2012-09-08 15:43:35

الإنجيل وقفة تأمل عند كلمة الحياة


في ذلك الزَّمان: عادَ يسوع مِن أَراضي صور ومرَّ بِصَيدا قاصِدًا إِلى بَحْرِ الجَليل، ومُجتازًا أَراضِيَ المُدُنِ العَشْر فجاؤوه بِأَصَمَّ مَعقودِ اللِّسان، وسأَلوه أَن يَضَعَ يدَه عليه. فانفَرَدَ بِه عنِ الجَمْع، وجعَلَ إِصبَعَيه في أُذُنَيه، ثُمَّ تَفَلَ ولَمَسَ لِسانَه. ورَفَعَ عَينَيْهِ نَحوَ السَّماءِ وتَنَهَّدَ وقالَ له: «إِفَّتِحْ!» أَيِ: انفَتِحْ. فانفَتَحَ مِسمَعاه وانحَلَّتْ عُقدَةُ لِسانِه، فَتَكَلَّمَ بِلِسانٍ طَليق. وأَوصاهم أَلاَّ يُخبِروا أَحَدًا. فكانَ كُلَّما أَكثَرَ مِن تَوصِيَتِهِم، أَكثَروا مِن إِذاعَةِ خَبَرِه. وكانوا يَقولونَ وَهُم في غايةِ الإِعْجاب: "قَد أَبدَعَ في أَعمالِه كُلِّها، إِذ جَعلَ الصُّمَّ يَسمَعون والخُرْسَ يَتَكَلَّمون!". (مرقس 7، 31- 37)

 

للتأمل

في إنجيل هذا الأحد نرى يسوع عائدا من صور ومُجتازًا أَراضِيَ المُدُنِ العَشْر، فمنذ بدأ بشارته وهو يحمل البشرى السارة والخلاص والشفاء للناس في الجليل واليهودية والسامرة، ونراه اليوم وقد جاؤوه بِأَصَمَّ مَعقودِ اللِّسان، وسأَلوه أَن يَضَعَ يدَه عليه.

يرمز هذا الأصم إلى كل شخص يقوم بمسيرة إيمان، هو أصم لا يسمع كلام الناس ولكنه لا يسمع أيضا كلام الله، كما يذكرنا القديس بولس:" فالإِيمانُ إِذًا مِنَ السَّماع، والسَّماعُ يَكونُ سَماعَ كَلاَمٍ على المسيح" (روما 10، 17).

يخبرنا الإنجيلي مرقس فانفَرَدَ بِه يسوع عنِ الجَمْع، لقد كان الأصم يعيش في عزلة الصمت المؤلمة ولم يرد يسوع أن يخنق ضجيج العالم كلمته، نحن بحاجة للصمت لنسمع كلمة الله ونقبلها ككلمة شافية وغافرة تعيد إلينا كرامتنا البشرية كأبناء لله وتجدد اللقاء مع الله والقريب.

لقد طلب الجمع من يسوع أن يضع يده على الأصم لكن يسوع "جعَلَ إِصبَعَيه في أُذُنَيه، ثُمَّ تَفَلَ ولَمَسَ لِسانَه" فيسوع لا يشفي من بعيد، هو يلمسنا ويحررنا لنشعر برحمته ومحبته، فهو محبة الله المتجسدة الذي جاء إلينا آخذا ضعفنا ليرفعنا ويخلصنا.

لقد كانت الجموع تقول:"قَد أَبدَعَ في أَعمالِه كُلِّها، إِذ جَعلَ الصُّمَّ يَسمَعون والخُرْسَ يَتَكَلَّمون!" إنه قدوس الله وأعماله كاملة، يظهر عطفه ومحبته للجميع دون محاباة للوجوه، ونحن أبناء الله وجب علينا أن نتشبه به هو الذي يرفعنا ويخلصنا كما يذكرنا القديس يعقوب: "إِسمَعوا، يا إِخوَتي الأَحِبَّاء: أَلَيسَ اللهُ هو الَّذي اختارَ الفُقَراءَ في نَظَرِ النَّاس فجَعَلَهم أَغنِياءَ بِالإِيمان ووَرَثةً لِلمَلَكوتِ الَّذي وَعَدَ بِه مَن يُحِبُّونَه؟"، فلنؤمن به إذا ولنستسلم لمشيئته فنرم مع أشعيا النبي: "تَقَوَّوا لا تَخافوا هُوَذا إلهُكم النَّقمَةُ آتِيَة مُكافَأَةُ الله حاضِرَة: هو يَأتي ويُخَلِّصُنا". حينَئِذ تتَفتَحُ عُيوِنُ العُمي وآذانُ الصُّمِّ تَتَفَتَّح وحينَئذٍ يَطفُرُ الأَعرَجُ كالأَيِّل وَيَتَرَنَّم لِسانُ الأَبكَم إِذ قَدِ انفَجَرَتِ المِياهُ في البَرِّيَّة والأَنْهارُ في البادِيَة. فالسَّرابُ يَنقَلِبُ غَديرًا والمَعطَشَةُ ينابيعَ مِياه" (أشعيا 35، 4- 7).








All the contents on this site are copyrighted ©.