2013-02-09 13:43:21

الإنجيل وقفة تأمل عند كلمة الحياة


فَي ذَلكَ الزمَان: ازْدَحَمَ الـجَمعُ علَى يسوع لِسَماعِ كَلِمَةِ الله، وهُوَ قائمٌ على شاطِئِ بُحَيْرَةِ جِنَّاسَرِت. فَرَأَى سَفينَتَينِ راسِيَتَينِ عِندَ الشَّاطِئ، وقد نَزَلَ مِنهُما الصَّيَّادونَ يَغسِلونَ الشِّباك. فصَعِدَ إِلى إِحْدى السَّفينَتَين وكانَت لِسِمعان، فسأَلَه أَن يُبعِدَ قَليلاً عنِ البَرّ. ثُمَّ جَلَسَ يُعَلِّمُ الـجُموعَ مِنَ السَّفينَة. ولـمَّا فَرَغَ مِن كَلامِه، قالَ لِسِمعان: "سِرْ في العُرْض، وأَرسِلوا شِباكَكُم لِلصَّيد." فأَجابَ سِمعان: "يا مُعَلِّم، تَعِبْنا طَوالَ اللَّيلِ ولَم نُصِبْ شَيئًا، ولكِنِّي أُرسِلُ الشِّباكَ بِناءً على قَولِكَ." وفعَلوا فأصابوا مِنَ السَّمَكِ شَيئًا كثيرًا جدًا، وكادَت شِباكُهُم تَتَمَزَّق. فأَشاروا إِلى شُرَكائِهم في السَّفينَةِ الأُخرى أَن يَأتوا ويُعاوِنوهم. فأَتَوا، ومَلأُوا كِلْتا السَّفينَتَينِ حتَّى كادَتا تَغرَقان. فلَمَّا رأَى سِمعانُ بُطرُسُ ذَلِكَ، اِرتَمى عِندَ رُكبَتَي يَسوعَ وقال: "يا ربّ، تَباعَدْ عَنِّي، إِنِّي رَجُلٌ خاطِئ." وكانَ الرُّعْبُ قدِ استَولى علَيهِ وعلى أَصحابهِ كُلِّهم، لِكَثَرةِ السَّمَكِ الَّذي صادوه. ومِثلُهُم يَعقوبُ ويوحنَّا ابنا زَبدَى، وكانا شَريكَي سِمْعان. فقالَ يسوعُ لِسِمْعان: "لا تَخَفْ! سَتَكونُ بَعدَ اليَومِ لِلنَّاسِ صَيَّادًا." فرَجَعوا بِالسَّفينَتَينِ إِلى البَرّ، وتَركوا كُلَّ شَيءٍ وتَبِعوه. (لوقا 5، 1- 11)

 

للتـأمل

تدعونا قراءات هذا الأحد للتأمل حول موضوع الدعوة. فالنبيّ أشعيا قد رأى مجد الرب قبل أن ينطلق في رسالته، والرسل الإثني عشر حملوا البشرى السارة للعالم بعد أن تراءى لهم القائم من الموت، وبعد الصيد العجيب ترك التلاميذ كلّ شيء وتبعوا الرب ليكونوا صيادي بشر.

في العهد القديم أظهر الله ذاته لأشعيا بأنه "القدوس، رب الجنود" الذي امتلأت السماء من مجده، وأمامه فهم النبي ضعفه ورأى خطيئته فأعلن:"وَيلٌ لي، قد هَلَكتُ لأَنَّي رَجُلٌ دَنِسُ الشَّفَتَين، وأَنا مُقيمٌ بَينَ شَعبٍ دَنِسي الشِّفاه، وقَد رَأَت عَينايَ المَلِكَ رَبَّ الجُنود". أمام عظمة الله ورحمته يفهم الإنسان ضعفه ويعترف بخطيئته، تماماً كما بطرس الذي وأمام اعتلان المسيح له اِرتَمى عِندَ رُكبَتَي يَسوعَ وقال: "يا ربّ، تَباعَدْ عَنِّي، إِنِّي رَجُلٌ خاطِئ." فمن اختبر الله في حياته لا يمكنه إلا أن يعلن عن محبة الله وعظمته، وأن يدعو للتوبة والعودة إليه لنساهم جميعنا في تحقيق مشروع حبه الخلاصيّ للبشريّة.

أما في العهد الجديد، يظهر الله ذاته مرّة أخرى ويكلمنا من خلال ابنه الوحيد، فيدعونا مجدداً من خلال يسوع المسيح المتجسد والقائم من الموت لنتبعه ونسير معه. يكتب القديس بولس في رسالته إلى أهل روما: "وإِنَّنا نَعلَمُ أَنَّ جَميعَ الأشياءِ تَعمَلُ لِخَيْرِ الَّذينَ يُحِبُّونَ الله، أُولئِكَ الَّذينَ دُعُوا بِسابِقِ تَدْبيرِه. ذلك بأَنَّه عَرَفَهم بِسابِقِ عِلمِه وسَبَقَ أَن قَضى بِأَن يَكونوا على مِثالِ صُورَةِ ابنِه لِيَكونَ هذا بِكْراً لإِخَوةٍ كَثيرين. فالَّذينَ سَبَقَ أَن قَضى لَهم بِذلك دَعاهم أَيضاً، والَّذينَ دَعاهُم بَرَّرَهم أَيضاً والَّذينَ بَرَّرَهم مَجَّدَهُم أَيضاً." (روم 8، 28- 30) بيسوع نصبح أبناءً لله مخلّصين، وشركاءً له في مشروعه الخلاصي، هو حجر الزاوية الذي عليه تبنى مغامرتنا الإنسانية، فكل دعوة تولّد رسالة وكل رسالة توكل إلينا من الله هي مرتبطة برسالة يسوع المسيح وبها تجد معناها الحقيقي. فالدعوة المسيحية هدفها معرفة يسوع المسيح ومحبته، كما يعلمنا القديس بولس إذ يكتب إلى أهل كورنتس: "مِن بولُسَ الَّذي شاءَ اللهُ أَن يَدعُوَه لِيَكونَ، رَسولَ المسيح يسوع... إِلى الَّذينَ قُدِّسوا في المسيحِ يسوع بِدَعوَتهِم لِيَكونوا قِدِّيسين مع جَميعِ الَّذينَ يَِدْعونَ في كُلِّ مَكانٍ بِاسمِ رَبِّنا يسوعَ المسيح" (1 كور 1، 2) وهذه القداسة هي معرفة: "أيَّ غِنًى هو غِنى مَجْدِ ذلِكَ السِّرِّ عِندَ الوثنِيِّين، أَي أَنَّ المسيحَ فيكم وهو رَجاءُ المَجْد." (قول 1، 27) وهي أيضا القدرة على الإدراك: "مع جَميعِ القدَّيسين ما هو العَرْضُ والطُّول والعُلُوُّ والعُمق، وتَعرِفوا مَحبَّةَ المسيحِ الَّتي تَفوقُ كلَّ مَعرِفة، فتَمتَلِئوا بِكُلِّ ما في اللهِ من كَمَال" (أفس 3، 18- 19).








All the contents on this site are copyrighted ©.