2013-03-16 18:03:23

الإنجيل وقفة تأمل عند كلمة الحياة


في ذَلك الزَّمان: ذَهَبَ يسوعُ إِلى جَبَلِ الزَّيتون. وعادَ عِندَ الفَجرِ إِلى الهَيكلَ، فأَقبَلَ إِلَيهِ الشَّعبُ كُلُّه. فجلَسَ وجَعلَ يُعَلِّمُهم. فأَتاهُ الكَتَبةُ والفِرِّيسيُّونَ بِامرَأَةٍ أُخِذَت في زنًى. فأَقاموها في وسَطِ الحَلقَةِ وقالوا له: "يا مُعَلِّم، إِنَّ هذِه المَرأَةَ أُخِذَت في الزِّنى المَشْهود. وقد أَوصانا مُوسى في الشَّريعةِ بِرَجْمِ أَمثالِها، فأَنتَ ماذا تقول؟" وإِنَّما قالوا ذلكَ لِيُحرِجوهُ فيَجِدوا ما يَشْكونَه بِه. فانحنَى يسوعُ يَخُطُّ بِإِصبَعِه في الأَرض. فلَمَّا أَلحُّوا علَيه في السُّؤال اِنتَصَبَ وقالَ لَهم: "مَن كانَ مِنكُم بلا خَطيئة، فلْيَكُنْ أَوَّلَ مَن يَرميها بِحَجَر!" ثُمَّ انحَنى ثانِيةً يَخُطُّ في الأَرض. فلَمَّا سَمِعوا هذا الكَلام، انصَرَفوا واحِدًا بَعدَ واحِد يَتَقدَّمُهم كِبارُهم سِنًا.  وَلَبِثَ يسوعُ وَحدَهُ والمَرأَةُ في وَسَطِ الحَلْقَة. فانتَصَبَ يسوعُ وقالَ لَها: "أَينَ هُم، أَيَّتُها المَرأَة؟ أَلَم يَحكُمْ عَليكِ أحَد؟" فقالت: "لا، يا ربّ". فقالَ لها يسوع: "وأَنا لا أَحكُمُ علَيكِ. إِذهَبي ولا تَعودي إِلى الخَطيئة".



للتـأمل

يدعونا الرب في قمّة زمن الصوم ومن على جبل الزيتون إلى عدم الحكم الظالم على الآخرين وإلى المغفرة والرحمة: "وأَنا لا أَحكُمُ علَيكِ. اذهبي ولا تَعودي إِلى الخَطيئة". مشهد المرأة الزانية في إنجيل اليوم يضعنا أمام مسالتين أساسيتين: أولاً الجدال حول مسالة قانونيّة: "قد أَوصانا مُوسى في الشَّريعةِ بِرَجْمِ أَمثالِها". وثانيًا موقف يسوع الذي أتى مضادًا للشريعة وممثليها: "اذهبي ولا تَعودي إِلى الخَطيئة". وموقفه هذا لا يأتي للهروب من العدالة، ويبدو لنا ذلك جليًّا عندما قال للكتبة والفريسيين: "مَن كانَ مِنكُم بلا خَطيئة، فلْيَكُنْ أَوَّلَ مَن يَرميها بِحَجَر!" بل ليضع كلٌّ منهم أمام ضعفه وخطيئته.

نستخلص من إنجيل اليوم أنه لا يحق لأحد أن يُعلن حكمًا إلا إذا كان بلا خطيئة. فجواب يسوع لا يتوجّه إلى قضاة رسميين يسألونه نصيحة، بل إلى أشخاص يحاولون أن يهلكوه بسبب الموقف الذي اتخذه. أول ما نكتشفه في إنجيل اليوم هو أن يسوع هو المعلّم: "ذَهَبَ يسوعُ إِلى جَبَلِ الزَّيتون. وعادَ عِندَ الفَجرِ إِلى الهَيكلَ، فأَقبَلَ إِلَيهِ الشَّعبُ كُلُّه. فجلَسَ وجَعلَ يُعَلِّمُهم". ومنذ البداية يظهر التعارض بين الكتبة والفريسيين، المفسرين الرسميين للشريعة وبين يسوع مشرّع العهد الجديد، المحبّة. "أَوصانا مُوسى في الشَّريعةِ بِرَجْمِ أَمثالِها، فأَنتَ ماذا تقول؟

وقف يسوع وجهًا لوجه أمام الشريعة. خضع لمحنة صعبة قد تدل على ضعفه أو قوته. فناموس الموت يعاقب برجم المرأة، يحكم عليها وحدها ولا يقول شيئًا عن الرجل الذي خطئت معه، والذي يتحمل أيضا مسؤوليّة خطيئته. جاء جواب يسوع لبقًا، في البداية بقي صامتًا وانحنَى يَخُطُّ بِإِصبَعِه في الأَرض. يقول القديس إيرونيموس: "إن يسوع دوّن خطايا متّهميها على التراب" لقد رسم يسوع خطوطًا على الأرض ليطول الصمت ويعطي الحكم الآتي أهميّته. ولما ألحّ القضاة في السؤال، أحالهم يسوع إلى وضعهم كخطأة:"مَن كانَ مِنكُم بلا خَطيئة، فلْيَكُنْ أَوَّلَ مَن يَرميها بِحَجَر!"، انصَرَفوايجرّون أذيال الخيبة واحِدًا بَعدَ واحِد يَتَقدَّمُهم كِبارُهم سِنًا، ولم يبقى إلا ذلك الذي لم يعرف الخطيئة والمرأة التي أعلنت خطيئتها. يقول القديس أغوسطينوس: "بقي اثنان في الساحة المرأة التعيسة والرحمة اللامتناهية". فانتَصَبَ يسوعُ وقالَ لَها: "أَينَ هُم، أَيَّتُها المَرأَة؟ أَلَم يَحكُمْ عَليكِ أحَد؟" فقالت: "لا، يا ربّ". فقالَ لها يسوع: "وأَنا لا أَحكُمُ علَيكِ. إِذهَبي ولا تَعودي إِلى الخَطيئة".








All the contents on this site are copyrighted ©.