَجعَلوا هذِه الحُرِّيَّةَ فُرصَةً لِلجَسَد، بل بِفَضلِ المَحَبَّةِ اخدِموا بَعضُكم بَعضًا".








All the contents on this site are copyrighted ©.