2013-06-01 10:53:16

الإنجيل وقفة تأمل عند كلمة الحياة


في ذلِكَ الزَّمان: لَمَّا أَتَمَّ يسوعُ جَميعَ كَلامِه بِمَسمَعٍ مِنَ الشَّعْب، دَخَلَ كَفَرناحوم. وكانَ لِقائِدِ مِائةٍ عَبدٌ مَريضٌ قد أَشرَفَ على المَوت، وكانَ عَزيزًا علَيه. فلمَّا سَمِعَ بِيَسوع، أَوفَدَ إِلَيه بعضَ أَعيانِ اليَهود، يَسأَلُه أَن يَأَتِيَ فيُنقِذَ عَبدَه. ولَمَّا وصَلوا إِلى يسوع، سأَلوه بِإِلحاحٍ قالوا: "إِنَّهُ يَستَحِقُّ أَن تَمنَحَه ذلك، لأنه يُحِبُّ أُمَّتَنا، وهوَ الَّذي بَنى لَنا المَجمَع". فمَضى يسوعُ معَهم. وما إِن صارَ غَيرَ بَعيدٍ مِنَ البَيت، حتَّى أَرسلَ إِلَيه قائدُ المِائَةِ بَعضَ أَصدِقائِه يَقولُ له: "يا ربّ، لا تُزعِجْ نَفسَكَ، فَإِنِّي لَستُ أَهلاً لأن تَدخُلَ تَحتَ سَقْفي، ولِذلِكَ لم أَرَني أَهلاً لأن أَجيءَ إِلَيك، ولكِن قُلْ كَلِمَةً يُشْفَ خادِمي. فأَنا مَرؤوسٌ ولي جُندٌ بِإِمرَتي، أَقولُ لهذا: اِذهَبْ! فَيَذهَب، وَلِلآخَر: تَعالَ! فيَأتي، ولِعَبدي: اِفعَلْ هذا! فَيَفعَلُه". فلَمَّا سَمِعَ يسوعُ ذلك، أُعجِبَ بِه والتَفَتَ إِلى الجَمعِ الَّذي يَتبَعُه فقال: "أَقولُ لَكم: لم أَجِدْ مِثلَ هذا الإيمانِ حتَّى في إسرائيل". ورَجَعَ المُرسَلون إِلى البَيت، فوَجَدوا العَبدَ قد رُدَّت إِليهِ العافِيَة. (لوقا 7، 1- 10)

 

للتـأمل

يتضح لنا من إنجيل اليوم معنى الإيمان وبُعده الحقيقي. فالإيمان عرض وجواب. هو عرض بسيط وجواب بسيط أيضاً. فقائد المئة أوفد إلى يسوع، وعرض عليه مرض غلامه، والعذاب الشديد الذي يعانيه دون أن يُفصح عن أمر آخر. فمسيرة الإيمان كانت عند قائد المئة بسيطة جداً. الإيمان هو قبل كل شيء، استسلام دون قيد أو شرط بين يدي الله. هو ثقة عمياء بصدقه وأمانته ومحبته. وقد  أجاب الرب سريعاً على عرض قائد المئة.

آمن قائد المئة بأن يسوع وحده قادر على الشفاء، وإيمان الإنسان يجب أن يتمحور حول هذه النقطة فقط: الله وحده يقدر أن يشفي الإنسان من كل أمراضه الجسدية والنفسية. وأخطر مرض هو مرض الخطيئة.

لبّى يسوع نداء الإيمان والثقة به، وأسرع فشفى الغلام المُقعَد. لكنّ الطريق إلى الله، والشفاء عن البُعد عنه يستلزمان تواضعاً. التواضع هو أن يقرّ الإنسان بعجزه وضعفه وحاجته إلى طبيب يعالجه ويعالج مشاكله. ما أعظم هذا التواضع "لست أهلاً أن تدخل تحت سقفي.." "قُل كلمة فقط..." عرف هذا الإنسان نفسه على حقيقتها وعرف الله في حقيقته. عرف أن الله قادر أن يعمل ما يريد، وأنه يرسل ملائكته، يحملون الخير إلى الناس، وأنه يفعل العجائب بكلمة فقط. رؤية الإيمان كانت واضحة جداً عند قائد المئة.

قابلَ بين نفسه وبين الله. هو قائد يأمر فيُطاع، هو يوجّه فيذهب المرسلون سريعاً، يحملون إلى الناس إرادة القائد. "قل كلمة.." لا تعنِّي نفسك وتُتعبها بالذهاب مشياً إلى البيت، فأنا مؤمن بأن كل شيء يخضع لك.

قال بولس الرسول: "بغير الإيمان لا يستطيع أحد أن يرضي الله لأن الذي يدنو إلى الله يجب عليه أن يؤمن بأنه كائن وأنه يثيب الذين يبتغونه. (عبرا 11/6) وقال في مكان آخر "البارّ بالإيمان يحيا" (رومية 1/17). فالإيمان يطهّرنا من خطايانا، ويمنحنا النعمة، ويبرّرنا في نظر الله مبدعنا. إنه أساس حياتنا الروحية والمسيحية التي نستمدّها من الأسرار.

تعلمنا الأناجيل أن الإيمان هو أول شرط يقتضيه الرب في من يرغبون التقرّب إليه. فقد أجاب الأعميين اللذين كانا يصرخان: "رُحْماكَ يا ابْنَ داود!"، "أَتُؤمِنانِ بِأَنِّي قادِرٌ على ذلِك؟" وعند لمسه لأعينهمَا قال: "فَلْيَكُنْ لَكُما بِحَسَبِ إِيمانِكُما." (متى 9/27). كذلك كان جوابه لمرتا: "أَنا القِيامةُ والحَياة مَن آمَنَ بي، وَإن ماتَ، فسَيَحْيا وكُلُّ مَن يَحْيا ويُؤمِنُ بي لن يَموتَ أََبَداً. أَتُؤمِنينَ بِهذا؟" (يو 11/26).

الإيمان هو الشرط الأساسي لعمل يسوع في حياتنا. فمريم المجدلية التائبة سمعت: "مغفورة لك خطاياك." بعد أن عبّرت عن إيمانها بالله. "يا امرأة إيمانك خلصك، إذهبي بسلام." (لو 7/50). واللص غُفر له بعد أن اعترف بلاهوت المسيح. "اذكرني يا رب متى أتيت في ملكوتك." "الحق اقول لك اليوم تكون معي في الفردوس." (لو 23/43).

في هذا الأحد المبارك نرفع صلاتنا إلى الرب قائلين: "لقد آمَنتُ بكَ يا ربي فزدني إيماناً، وعليكَ أتكلتُ يا إلهي فزدني اتكالاً وإني أحِبُكَ يارب فزد حبي اضطراماً. آمين".








All the contents on this site are copyrighted ©.