2012-12-24 18:56:56

عيد الميلاد – الإنجيل وقفة تأمل عند كلمة الحياة


في البَدءِ كانَ الكَلِمَة والكَلِمَةُ كانَ لَدى الله والكَلِمَةُ هوَ الله. كانَ في البَدءِ لَدى الله. بِه كانَ كُلُّ شَيء وبِدونِه ما كانَ شَيءٌ مِمَّا كان. فيهِ كانَتِ الحَياة والحَياةُ نورُ النَّاس والنُّورُ يَشرِقُ في الظُّلُمات ولَم تُدرِكْه الظُّلُمات. ظَهَرَ رَجُلٌ مُرسَل مِن لُدن الله، اسْمُه يوحَنَّا.  جاءَ شاهِدًا لِيَشهَدَ لِلنَّور فَيُؤمِنَ عن شَهادتِه جَميعُ النَّاس. لم يَكُنْ هو النُّور بل جاءَ لِيَشهَدَ لِلنُّور. الكلمة هو النّور الحَقّ الآتي إِلى العالَم والمُنير كُلّ إنسان.  كانَ في العالَم وبِه كانَ العالَم والعالَمُ لَم يَعرِفْهُ. جاءَ إِلى بَيتِه. فما قَبِلَه أَهْلُ بَيتِه. أَمَّا الَّذينَ قَبِلوه وهُمُ الَّذينَ يُؤمِنونَ بِاسمِه فقَد مَكَّنَهم أَنْ يَصيروا أَبْناءَ الله: إِنَّهُم لم يُولَدوا مِن ذي دَمٍ، ولا مِن رَغبَةِ ذي لحم، ولا مِن  رَغبَةِ رَجُل، بل مِنَ اللهِ.  والكَلِمَةُ صارَ بَشَرًا فسَكَنَ بَينَنا فرأَينا مَجدَه مَجدًا مِن لَدُنِ الآبِ لابنٍ وَحيد مِلؤُه النِّعمَةُ والحَقّ. شَهِدَ له يوحَنَّا فهَتف: "هذا الَّذي قُلتُ فيه: إِنَّ الَّذي يَأتي بَعْدي قد تَقَدَّمَني لأَنَّه كانَ مِن قَبْلي." فمِن مِلْئِه نِلْنا بِأَجمَعِنا وقَد نِلْنا نِعمَةً على نِعمَة. لأَنَّ الشَّريعَةَ أُعطِيَت عن يَدِ موسى وأَمَّا النِّعمَةُ والحَقّ فقَد أَتَيا عن يَدِ يسوعَ المسيح. إِنَّ اللهَ ما رآهُ أَحدٌ قطّ الابنُ الوَحيدُ الَّذي في حِضْنِ الآب هو الَّذي أَخبَرَ عَنه. (يوحنا 1، 1-18)

 

للتـأمل

"لأَنَّهُ قد ولِدُ لَنَا وَلَدٌ وأُُعْطيَ لنا ابْنٌ" (أشعيا 9،5) في كلمات النبيّ أشعيا هذه تتجلّى لنا حقيقة الميلاد الذي نعيشه اليوم. إن الذي ولد هو الابن بامتياز، هو ابن الله المساوي للآب، الذي به بشّر الأنبياء، والذي تجسّد من الروح القدس في حشا مريم العذراء. السرُّ الذي نعلنه في قانون الإيمان يتحقق اليوم فلنتأمّل به ولنسجد أمامه: "الكلمة صار جسداً وحلّ بيننا"، لقد حلّ ابن الله بيننا، الكلمة الأزليّ، "رئيس السلام" (أشعيا 9،5) يولد في مغارة فقيرة وحقيرة ببيت لحم.

قال الملاك للرّعاة:"لاَ تَخَافُوا! وُلِدَ لَكُمُ الْيَوْمَ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ مُخَلِّصٌ هُوَ الْمَسِيحُ الرَّبُّ" (لوقا 2،11) واليوم، أيضا نسرع كالرعاة لملاقاة الذي غيَّرَ مجرى التاريخ. في فقر المغارة نتأمل "طِفْلاً مُقَمَّطًا مُضْجَعًا فِي مِذْوَدٍ"(لوقا 2،11). وفي هشاشة المولود الجديد الذي يستَهِلُّ بين ذراعَي مريم "ظهرت نعمة الله، ينبوعَ الخلاص لجميع الناس" (طي 2،11) فلنخشع أمامه ولنسجد له.

أيها الطفل الإلهي، يا من اضّجعتَ في مذود حقير، يا خالق الكون الذي تخلّى عن مجده الإلهيّ، يا مخلّصنا الذي قدّمت جسدك الطاهر ذبيحةً لخلاص البشريّة، بميلادك المنير أنِر ظلمة عالمنا، وامحُ بحبّك كبرياءنا، ولِتُفهِمَنا نعمة ميلادك كم هي عظيمة حياة كلِّ واحدٍ منّا. لقد جئت حاملاً لنا السلام، أنت سلامنا! أنت وحدك القادر أن تجعلنا "شعبك الخاص"، شعباً "حريصاً على الأعمال الصالحة" (طي 2،14).

أيّها الطفل يسوع، إنّ ولادتك هي فرحنا: كم هي جديرة بحبّنا! إنّها تصحّح ولادتنا وترمّم حالتنا البشريّة وتشفي جرحنا "وتمحو ما كَانَ علَينا مِن صَكٍّ وما فيه مِن أَحْكام." بميلادك، أنت أيّها الله وابن الإنسان في آنٍ معًا: "بَلَغْنا بِالإِيمانِ إِلى هذِه النِّعمَةِ الَّتي فيها نَحنُ قائِمون، وَنَفْتَخِرُ بِالَّرجاءِ لِمَجْدِ الله." (روم 2، 5) لقد أخذتَ جسدنا ووهبتَنا ألوهيّتك... لقد أخليتَ ذاتك لتملأنا.

يا مريم، يا من تسهرين على ابنك، أعطنا عينيكِ لنتأمّله بإيمان، وأعطنا قلبك لنسجد له بحُبّ. فيعلّمنا ببساطة طفل بيت لحم أن نكتشف معنى وجودنا "فنعيش في هذا الدهر برزانةٍ وعدلٍ وتقوى" (طي 2،12) آمين.








All the contents on this site are copyrighted ©.