2013-03-24 11:10:34

البابا يترأس قداس أحد الشعانين ويدعو الشباب قائلا: اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم


ترأس البابا فرنسيس صباح اليوم قداس أحد الشعانين في ساحة القديس بطرس، بارك خلاله سعف النخيل وأغضان الزيتون، بحضور حشد غفير من المؤمنين والحجاج، قدموا من أنحاء مختلفة من العالم، واستهل عظته قائلا يدخل يسوع إلى أورشليم. يرافقه جمع التلاميذ في جو من العيد، الثياب تُبسط أمامه ويُتحدث عن المعجزات التي صنعها وترتفع صرخة التسبيح: "تباركَ الملِكُ الآتي، باسمِ الربّ! السّلامُ في السّماء! والمجدُ في العُلى!" (لو 19،38).

تابع البابا يقول جموع، عيد، تسبيح، بركة، سلام: يتنسم المرء جوًا من الفرح. لقد أيقظ يسوع في القلب آمالا كثيرة لاسيما بين الناس المتواضعين، والبسطاء، الفقراء، والمنسيين، أولئك الذين لا قيمة لهم في نظر العالم. لقد فهم يسوع المآسي البشرية، وأظهر وجه رحمة الله، لقد انحنى ليشفي الجسد والنفس. هذا هو يسوع. هذا هو قلبه الذي ينظر إلى الجميع، ينظر إلى أمراضنا وخطايانا. كبيرٌ هو حب يسوع. وبهذا الحب يدخل إلى أورشليم وينظر إلينا جميعًا! إنه لمشهد رائع: مليء بالنور، نور محبة يسوع وبالفرح والعيد.

أضاف الأب الأقدس: هذا ما ردّدناه نحن أيضًا في بداية القداس. لقد لوّحنا بسعف النخل وأغصان الزيتون، وأنشَدنا :"مباركٌ الملك الآتي باسم الربّ"؛ نحن أيضا استقبلنا يسوع؛ نحن أيضا عبّرنا عن فرحنا بمرافقته، بمعرفة أنه قريب، حاضر فينا وفي وسَطنا، كصديقٍ وأخ، وكملكٍ أيضا، أي كمنارة مضيئة لحياتنا. وهنا تأتينا الكلمة الأولى: فرح! لا تكونوا أبدًا رجالاً ونساء تعساء. لا يمكن للمسيحيّ أن يكون تعيسًا! لا تدَعوا انفسكم فريسةً للإحباط! ففرحنا لا ينبع من امتلاك أشياء كثيرة، وإنّما من لقائنا بشخص: بيسوع، من معرفة أننا معه لسنا أبدًا وحيدين، حتّى في الأوقات الصعبة، حتى عندما تواجِه مسيرةَ حياتنا مشاكل وعوائق يبدو لنا أنّه لا يمكن تخطّيها، وما أكثرها! نحن نرافق يسوع ونتبعه، وبالأخصّ نعرف أنّه يرافقنا ويحملنا على كتفيه: هنا يكمن فرحُنا، الرجاء الذي يجب أن نحمله في عالمنا هذا. فلنحمل للجميع فرحَ الإيمان!

ولكنّنا نتساءل: لماذا يدخل يسوع إلى أورشليم؟ لا بل: كيف يدخل يسوع إلى أورشليم؟ الجمع يعلنه ملِكًا. وهو لا يعترض ولا يُسكِته (راجع لو 19، 39 ـ40). ولكن أي نوع من الملوك هو يسوع؟

تابع البابا فرنسيس يقول، فلنُحدّق إليه: يركب جحشاً، لا تتبعه حاشية، لا يحيط به جيشٌ كعلامة قوّة. يستقبله أناسٌ متواضعون وبسطاء. فيسوع لا يدخل إلى المدينة المقدّسة لينالَ الامتيازات المخصصّة للملوك الأرضيّين ولذَوي السلطة والحكّام؛ يدخل ليُجلَد ويُحتقر ويُهان، كما يعلن مسبقًا أشعيا في القراءة الأولى (راجع أش 50، 6)؛ يدخل ليتلقّى إكليلاً من شوك، وعصا ورداءً من أرجوان، لتصبح ملوكيّته محطّ سخرية؛ يدخل ليصعد الجلجلة حاملاً خشبة. وها هي إذًا الكلمة الثانية: صليب. يدخل يسوع إلى أورشليم ليموت على الصليب. وهنا يسطَعُ كونَه ملكًا بحسب الله: فعرشه الملوكيّ هو خشبة الصليب!

أضاف البابا: يقول يسوع أمام بيلاطس: أنا ملك؛ ولكنّ قوّته هي قوّة الله، التي تواجه شرّ العالم، والخطيئة التي تشوّه وجه الإنسان. يأخذ يسوع على عاتقه الشر والرجاسة وخطيئة العالم، وكذلك خطيئتنا، ويغسلها، يغسلها بدمه وبرحمته وبمحبة الله. فلننظر من حولنا: كم من الجراح التي يفرضها الشرّ على البشريّة! حروب وعنف وصراعات اقتصادية تصيب الأكثر ضعفًا، وجشع للمال والسلطة، فساد وانقسامات وجرائم ضدّ الحياة الإنسانيّة وضدّ الخليقة! بالإضافة إلى خطايانا الشخصيّة: النّقص في المحبة والاحترام تجاه الله وتجاه القريب وتجاه الخليقة كلّها. لقد شعر يسوع فوق الصليب بكلّ ثقل الشرّ وانتصر عليه بقوّة محبّة الله، وهزمه بقيامته.

تابع الحبر الأعظم يقول: يجتمع اليوم في هذه الساحة العديد من الشّباب: فمنذ 28 سنة وأحد الشعانين هو يوم الشبيبة! وها هي الكلمة الثالثة: الشباب! أيها الشباب الأعزّاء، أتخيّلُكم وأنتم تحتفلون حول يسوع وتلوّحون بأغصان الزيتون، أتخيّلكم وأنتم تصرخون باسمه معبّرين عن فرحكم بكونكم معه! أنتم تحتلّون مكانًا مميّزًا في عيد الإيمان! أنتم تحملون إلينا فرح الإيمان وتقولون إنّه علينا عيش الإيمان دائما بقلب شابّ، حتى في السبعين والثمانين من عمرنا! مع المسيح لا يشيخ القلب أبدًا! لكنّنا جميعنا نعرف، وأنتم تعرفون جيّداً، أنّ الملك الذي نتبعه والذي يرافقنا مميَّزٌ جدا: إنه ملِكٌ يحبّ حتى الصليب، ويعلّمنا أن نخُدم وأن نحبّ. وأنتم لا تخجلون من صليبه! لا بل تعانقونه، لأنّكم قد فهمتم أنّه في هبة الذات ينال المرءُ الفرح الحقيقيّ، وأن الله قد انتصر على الشرّ بالمحبة. إنّكم تحملون "الصليب الحاجّ" عبر كل القارات وعلى دروب العالم! تحملون جوابًا على دعوة يسوع. "اذهَبوا وتَلمِذوا جميعَ الأُمَم" (راجع متى 28، 19)، وهو موضوع يوم الشبيبة العالمي لهذا العام. تحملون الصليب لتقولوا للجميع إنّ يسوع على الصليب قد هدم جدار العداوة الذي يفصل البشر والشعوب، وحمل المصالحة والسلام.

ختم الأب الأقدس عظته مترئسا قداس أحد الشعانين بالقول: أصدقائي الأعزاء، أنا أيضا أسير معكم، على خطى الطوباويّ يوحنا بولس الثاني وبندكتس السادس عشر. لقد أصبحنا قريبين من المرحلة المقبلة من هذا الحج الكبير لصليب المسيح. أتطلّع بفرح نحو شهر يوليو تموز القادم، نحو ريو دي جانيرو! أُعطيكم موعدًا في تلك المدينة البرازيلية الكبيرة! استعدّوا جيًدا، لاسيما روحيًّا في جماعاتكم، ليكون هذا اللقاء علامةَ إيمانٍ للعالم أجمع. نعيش فرح السير مع يسوع، فرح أن نكون معه، حاملين صليبه، بمحبة وبروح شبابٍ دائم! لنطلب شفاعة العذراء مريم. فهي تعلّمنا فرحَ اللقاء بالمسيح، والمحبةَ التي يجب أن ننظر بها إليه تحت الصليب، وحماسة القلب الشاب الذي به يجب أن نتبعه في أسبوع الآلام هذا وفي كلّ حياتنا.








All the contents on this site are copyrighted ©.