2013-06-16 13:15:51

البابا فرنسيس: لنقل نعم لله الذي هو محبة وحياة وحريّة ولا يخيبنا أبدًا!


بمناسبة يوم "إنجيل الحياة" إحتفل قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم الأحد بالقداس الإلهي في ساحة القديس بطرس بالفاتيكان وألقى عظة استهلها بالقول: نريد من خلال هذه الذبيحة الإلهية أن نشكر الرب على عطية الحياة في جميع أشكالها وأن نعلن في الوقت عينه إنجيل الحياة. تابع الأب الأقدس عظته انطلاقا من قراءات هذا الأحد وتوقف للتأمل عند ثلاث نقاط: أولاً الكتاب المقدس الذي يُظهر لنا الإله الحي، مصدر الحياة، ثانيًا يسوع المسيح الذي يعطينا الحياة والروح القدس الذي يحفظنا في هذه الحياة، وثالثًا إتباع درب الله يقودنا إلى الحياة بينما إتباع الأصنام يقودنا إلى الموت.

قال البابا فرنسيس تخبرنا القراءة الأولى من سفر صموئيل عن الحياة والموت. يظهر لنا الكتاب المقدس المأساة البشريّة على حقيقتها: الخير والشر، الأهواء والخطيئة وتبعاتها. فعندما يريد الإنسان أن يُثبت ذاته واضعًا نفسه مكان الله يصبح عندها شخصًا يزرع الموت حيثما حلَّ، لأن الكبرياء يقود إلى الكذب، وبالكذب يخدع الإنسان نفسه والقريب، لكنه لا يمكنه أن يخدع الله كما قال النبي للملك داود: لقد اْرتَكَبتَ الشَّرَّ في عَينَي الرب (راجع 2 صم 12، 9). يضع النبي الملك أمام أعماله التي ولّدت الموت فيفهم ويطلب الغفران: "قد خَطِئتُ إِلى الرَّبّ" (راجع 2 صم 12، 13)  والرب الرحوم الذي يريد الحياة يغفر له ويعيد إليه الحياة، كما قال له النبي: "إنَّ الرَّبَّ أَيضًا قد نَقَلَ خطيئَتَكَ عنكَ فلا تَموت أنت".

ما هي الصورة التي نحملها عن الله؟ تابع البابا يقول، قد يبدو لنا ديّانًا قاسيًا، كشخص يريد أن يحدّ حريّتنا. لكن الكتاب المقدس يذكرنا أن الله هو الحي الذي يعطي الحياة ويرشدنا إلى ملء الحياة. الله هو مصدر الحياة، فبفضل روحه الذي نفخه فينا نال الإنسان الحياة وروحه هذا هو الذي يعضدنا في مسيرتنا الأرضيّة. أضاف البابا أصدقائي الأعزاء، وحده الله يملأ حياتنا!

تابع البابا فرنسيس يقول أما إنجيل اليوم فيخبرنا عن يسوع الذي يلتقي بامرأة خاطئة خلال جلوسه إلى مائدة الطعام في بيت أحد الفريسيين، الأمر الذي أثار استنكار الحاضرين: فهو لم يسمح لامرأة خاطئة أن تقترب منه فحسب بل غفر لها خطاياها أيضًا. يسوع هو تجسّد الله الحي الذي يحمل الحياة أمام الموت والخطيئة والكبرياء. يسوع يقبل وُيريح، يشجِّع ويغفر، يمنح القوة للسير مجددًا ويعطي الحياة. هذه هي خبرة المرأة التي دهنت بالطيب قدمي الرب: شعرت بأنها مقبولة ومحبوبة وأجابت بواسطة عمل محبة، سمحت لرحمة الله أن تلمسها ونالت الغفران وبدأت حياة جديدة. هذا ما اختبره أيضًا بولس الرسول فيقول: "وإِذا كُنتُ أَحْيا الآنَ حَياةً بَشَرِيَّة، فإِنِّي أَحْياها في الإِيمانِ بِابنِ اللهِ الَّذي أَحبَّني وجادَ بِنَفْسِه مِن أًَجْلي" (غل 2، 20). ما هي هذه الحياة؟ إنها حياة الله نفسها. ومن يُدخلنا في هذه الحياة؟ الروح القدس، عطية المسيح القائم من الموت، هو الذي يدخلنا في الحياة الإلهيّة كأبناء حقيقيين لله، كأبناء في الابن الوحيد يسوع المسيح.

تابع البابا فرنسيس يقول: الله هو الحي، ويسوع المسيح يحمل إلينا حياة الله والروح القدس يُدخلنا ويحفظنا في العلاقة الحيويّة لأبناء الله الحقيقيين. لكن غالبًا ما لا يختار الإنسان الحياة ولا يقبل إنجيل الحياة، وينقاد إلى إيديولوجيات الكبرياء والربح والسلطة التي تعرقل الحياة ولا تحترمها. إنه وهم الإنسان المستمر الذي يريد أن يبني مدينته بدون الله، دون حياته ومحبته، فيستبدل الإنسانُ الله الحي بأصنام بشريّة تقدّم له نشوة لحظة من الحرية لتقوده بعدها إلى عبودية جديدة وموت.

ختم الأب الأقدس عظته بالقول إخوتي وأخواتي الأعزاء لننظر إلى الله كإله الحياة، ولشريعته رسالة الإنجيل كطريق للحريّة والحياة. فالله الحي يحررنا! لنقل نعم للمحبة ولا للكبرياء! نعم للحياة ولا للموت! نعم للحرية ولا لعبودية أصنام زمننا العديدة! بكلمة واحدة لنقل نعم لله الذي هو محبة وحياة وحريّة ولا يخيبنا أبدًا! وأضاف وحده الإيمان بالله الحي يخلصنا، بالإله الذي بيسوع المسيح أعطانا حياته وبعطية الروح القدس يحيينا كأبناء حقيقيين لله. لنطلب من مريم، أم الحياة أن تساعدنا على قبول "إنجيل الحياة" والشهادة له دائمًا.








All the contents on this site are copyrighted ©.