2013-01-05 16:10:03

الإنجيل وقفة تأمّلية عند كلمة الحياة


ولمَّا وُلِدَ يسوعُ في بَيتَ لَحمِ اليهودِيَّة، في أيَّامِ المَلِكِ هيرودُس، إِذا مَجوسٌ قدِمُوا أُورَشليمَ مِنَ المَشرِقِ وقالوا: "أَينَ مَلِكُ اليهودِ الَّذي وُلِد؟ فقَد رأَينا نَجمَه في المَشرِق، فجِئْنا لِنَسجُدَ لَه". فلمَّا بلَغَ الخَبَرُ المَلِكَ هيرودُس، اِضْطَرَبَ واضطَرَبَت مَعه أُورَشليمُ كُلُّها. فَجَمَعَ الأَحْبارَ وكَتَبَةَ الشَّعْبِ كُلَّهم، واستَخْبَرهم أَين يُولَدُ المسيح. فقالوا له: "في بَيتَ لَحمِ اليَهودِيَّة، فقَد أُوحِيَ إِلى النَّبِيِّ فكَتب: "وأَنتِ يا بَيتَ لَحمُ، أَرضَ يَهوذا لَسْتِ أَصغَرَ وِلاياتِ يَهوذا فَمِنكِ يَخرُجُ الوالي الَّذي يَرْعى شَعْبي إِسرائيل". فدَعا هيرودُسُ الَمجوسَ سِرًّا وتَحقَّقَ مِنْهم في أَيِّ وَقْتٍ ظهَرَ النَّجْم. ثُمَّ أَرْسَلَهم إِلى بَيتَ لَحمَ وقال: "اِذْهَبوا فابحَثوا عنِ الطِّفْلِ بَحْثًا دَقيقًا، فإِذا وَجَدْتُموه فأَخبِروني لأذهَبَ أَنا أَيضًا وأَسجُدَ له". فلمَّا سَمِعوا كَلامَ الَمِلكِ ذَهَبوا. وإِذا الَّنجْمُ الَّذي رأَوهُ في المَشرِقِ يَتَقَدَّمُهم حتَّى بَلَغَ المَكانَ الَّذي فيه الطِّفلُ فوَقفَ فَوقَه. فلمَّا أَبصَروا النَّجْمَ فَرِحوا فَرحًا عَظيمًا جِدًّا. وَدخَلوا الَبيتَ فرأَوا الطِّفلَ مع أُمِّه مَريم. فجَثَوا له ساجِدين، ثُمَّ فتَحوا حَقائِبَهم وأَهْدَوا إِليه ذَهبًا وبَخورًا ومُرًّا. ثُمَّ أُوحِيَ إِليهِم في الحُلمِ أَلاَّ يَرجِعوا إِلى هيرودُس، فانصَرَفوا في طَريقٍ آخَرَ إِلى بِلادِهم. (متى 2، 1-12)

 

للتـأمّل

ستعبدك يا رب جميع شعوب الأرض! بهذا الهتاف من المزمور الذي نقرأه في ليتورجية اليوم، نعبّر جيداً عن معنى عيد الدنح الذي تحتفل به الكنيسة اليوم. إنها رؤية تحكينا عن المستقبل، تجعلنا نرى إلى الأفق، بها نتذكر النبوءات المسيحانية القديمة التي ستتحقق بكاملها مع مجيء المسيح الثاني بالمجد حين يأتي في نهاية الأزمان. لقد تحققت هذه الرؤية لأول مرّة عندما جاء ملوك المجوس إلى بيت لحم حاملين هداياهم، فكان بدء ظهور المسيح لممثلي شعوب الأرض. إنها نبوءة تتحقق يوما بعد يوم في قلب الزمن مع انتشار البشارة في قلوب البشر وترسيخها في جميع أقطاب الأرض.

"قومي استنيري فإِنَّ نورَكِ قد وافى ومَجدَ الرَّبِّ قد أَشرَقَ علَيكِ. فتَسيرُ الأُمَمُ في نورِكِ والمُلوكُ في ضِياءِ إِشْراقِكِ". (أشعيا 60، 1. 3) تفرح الكنيسة اليوم بابتهال النبيّ أشعيا الذي يدعونا لنتغنّى بمجد الله، بنعمه الوافرة التي يغمرنا بها نحن أبناءه الضعفاء  وبحبّ المسيح الأبدي. تدعونا الكنيسة للنظر إلى الأمام، والنص الذي سمعناه عن وصول المجوس يرسم لنا طريقا روحيا، يعلّمونا أولا: أنّ من يجد المسيح عليه أن يعرف كيف يقف ويعيش بفرح هذا اللقاء الحميم معه:" وَدخَلوا الَبيتَ فرأَوا الطِّفلَ مع أُمِّه مَريم. فجَثَوا له ساجِدين" لقد قدّموا حياتهم لهذا الطفل الذي من أجله تحمّلوا مشقات السفر، فالحياة المسيحية تولد وتتجدّد من التأمّل في وجه المسيح.

وهذا ما عاشه المجوس، فقد غاصوا في تأمّل سرّ المسيح، فالتأمّل بسرّ المسيح يفرض علينا مسيرة جديدة، مسيرة إعلان وشهادة على مثال المجوس الذين "انصَرَفوا في طَريقٍ آخَرَ إِلى بِلادِهم". لذا يمكننا القول أن المجوس كانوا أوّل المرسلين، فلقاؤهم بالمسيح لم يبقيهم في بيت لحم بل حولهم إلى رسل ودفعهم للعودة إلى شعوبهم حاملين البشارة يخبرون بما رأته أعينهم وما اختبرته قلوبهم.

أيها الرب يسوع، نعبدك مع المجوس ونقدّم لك الهدايا على مثالهم: إيماننا ومحبّتنا واعترافنا بك بأنك المالك الوحيد على قلوبنا، حوّل قلوبنا كما حوّلت قلوبهم، واجعلها تظهرك، رغم ضعفها، للنفوس التي بحاجة لرؤيتك ومعرفتك، فنكون بأعمالنا وبحياتنا المثال الحي لمحبّتك الإلهية.

فلنسرع إذًا، إلى مغارة الربّ. وبقدر المستطاع، فلنستعدّ لهذا الدنو منه بفضل نعمته، بصفتنا شركاء للملائكة، "بالنزاهة والمعرفة وطول البال والرفق وروح القداسة والمحبّة الخالصة" (2قور6: 6). وسنُسبِّح الربّ من خلال حياتنا وسلوكنا: "المجد لله في العلى، وفي الأرض السّلام للحائزين رضاه" (لو2: 14).








All the contents on this site are copyrighted ©.