2013-03-08 13:54:59

بندكتس السادس عشر: نار الروح القدس تُبرز أفضل ما في الإنسان، وتُظهر دعوته للحقيقة والحب


يلتئم مجمع الكرادلة بالصلاة لاستدعاء الروح القدس: هذه هي إحدى صور الجمعيّة العامة الأولى في هذه المرحلة التاريخية التي تعيشها الكنيسة في مسيرتها لانتخاب حبر أعظم جديد. وكان البابا بندكتس السادس عشر خلال حبريته التي دامت ثماني سنوات قد توقف مرارًا للتأمل حول أهميّة استدعاء الروح القدس في حياتنا. "التفاهم بين الرسل شرط لحلول الروح القدس، والتفاهم يشترط الصلاة" بهذه الكلمات من عظة البابا بندكتس السادس عشر في عيد العنصرة يبدو لنا وكأنه يترك رسالة للكنيسة التي تعيش هذه الأيام الخاصة. وصورة الكرادلة المجتمعين بالصلاة في الفاتيكان تعيد إلى ذاكرتنا صورة الرسل المجتمعين في العليّة بانتظار حلول الروح القدس الذي يفتتح مرحلة جديدة من حياة الكنيسة. فالمسيحي بحاجة لعنصرين أساسيين في حياته: "فالروح القدس للحياة الروحية كالهواء للحياة البيولوجية وكما أن هناك تلوثا في الجو يسمم البيئة والكائنات الحية، هناك أيضا تلوث القلب والروح الذي يعذب ويسمم الوجود الروحي". يشرح البابا بندكتس السادس عشر أن هذا التسمّم ناجم عن تزايد الاستقلاليّة حتى عن الله، وذكر مرات عديدة أن البشريّة قد دفعت غاليًا ثمن هذه الاستقلاليّة بسبب الذين لم تعد تتقد فيهم نار الله: "كم هي مختلفة هذه النار عن نار الحروب والقنابل! كم هي مختلفة نار المسيح الذي نشرتها الكنيسة، عن نار الطغاة الذين، في كل حقبة وحتى في القرن الماضي، يتركون وراءهم أرضا محروقة. نار الله، نار الروح القدس هي نار العُليّقة التي تشتعل دون أن تُحرق، هي شعلة متوهجة ولكنها لا تدمر، بل باشتعالها تُبرز أفضل ما في الإنسان، وتُظهر دعوته للحقيقة والحب."

إنها الشعلة التي بها أعطى المسيح هيكليّة للكنيسة والتي بها فيما بعد أنار الرسل العالم: "فمنذ اللحظة الأولى، خلق الروح القدس الكنيسة كنيسة لكل الشعوب، تعانق العالم بأسره وتتخطى حدود العرق والطبقة وتُسقط جميع الحواجز وتجمع البشر بالإيمان بالإله الواحد والثالوث. فمنذ البدء كانت الكنيسة كاثوليكيّة ورسوليّة: وهذه هي طبيعتها الحقيقيّة والتي يجب أن تُعرف بها. إنها مقدّسة ولكن ليس بفضل أعضائها، بل لأن الله بنفسه وبروحه يخلقها، يطهّرها ويقدّسها دائمًا."

وفي "عليّة" الكرادلة، حيث يُستدعى الروح القدس بلا انقطاع، يطيب لنا أن نسمع مجددًا الصلاة نفسها التي رفعها البابا بندكتس السادس عشر منذ ثلاث سنوات، في عظته مترأسًا قداس عيد العنصرة إذ قال: "تعال أيها الروح القدس! أضرم فينا نار محبّتك! نعلم أن صلاتنا هذه، صلاة جريئة نطلب بها أن تلمسنا شعلة الله، لكننا نعرف خاصة أن هذه الشعلة وحدها قادرة أن تخلّصنا. نحن لا نريد دفاعًا عن حياتنا الأرضيّة أن نخسر تلك الأبديّة التي يريد الله أن يعطينا إياها. نحن بحاجة لنار الروح القدس لأن الحب وحده يخلّص. آمين".








All the contents on this site are copyrighted ©.