2012-12-15 14:51:31

الإنجيل وقفة تأمل عند كلمة الحياة


فسَأَله الـجُموع: "فماذا نَعمَل؟" فأَجابَهم: "مَن كانَ عِندَه قَميصان، فَليقسِمْهُما بَينَه وبَينَ مَن لا قَميصَ لَه. ومَن كانَ عِنَده طَعام، فَليَعمَلْ كَذلِك". وأَتى إِلَيه أَيضًا بَعضُ الجُباةِ لِيَعتَمِدوا، فقالوا له: "يا مُعَلِّم، ماذا نَعمَل؟" فقالَ لَهم: "لا تَجْبوا أَكثَرَ مِمَّا فُرِضَ لَكم". وسَأَله أَيضًا بَعضُ الـجُنود: "ونَحنُ ماذا نَعمَل؟" فقالَ لَهم: "لا تَتَحاملوا على أَحَدٍ ولا تَظلُموا أَحَدًا، واقْنَعوا بِرَواتِبِكم". وكانَ الشُّعبُ يَنتَظِر، وكُلٌّ يَسأَلُ نَفسَه عن يوحَنَّا هل هو الـمَسيح. فأَجابَ يوحنَّا قالَ لَهم أَجمعين:"أَنا أُعَمِّدُكم بِالماء، ولكِن يأتي مَن هُو أَقوى مِنِّي، مَن لَستُ أَهلاً لأن أَفُكَّ رِباطَ حِذائِه. إِنَّه سيُعَمِّدُكم في الرُّوحِ القُدُسِ والنَّار. بِيَدهِ الـمِذْرى، يُنَقِّي بَيدَرَه، فيَجمَعُ القَمحَ في أَهرائِه، وأَمَّا التِّبنُ فيُحرِقُه بِنارٍ لا تُطفأ." وكانَ يَعِظُ الشَّعبَ بِأَقوالٍ كَثيرةٍ غَيرِها فيُبَلِّغُهُمُ البِشارة.

 

للتـأمل

قراءة من القدّيس مَكسيمُس الطورينيّ: "ولكِن يأتي مَن هُو أَقوى مِنِّي، مَن لَستُ أَهلاً لأن أَفُكَّ رِباطَ حِذائِه"

 عندما كان يوحنّا يتكلّم في أيّامه مُبشِّرًا بالربّ، لم يكن يتوجّه بكلامه إلى الفرّيسيّين فقط بقوله: "أَعِدُّوا طَريقَ الرَّبّ واجعَلوا سُبُلَه قويمة (متى 3، 3). فهو لا يزال اليوم يصرخ فينا، يهزّ دويّ صوته صحراء خطايانا. حتّى من بعد خلوده لغفوة الاستشهاد ما زال صوته مدوّيًا اليوم فينا قائلا: "أَعِدُّوا طَريقَ الرَّبّ واجعَلوا سُبُلَه قويمة".

بذلك أوصى يوحنّا المعمدان بإعداد طريق الربّ. فما هي، يا ترى، الطريق التي أعدّها هو للمخلّص؟ لقد رسم يوحنّا تلك الطّريق من أوّلها إلى آخرها، ورتّبها من أجل مجيء المسيح، لأنّه كان في كلّ لحظة، بسيطًا، ومتواضعًا، ومتقشّفًا ونقيًّا. قال الإنجيلي واصفًا فضائله كلّها: "وكانَ على يُوحنَّا هذا لِباسٌ مِن وَبَرِ الإِبِل، وحَولَ وَسَطِه زُنَّارٌ مِن جِلْد. وكان طَعامُه الجَرادَ والعَسلَ البَرِّيّ" (متى 3، 4). أي علامة للتواضع لدى نبيّ أكبر من احتقار الملابس الناعمة وارتداء الوبر الخشن؟ أي علامة للإيمان أعمق من أن يكون المرء دائم الجهوزيّة للخدمة، وزنّاره حول وسطه؟ هل هناك علامة عن العفّة أكثر إشعاعًا من التخلّي عن ملذّات الحياة ليكون الطعام جرادًا وعسلاً بريًّا؟

كلّ تصرّفات النبيّ تلك كانت برأيي نبويّة بحدّ ذاتها. عندما يرتدي سابق المسيح ملابس خشنة من وبر الإبل، ألا يعني هذا ببساطة أنّ المسيح بمجيئه، سوف يلبس جسدنا البشري، بنسيجه القاسي والخشن من جرّاء خطايا هذا الجسد بالذات؟ إنّ حزام الجلد يعني أنّ جسدنا الضعيف، المائل نحو الرذيلة قبل مجيء المسيح، سوف يقوده الرّب نحو الفضيلة.

صلاة

أيها المسيح شمس البرّ والحق، لقد أضأت لنا في الأرض، بواسطة المبشر سابقك، نورك المجيد. أرسل هذا النور إلى عقولنا، وطهر بنعمتك ضمائرنا. إجعل من أجسادنا هياكل مقدسة، ومن نفوسنا مساكن مباركة، تحلُّ فيها كما حللت في يوحنا بشيرك. أنر عقولنا لندرك حقيقتك ووصاياك، أطلق ألسنتنا كنّاراتٍ تسبحك، لنحمدك في كل وقت، ونمجدك في كل زمان، مع أبيك وروحك القدوس من الآن وإلى الأبد. آمين








All the contents on this site are copyrighted ©.