2013-05-11 14:44:58

الإنجيل وقفة تأمل عند كلمة الحياة


في ذلِكَ الزَّمان: رَفَعَ يَسوعُ عَينَيهِ نَحوَ السَّماءِ، وَصَلّى قائِلاً: "لا أَدْعو لَهم وَحدَهم، بل أَدْعو أَيضًا لِلَّذينَ يُؤمِنونَ بي عن كلامِهم. فَلْيكونوا بِأَجمَعِهم واحِدًا: كَما أَنَّكَ فِيَّ، يا أَبَتِ، وأَنا فيك، فَلْيكونوا هُم أَيضًا فينا، لِيُؤمِنَ العالَمُ بِأَنَّكَ أَنتَ أَرسَلتَني. وَأنا وَهَبتُ لَهم ما وَهَبْتَ لي مِنَ المَجْد، لِيَكونوا واحِدًا كما نَحنُ واحِد: أَنا فيهِم وأَنتَ فِيَّ، لِيَبلُغوا كَمالَ الوَحدَة، ويَعرِفَ العالَمُ أَنَّكَ أَنتَ أَرسَلتَني، وأَنَّكَ أَحبَبتَهم كَما أَحبَبتَني. يا أَبَتِ، إِنَّ الَّذينَ وهَبتَهم لي، أُريدُ أَن يَكونوا معي حَيثُ أَكون، فيُعايِنوا ما وَهَبتَ لي مِنَ المَجد، لأَنَّكَ أَحبَبتَني قَبلَ إِنشاءِ العالَم. يا أَبتِ العادِل، إِنَّ العالَمَ لم يَعرِفْكَ، أَمَّا أَنا فقَد عَرَفتُكَ، وعَرَفَ هؤلاءِ أَنَّكَ أَنتَ أَرسَلتَني. عَرَّفتُهم بِاسمِكَ وسأُعَرِّفُهم بِه، لِتَكونَ فيهمِ المَحبَّةُ الَّتي أَحبَبتَني إِيَّاها، وأَكونَ أَنا فيهِم". (يوحنا 17، 20- 26)

 

للتأمل

في الليلة التي قبل آلامه وموته يكل يسوع بتلاميذه إلى الآب، ويصلي من أجلهم سائلا الله أن يحفظهم بِاسمه الَّذي وَهَبه له، لِيَكونوا واحِدًا كما هو والآب والروح القدس واحد، أي ليكونوا على صورة ومثال الثالوث الأقدس.

فيسوع لا يطلب من الآب أن يكون تلاميذه متحدين وأمينين له فقط، إنما يطلب لهم حياة الثالوث الأقدس "لِيَكونوا واحِدًا كما نَحنُ واحِد" فهو يريد أن يعيد الإنسان إلى مشروع حب الله الأول، حيث لا خوف ولا خطيئة.

يصلي يسوع إلى الآب ليحفظ تلاميذه من الشرّ، من الانقسام والكذب، من الشيطان الذي يحاول منذ الخلق أن يشوّه صورة ومثال الله فينا. فوحده الحق يوحدنا وبقدر ما نتغذى من كلمة الحق، يقيم المسيح فينا ونقيم في الله. قال يسوع "كَرِّسْهُم بالحَقّ، إِنَّ كلِمَتَكَ حَقّ" هذا الحق هو المحبة، كلمة الله المتجسد الذي به خاطبنا ليغمرنا بحبه اللامتناهي ويعيد خليقته إلى التناغم الأول عندما "كان الرب الإله يمشي في الجنة عند هبوب ريح النهار" (تكوين3، 8).

"يا أَبَتِ القُدُّوس اِحفَظْهم بِاسمِكَ الَّذي وَهَبتَه لي" أي أرسل لهم روحك القدوس، روح حبك، "لِيَكونوا واحِدًا كما نَحنُ واحِد" هذه الوحدة هي الحب الذي يكتمل بالاتحاد الكامل بالآخر ويصل بنا إلى إخلاء الذات من أجل الآخر على مثال يسوع المسيح فندخل معه في سرّ موته وقيامته.

"كَمَا أَرسَلَتني إِلى العالَم، فكَذلِكَ أَنا أَرسَلتُهم إِلى العالَم، وأُكَرِّسُ نَفْسي مِن أَجلِهمِ، لِيَكونوا هم أَيضًا مُكَرَّسينَ بِالحَقّ" يدعونا يسوع المسيح لتكون لنا الحياة وتكون بملئها وليكون فرحنا تاما، يريدنا يسوع أن نحيا الفرح الحقيقيّ والكامل: يريد أن نبني كياننا، وأن نحيا فرح القلب، الفرح الحقيقيّ والدائم، ونفتّش عن الحقيقة الأبديّة ونشارك الآخرين في الفرح الّذي نلناه.

يدعونا إنجيل اليوم لندخل العليّة حيث صلّى يسوع ونتّحد بصلاته طالبين نعمة الروح القدس لكي تتحقق الوحدة التي أرادها يسوع فينا، في عائلاتنا، في جماعاتنا وفي كنائسنا، لكي يُشع أكثر فأكثر بهاء وجمال صورة الله علينا.

لنكُن قلباً واحداً، لأن الانقسام موجود، ولا يمكن للروح أن يقوم بعمله، لنكن مواظبين على الصلاة، لأن الروح لا يمكنه أن يأتي إلا لمن ينتظرونه بتواضع، ولننظر إلى مريم، لنتعلم منها كيف يمكن للروح أن يُظللنا، كما ظلل العذراء عندما أجابت "ها أنا أمَةُ الربّ" (لو 1، 35-38).

نشكرك أيها الآب السماوي، إله المحبة والوحدة، من أجل ابنك يسوع الذي جاء إلى عالمنا لكي يعرّفنا أسمك، فمجّدك حين أتمّ المهمة التي سلّمتها إليه، وهو لا يزال يمجّدك حين يقدّم ذاته لنا في الكلمة التي نسمعها والخبز الذي يغذينا. بما أنه فينا، فامنحنا أن نشعّ حضورك بالصلاة والحب الأخوي والفرح والوحدة. لك المجد إلى الأبد.








All the contents on this site are copyrighted ©.