2012-12-21 13:55:05

البابا يستقبل أعضاء الكوريا الرومانية لتبادل التهاني لمناسبة حلول عيد الميلاد


استقبل قداسة البابا بندكتس السادس عشر صباح اليوم الجمعة في قاعة كليمنتينا بالقصر الرسولي بالفاتيكان أعضاء الكوريا الرومانية لتبادل التهاني لمناسبة حلول عيد الميلاد كما جرت العادة في كل عام. وجه البابا لضيوفه كلمة استهلها معربا عن فرحه للقاء أعضاء الكوريا وحاكمية دولة حاضرة الفاتيكان ومجمع الكرادلة لتبادل التهاني مع اقتراب عيد الميلاد. وذكّرهم بالعبارة اللاتينية التي تُردد في هذه الأيام: الرب بات قريبا! تعالوا نسجد له! كما تذكر دبلوماسيي الكرسي الرسولي المنتشرين في مختلف أنحاء العالم وشكرهم على خدمتهم السخية.

أشار البابا إلى الصعوبات والتحديات التي يشهدها العالم، لافتا أيضا إلى وجود علامات رجاء. تذكر بنوع خاص الزيارة الرسولية التي قام بها إلى كوبا والمكسيك حيث لمس الفرح الذي يولّده الإيمان وشاهد أعدادا كبيرة من الأشخاص الذين تجمعوا لاستقباله عائدا بالذاكرة إلى مختلف المحطات التي تخللت هذه الزيارة. وقال إنه بغية إيجاد حلول للمشاكل التي يعاني منها المجتمع في المكسيك وكوبا لا بد أن نعمل على تنقية القلوب بواسطة قوة الإيمان واللقاء مع يسوع المسيح.

بعدها تطرق البابا في خطابه إلى اليوم العالمي للعائلات في ميلانو ثم إلى زيارته الرسولية للبنان حيث وقع على الإرشاد الرسولي الخاص بكنيسة الشرق الأوسط وقال إن هذه الوثيقة ينبغي أن تشكل اليوم، في حياة كنائس ومجتمعات الشرق الأوسط، منارة تقود نحو الوحدة والسلام وسط الصعوبات. كما أشار البابا إلى الجمعية العادية لسينودس الأساقفة حول الكرازة الجديدة بالإنجيل وشكلت بداية سنة الإيمان التي تتزامن مع الاحتفالات بالذكرى السنوية الخمسين لافتتاح أعمال المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني.

مضى الحبر الأعظم يقول إن في هذه المناسبات تم التطرق إلى مسائل أساسية خلال المرحلة التاريخية التي نعيشها اليوم. تم التطرق على سبيل المثال إلى العائلة في ميلانو، وإلى خدمة السلام في العالم والحوار بين الأديان في لبنان بالإضافة إلى إعلان رسالة يسوع المسيح في زمننا على الأشخاص الذين لم يتعرفوا عليه بعد أو أولئك الذين يعرفونه بصورة سطحية جدا.

بعدها توقف البابا عند اليوم العالمي للعائلات في ميلانو حيث التقى أسرا قدمت في مختلف أنحاء العالم أظهرت أن العائلة ما تزال حية وقوية على الرغم من كل المخاطر المحدقة بها، لاسيما الأزمة الاقتصادية العالمية. هذا وشدد سينودس الأساقفة على دور العائلة كمكان مميز ينمو فيه الشخص البشري. وتطرق البابا إلى بعض التحديات التي يواجهها الإنسان في عالم اليوم، مؤكدا أن الإنسان يحقق ذاته عندما يمنح نفسه هبة للآخر، وينفتح على الآخر، خصوصا على الأبناء والعائلة ويكتشف بهذه الطريقة فقط ملء الكيان البشري.

هذا ثم قال البابا إن حاخام فرنسا الأكبر جيل بيرنهايم تناول مؤخرا موضوع العائلة، وتحدث هو أيضا عن التحديات المطروحة اليوم أمام الزواج بين رجل وامرأة، مستشهدا بكلمات لسيمون دو بوفوار عندما قالت "المرأة لا تولد امرأة، بل تصبح امرأة". إن هذه الفلسفة ـ تابع البابا يقول ـ مرتبطة بطبيعة الكائن البشري ونظرة الإنسان للجنس أو حرية اختيار الجنس. وذكّر بأن الله خلق الإنسان على صورته ومثاله، وخلق الرجل والمرأة (سفر التكوين 1، 27). ولا يسع الإنسان أن يقف في وجه طبيعته لأنه بهذه الطريقة يُنكر الخالق ويُنكر أيضا الإنسان المخلوق على صورته ومثاله. أما من يدافع عن الله يدافع أيضا عن الإنسان.

هذا ثم تطرق البابا إلى مسألة الحوار، وقال إنه يرى ثلاثة مجالات للحوار مطروحة اليوم أمام الكنيسة تتعلق بالإنسان ومعنى أن يكون المرء كائنا بشريا: الحوار مع الدول، الحوار مع المجتمع والحوار بين الأديان. والكنيسة تشارك في هذا الحوار في ضوء الإيمان، كما أنها تجسد ذاكرة البشرية وتعلمت على مر العصور والتاريخ ما معنى أن يكون المرء إنسانا، واختبرت حدود الإنسان وعظمته وإمكانياته. الكنيسة تمثل ذاكرة البشر أمام حضارة النسيان. وفي حوارها مع الدولة والمجتمع لا تقدم الكنيسة حلولا فورية بل تسعى مع الأطراف الأخرى إلى إيجاد حلول ملائمة تتجاوب مع طبيعة الكائن البشري.

بعدها لفت البابا إلى أن الحوار بين الأديان هو اليوم ضرورة ملحة من أجل السلام في العالم، وبالتالي إنه واجب يترتب على المسيحيين وأتباع الديانات الأخرى. وأشار إلى أن الحوار بين الأديان لا يرمي إلى حمل المؤمن الآخر على الارتداد عن دينه بل يرمي إلى تعزيز التفاهم المتبادل. وبذلك يدرك الطرفان بشكل أفضل هويتيهما الخاصتين. وأكد أن المسيحيين يعون جيدا أن يسوع الذي هو الحق يمسكنا بيدنا وهذا الإدراك يجعلنا أحرارا ويشعرنا بالأمان.

وفي معرض حديثه عن سينودس الأساقفة حول الكرازة الجديدة بالإنجيل أشار بندكتس السادس عشر إلى القديس يوحنا المعمدان والرسول أندراوس اللذين كانا يبحثان عن المسيح وينتظران قدومه لافتا إلى أن إعلان كلمة الله يصبح فاعلا عندما يكون الإنسان مستعدا للاقتراب من الله: عندما يبحث عنه بداخله ويسير باتجاه. وتمنى البابا في عيد الميلاد أن نقول: لقد وجدنا من ينتظره العالم كله، وهو يسوع المسيح، ابن الله الحقيقي الذي صار إنسانا حقا. هذا ثم تمنى البابا لضيوفه ميلادا مجيدا وعاما سعيدا.

 








All the contents on this site are copyrighted ©.