2013-02-27 14:48:32

في مقابلته العامة مع المؤمنين البابا بندكتس السادس عشر: الله بقربنا ويغمرنا بمحبّته


أجرى البابا بندكتس السادس عشر صباح اليوم الأربعاء مقابلته العامة مع المؤمنين في ساحة القديس بطرس بالفاتيكان، واستهل تعليمه الأسبوعي الأخير في حبريته بالقول: أشكركم على حضوركم الكبير في هذه المقابلة العامة الأخيرة من حبريّتي. على مثال الرسول بولس أشعر في قلبي أنا أيضا بواجب رفع الشكر لله الذي يقود وينمّي الكنيسة التي تزرع كلمته وتغذي إيمان شعبه. وفي هذا الوقت ينفتح قلبي ليغمر الكنيسة بأسرها المنتشرة في العالم، وأشكر الله بعد "سماعي" خلال سنوات خدمتي البطرسيّة بالإيمان بيسوع المسيح والمحبّة التي تسري في جسد الكنيسة وتحييه والرجاء الذي يفتحنا ويوجهنا نحو ملء الحياة، نحو الوطن السماوي.

تابع البابا يقول أحمل الجميع في صلاتي، في حاضر هو لله أضع فيه كل لقاء وسفر وزيارة راعوية. أصلّي للجميع وأكلهم للرب: لنمتلئ من معرفة مشيئته في كل شيء من الحكمة والإدراك الروحي، ولنَسِر سيرة جديرة بالرب وبمحبته، ولنثمر في كل عمل صالح (قولوسي 1، 9- 10).

أضاف الأب الأقدس يقول في هذا الوقت أشعر بثقة كبيرة لأنني أعرف، وكلنا نعرف أن كلمة الإنجيل الحقّة هي قوّة الكنيسة وحياتها. الإنجيل يُطهِّر ويُجدِّد ويُثمر حيث تسمعه جماعة المؤمنين وتقبل نعمة الله في الحق وتحيا بالمحبة، وهذه هي ثقتي وهذا هو فرحي! فمنذ ثماني سنوات وعند قبولي الخدمة البطرسيّة، كانت لدي هذه الثقة عينها وقد رافقتني دائما. في تلك اللحظة وكما قلت مراراً: الكلمات التي ترددت في قلبي كانت: يا رب، ماذا تطلب منّي؟ إنه حِملٌ كبيرُ تضعه على كتفيّ ولكن لأجل كلمتك أرمي الشباك واثقاً بأنك ستقودني. ولقد قادني الرب حقا وكان بقربي، وقد شعرت يوميا بحضوره. وإذا بي كالقديس بطرس مع الرسل في السفينة على بحيرة الجليل: لقد أعطانا الرب أياماً مشمسة كان فيها الصيد وافراً، ولكننا عرفنا أيضاً أوقاتاً كانت فيها المياه هائجة والريح معاكسة تماما وبدا لنا أن الرب نائم. لكنني كنت مدركا دائما أن الرب حاضر في تلك السفينة وأن سفينة الكنيسة ليست لي ولا لنا بل للربّ ولن يتركها تغرق.

تابع الأب الأقدس يقول في سنة الإيمان التي أردتها لتعزيز إيماننا بالله، أدعوكم لتجددوا ثقتكم الثابتة بالرب وتستسلموا كالأطفال بين ذراعي الله، واثقين أن هاتين الذراعين تعضدانا دائماً وهما اللتان تسمحان لنا بالسير يوميا بالرغم من التعب. أريد أن يشعر كلٌّ منكم بأنه محبوب من الله الذي وهب ابنه من أجلنا وأظهر لنا محبته التي لا تعرف الحدود. أريد أن يشعر كلٌّ منكم بالفرح لكونه مسيحيّ. نعم، نحن نفرح بعطيّة الإيمان، إنها الخير الأثمن الذي لا يمكن لأحد أن ينتزعه منا.

أضاف البابا يقول في هذا الوقت، لا أريد أن أشكر الله فقط. فالأب الأقدس ليس وحده في قيادة سفينة بطرس، وأنا لم أشعر أبداً بأنني وحدي في حمل فرح وثقل الخدمة البطرسيّة، فلقد وضع الرب بقربي أشخاصا كثيرين، ساعدوني بكرمهم ومحبتهم لله والكنيسة. أولاً أنتم يا أخوتي الكرادلة الأعزاء: فحكمتكم ونصائحكم وصداقتكم كانت ثمينة بالنسبة لي، ومعاونيَّ بدءاً من أمين سرّ حاضرة الدولة الذي رافقني بأمانة خلال هذه السنوات، أمانة سرّ الدولة والكوريا الرومانية بأسرها، كما أيضا جميع العاملين في مختلف القطاعات في خدمة الكرسيّ الرسولي: وجوه كثيرة تعمل في الخفاء بصمت، والتزام يوميّ، بروح إيمان وتواضع وكانوا لي العضد الأمين والأكيد. أتوجّه بشكر خاص لكنيسة روما أبرشيّتي! لا يمكنني أن أنسى إخوتي في الأسقفيّة والكهنوت، الأشخاص المكرسين وشعب الله بكامله: لقد لمست دائما خلال الزيارات الراعوية، واللقاءات، المقابلات العامة والسفر، اهتماما كبيرا ومحبة عميقة، وأنا أيضا أحببت الجميع بدون تفرقة، بتلك المحبّة الراعوية التي هي قلب كل راع وبخاصةٍ أسقف روما وخليفة الرسول بطرس.

تابع الحبر الأعظم يقول أود أن يصل سلامي وشكري للجميع: قلب البابا ينفتح على العالم بأسره، أشكر السلك الدبلوماسي لدى الكرسي الرسولي الذي يمثِّل بحضوره عائلة الدول الكبيرة. أشكر أيضا من كل قلبي جميع الأشخاص في كلّ العالم، والذين خلال الأسابيع الأخيرة قد بعثوا لي برسائل مؤثرة مفعمة بالاهتمام والصداقة والصلاة. نعم، البابا ليس أبدا وحده، والآن اختبر ذلك مرة أخرى بشكل كبير يلمس القلب، البابا للجميع وكثيرون هم الأشخاص الذين يشعرون بقربهم منه. أضاف البابا يقول هنا يمكننا أن نلمس لمس اليد ماهيّة الكنيسة، فهي ليست منظَّمة، ولا جمعية ذات أهداف دينيّة أو إنسانيّة، بل هي جسد حيّ، شركة إخوة وأخوات في جسد يسوع المسيح الذي يجمعنا جميعاً. أن نختبر الكنيسة بهذا الشكل ونلمس بأيدينا قوّة حقيقتها ومحبّتها، هو دافع فرح، في زمن يتحدث فيه الكثيرون عن انحطاطها.

في هذه الأشهر الأخيرة، شعرت بأن قواي قد ضَعُفت وطلبتُ من الله بإلحاح بالصلاة أن ينيرني لأتخذ القرار الصحيح من أجل خير الكنيسة، وقد أقدمت على هذه الخطوة مدركاً خطورتها وجِدَّتها أيضا، وإنما بسكينة روح عميقة. فمحبة الكنيسة تعني أيضا الشجاعة للقيام بالخيارات الصعبة والمؤلمة واضعين دائما في المرتبة الأولى خير الكنيسة.

تابع البابا يقول أشكر الجميع أيضا على الاحترام والتفهم اللذين قبلتم بهما قراري الكبير هذا. سأرافق مسيرة الكنيسة بالصلاة والتأمل، بالتفاني عينه للرب وعروسه الذي حاولت أن أعيشه يوميا حتى اليوم وأريد أن أعيشه دائما. أطلب منكم أن تذكروني أمام الله، ولاسيما أن تصلوا من أجل الكرادلة، وخليفة بطرس الجديد: ليرافقه الرب بنور وقوة روحه.

وختم البابا بندكتس السادس عشر تعليمه الأسبوعي بالقول: لنطلب شفاعة العذراء مريم أم الله والكنيسة لترافق كلاً منا والجماعة الكنسيّة بأسرها، ولنكل بذواتنا إليها بثقة عميقة. أصدقائي الأعزاء، الله يقود كنيسته، ويعضدها دائما ولاسيما في الصعوبات. لا نفقِدنَّ أبداً نظرة الإيمان هذه، النظرة الحقيقية الوحيدة لمسيرة الكنيسة والعالم. ليكن دائما في قلبنا، وفي قلب كلٍّ منكم الثقة بأن الرب قريب منّا، ولا يتركنا، إنه بقربنا ويغمرنا بمحبّته.








All the contents on this site are copyrighted ©.