2012-08-26 09:32:23

الإنجيل وقفة تأمل عند كلمة الحياة


فقالَ كَثيرٌ مِن تَلاميذِه لَمَّا سَمِعوه: "هذا كَلامٌ عَسير، مَن يُطيقُ سَماعَه؟" فعَلِمَ يسوعُ في نَفْسِه أَنَّ تَلاميذَه يَتَذَمَّرونَ مِن ذلك، فقالَ لَهم: "أَهذا سَبَبُ عَثرَةٍ لكُم؟ فكَيفَ لو رَأيتُمُ ابنَ الإنْسانِ يَصعَدُ إِلى حَيثُ كانَ قَبلاً؟ إِنَّ الرُّوحَ هو الَّذي يُحي، وأَمَّا الجَسَدُ فلا يُجْدي نَفْعًَا، والكَلامُ الَّذي كلَّمتُكُم به رُوحٌ وحَياة، ولكِنَّ فيكم مَن لا يُؤمِنون". ذلكَ بِأَنَّ يسوعَ كانَ يعلَمُ مَنذُ بَدءِ الأَمْرِ مَنِ الَّذينَ لا يُؤمِنون ومَنِ الَّذي سَيُسِلِمُه. ثُمَّ قال: "ولِذَلِكَ قُلتُ لكم: ما مِن أَحَدٍ يَستَطيعُ أَن يُقبِلَ إِليَّ إِلاَّ بِهبَةٍ مِنَ الآب". فارتدَّ عِندَئِذٍ كثيرٌ مِن تَلاميِذه وانقَطعوا عنِ السَّيرِ معَه. فقالَ يسوعُ لِلاثْنَيْ عَشَر: "أَفلا تُريدونَ أَن تَذهبَوا أَنتُم أَيضًا؟" فأَجابَهُ سِمْعانُ بُطُرس: "يا ربّ، إِلى مَن نَذهَب وكَلامُ الحَياةِ الأَبَدِيَّةِ عِندَك؟ ونَحنُ آمَنَّا وعَرَفنا أَنَّكَ قُدُّوسُ الله". (يوحنا 6، 60- 69)

 

للتـأمل

تحتفل الكنيسة اليوم بالأحد الحادي والعشرين من زمن السنة، ويضعنا إنجيل اليوم أمام صعوبة إتباع المسيح، فسماع كلامه والتتلمذ له ليسا مجرد مغامرة وخبرة عابرة بل يتطلبان منا التزاما، أمانة ومثابرة. فيسوع يطلب من تلاميذه الجهوزية التامة لتحقيق مشروعه الخلاصي، بتعبير آخر هو يطلب منا أن نثق ونؤمن به.

بتأملنا بإنجيل يوحنا يمكننا رؤية ثلاث فئات من الناس أولئك الذين يتبعون يسوع بثقة وشجاعة، الذين يتبعونه من أجل مآربهم الشخصية، والذين تبعوه لفترة لكنهم لم يعودوا يطيقون سماعه. أين نحن من هذه الفئات؟ هل نحن على استعداد لعيش كل ما يتطلب منا إتباع المسيح؟ أمام اختيارنا لله في حياتنا يجب علينا أن نسأل أنفسنا ما سأله يسوع لتلاميذه:"أَفلا تُريدونَ أَن تَذهبَوا أَنتُم أَيضًا؟" فماذا سيكون جوابنا؟

فأَجابَهُ سِمْعانُ بُطُرس: "يا ربّ، إِلى مَن نَذهَب وكَلامُ الحَياةِ الأَبَدِيَّةِ عِندَك؟ ونَحنُ آمَنَّا وعَرَفنا أَنَّكَ قُدُّوسُ الله"، لقد فهم بطرس أن يسوع يدعوهم إلى ما هو أبعد من ما كان يقدمه معلمو ذلك العصر لتلاميذهم، فيسوع يفتح لتلاميذه أفق الأبدية. لقد دخل بطرس في منطق النعمة والإيمان، وأصبح كلام المعلم بالنسبة له "روحا وحياة".

يدعونا إنجيل اليوم لنعترف نحن أيضا بيسوع "قُدُّوسُ الله"، أي الله الحاضر بيننا ونؤمن به لأن عنده "كَلامُ الحَياةِ الأَبَدِيَّةِ".

يا قدّوسَ اللهِ وكلمتَه الخلاصيّة، إلى مَن نذهَبُ في هذه الأيّامِ ؟ نسألُكَ أن تكشِفَ كلَّ نفسٍ على حقيقتِها، وأن تُصلّي لأجلنا كما صلّيتَ لبطرسَ الرّسولِ كي نثبُتَ بحُبِّكَ ثمّ نُثبِّتَ إخوتَنا من بعدِنا. لقد اخترتنا رُسُلَ هذه الأزمنة، ونحنُ نَعِدُكَ بأنّنا لن نخونَكَ، ها نحن نُعلنُ إيمانَنا بأنَّكَ المسيحُ ابنُ اللهِ الحيّ، ونلتمسُ منكَ أن تُكلِّلَنا بإكليلِ الأمانةِ والرّحمةِ والمحبّةِ والسّلام. آمين








All the contents on this site are copyrighted ©.