2012-08-01 14:51:16

الأساقفة الموارنة في اجتماعهم الشهري: لا مشروعية لأي عمل سياسي او اقتصادي إن لم يهدف لخدمة الإنسان وحماية الفقير


في الأوّل من شهر آب 2012 عقد أصحاب السيادة المطارنة الموارنة اجتماعهم الشهري في الديمان، برئاسة صاحب الغبطة البطريرك مار بشاره بطرس الراعي، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق الكلي الطوبى، ومشاركة صاحب الغبطة والنيافة الكردينال مار نصرالله بطرس صفير، كما حضر بدعوة خاصّة الرؤساء العامون للرهبانيات المارونية. وقد تدارسوا شؤوناً كنسيةً ووطنيةً وحيّوا الجيش اللبناني، قيادة وضباطاً ورتباء وأفراداً في يوم عيده السنوي مثمّنين كلّ تضحياته للذود عن الوطن والمواطنين، داعين الجميع إلى الإلتفاف حوله ليبقى الحصن المنيع في وجه المخاطر التي تهدّد لبنان، وفي ختام الإجتماع أصدروا النداء التالي الذي يتناول القطاع الحيوي الأساس في حياة البلاد، وهو الإقتصاد: واقعه ومسبباته والحلول:    

أوّلاً، لماذ النداء؟

بالإضافة إلى الملفّات الشائكة التي يرزح تحتها الوضع اللبناني، وتداعيات الأزمة السورية عليه، برز في الآونة الأخيرة ، وبتطور لافت، وبشكل مأساوي أحياناً، الموضوع الإقتصادي – الإجتماعي، الذي يأخذ مناحي خطرة بجعله فريسة التجاذبات السياسية المتّصلة بأكثر من خلفيّة. وربّما كان الأخطر في هذا الموضوع  أنه  ينحو في عمقه باتجاه طائفي،  مع الخروج على الأعراف والقوانين، واللجوء الى منطق أشبه بالعصيان المدني. أمام هذا المشهد تبدو حال من العجز على مستوى القرار السياسي والرؤية الإقتصادية، سيكون مآلها دخول لبنان مرحلة ضبابية تعرّض مصير الدولة لخطر الإفلاس، إذا ظلّ التعامل معها بروح اللا مسؤولية، أو بمقاربات جزئية. لم يعد من مجال للهروب من البحث عن مخارج جذرية للأزمة الإقتصادية، مبنيّة على مبادىء أخلاقيّة وقانونيّة، وعلى مشاريع طويلة الأمد توفر للدولة والمجتمع حالاً من الإستقرار الإقتصادي التدريجي.

إزاء هذا الواقع الخطر، لا تستطيع الكنيسة المعنيّة بالإنسان  فرداً ومجتمعاً، " لأنّ الإنسان هو أولّ درب تسلكه الكنيسة في حمل رسالتها... درب رسمه المسيح نفسه، ويمرّ دوما وأبدا بسريّ التجسد والفداء"، ( يوحنا بولس الثاني: السنة المئة ، ف. 53 )، ولا يمكنها أن تنأى بنفسها في مسألة يقع ضحيتها بالدرجة الأولى المواطن اللبناني، ولا سيّما الفقير والضعيف. لذا رأى مجلسنا أن يوجّه هذا النداء الذي يعتبره بمثابة جرس إنذار ودعوة ملحّة الى معالجة الأمور قبل فوات الآوان. إنّنا نوجّه أوّلاً الى الرأي العام اللبناني، لكي يعي دوره في ممارسة حقوقه الديموقراطيّة، إنتخاباً ومحاسبة، وثانياً إلى جميع المسؤولين كي يتحمّلوا مسؤوليّاتهم الأخلاقيّة والوطنيّة في هذا المجال، خدمةً للناس وحفاظاً على الوطن. وإلاّ أصبحت دولة لبنان دولة مفلسة على المستوى الأخلاقي والمادي والقانوني، فيصحّ فيها قول القديس أغسطينوس: " انزع القانون – وإذّاك ما الذي يميّز الدولة من عصابة ضخمة  لقطّاع طرق؟"

ثانياً، واقع الإقتصاد اللبناني 

يشهد الوضع  الإقتصادي – الإجتماعي  في لبنان منذ العام 1975 حتى تاريخه، ظروفا بالغة الصعوبة، وهي تنذر بالمزيد من الخطورة في ظلّ العجز عن جبهها وغياب الرؤى المتكاملة للحل. ففي ظلّ العولمة وارتباط إقتصاديّات البلدان بعضها ببعض، ثمة مشكلة أساسية تتمثل في عدم الإستقرار في أسعار النفط العالميّة، تنتج عنها مضاعفات على مختلف القطاعات الإقتصاديّة في لبنان:

فهي ترتّب أعباء إضافيّة على كلفة إنتاج الطاقة عندنا حاضراً ومستقبلاً . وقد أصبح موضوع الكهرباء يمثّل خطورةً على الإقتصاد الوطني، إذ بات يشكّل حوالي عشرين بالمئة من موازنة الدولة السنوية، ويساهم في العجز بقيمة  تفوق 65 بالمئة تقريبا، وهو رقم مرشح للزيادة سنوياً.

وتظهر مضاعفاتها واضحة على القطاعات الإنتاجيّة من صناعة وزراعة، فتتراجع بشكل خطر قدرتها التنافسية، بالإضافة الى ما يحلّ بها من كوارث طبيعية او مصطنعة، وما تلاقي من صعوبات في تصريف إنتاجها بسبب الإضطرابات والحروب التي تلفّ المنطقة.

ولا تنجو من تلك المضاعفات القطاعات الخدماتيّة نفسها التي لا بدّ لها من استعمال الطاقة، كما تتأثر بالظروف السياسيّة والأمنيّة المتقّلبة.

أمّا المشكلة الأساسيّة الثانية فهي تراكم الدَّين العام، واضطرار الدولة الى الإستدانة سنة بعد أخرى لتغطية قيمة الفوائد المتأتيّة من خدمة هذا الدين، لتكون الخلاصة عملياً غياب المصادر التمويلية للإستثمار في النمو وتثبيته والمحافظة عليه. ولهذا السبب يواجه لبنان واقع "الإقتصاد النازف" الذي تحوّل الى أزمة وجودية مستمرّة، تترجم بازدياد العجز في الموازنات سنة بعد سنة، في ظلّ عدم معالجة واقعي كهرباء لبنان والدين العام.

وإذا لم نتصدّ بقوّة لهذا الوضع السيّئ، فما هو متوقَّع في السنوات القليلة المقبلة  مخيف حقّاً. ففي حدود العام 2016 يتوقّع بعض الخبراء أن يرتفع إجمالي الدّين العام بحوالي 33 بالمئة، ليصل الى حدود 80 مليار دولار أميركي، ويرتفع العجز السنوي في ميزانية الحكومة بحوالي 47 بالمئة، وترتفع نسبة الدَّين الى إجمالي الناتج المحلّي من حوالي 140 بالمئة الى أكثر من 170 بالمئة. وهذه نسبة قد توقع لبنان في المحظور كما فعلت في دول اوروبية أغنى منه كاليونان وإيطاليا وغيرهما.

وينعكس كل ذلك سلباً على المواطن الذي ينوء تحت ثقل الأعباء المتصاعدة في أكلاف التدفئة والنقل وتشغيل المولّدات...بالإضافة الى تصاعد أسعار كلّ السلع والخدمات التي يستهلكها، في حين تتضاءل قدرته الشرائية يوما بعد يوم، فينتج عن كل ذلك أزمة إجتماعية لم يعرفها المجتمع اللبناني من قبل، أدّت وتؤدّي الى ذوبان الطبقة الوسطى، وتزايد نسبة المواطنين الذين يعيشون تحت خط الفقر، وانحسار عدد فرص العمل، وازدياد نزيف الهجرة في كل الإتّجاهات.

وراء كلّ هذه المعطيات، أخذ يلوح شبح الإنهيار الكبير، وخطر إفلاس الدولة الذي تبدو مؤشّراته واضحة من تعثّر الدولة في دفع المستحقات للمؤسّسات الخاصّة والعامّة، وعجزها عن تطوير البنى التحتية، والخوف من عدم تمكّنها من تأمين الرواتب والأجور للعاملين في القطاع العام،  ودفع مستحقّات الرواتب التقاعديّة، وصرف تعويضات نهاية الخدمة...

ثالثاً: مسبّبات هذا الواقع

لا شكّ في أن ما حلّ بلبنان من حروب، واحتلالات، وتدمير، وتهجير... منذ سنة 1975، قد ضرب الإقتصاد الوطني في الصميم، وحطّم ما كان ينعم به هذا الوطن من ازدهار، لكنّ هناك أسباباً أخرى منعت وما زالت تمنع هذا الإقتصاد من استعادة حيويته ومسيرته الطبيعيّة. من أهم هذه الأسباب:

اعتماد سياسات اقتصادية ناقصة: إنّ السياسات الإقتصادية المتّبعة منذ نهاية الحرب في أوائل التسعينيات، قد ركّزت على الإقتصاد الريعي، وأهملت القطاعات الإنتاجيّة التي تبني أسس الإقتصاد الوطني الحقيقي، واستسهلت الإستدانة تمويلاً لعجز الدولة المتفاقم، المتأتّي من تضخيم متفلّت لمصاريف الدولة غير المنتجة في معظمها.  كما أنها حصرت القوّة الإقتصاديّة في العاصمة من دون العمل جدّياً على إعادة بناء المناطق المهجّرة، وتنمية كل المناطق اللبنانيّة وكلّ قطاعات الإقتصاد فيها تنمية متوازنة. وهذا ما أدّى الى التراجع الخطير في القدرة التنافسيّة للقطاعات المنتجة في الصناعة والزراعة وغيرهما، ولم يحصّن القطاعات الأخرى في وجه التقلّبات السياسيّة والأمنيّة المتكرّرة. وأخطر ما أوصلت اليه هذه السياسات تراكم الدين العام الذي أدخل الإقتصاد الوطني في دوّامة مهلكة.

تفاقم الفساد في جسم الدولة والإدارات العامة: ما أدّى الى استباحة المال العام، والهدر في الإنفاق على المشاريع التي تكلّف الدولة أضعاف كلفتها الحقيقيّة، واستسهال الصفقات في كلّ المجالات مع غياب أيّة مراقبة او محاسبة.

اعتبار الدولة "بقرة حلوبة"، ومرتعاً للمحاسيب يحشرون في إداراتها دون اعتبار حاجتها لهم، وكفاءاتهم، وإنتاجيتهم. ما أدى الى التضخم الإداري بأعداد لا كفاءة لديهم، في الوقت الذي تشكو الإدارة من فراغات كبيرة في مراكز حسّاسة تتطلّب كفاءات علمية وأخلاقيّة عالية. وأخذت تبرز أخيراً محاولات وضع اليد على بعض المرافق العامّة، ومنافستها من قبل متنفّذين، ما ألحق ضرراً أكيدا بواردات الدولة.

فقدان القرار في الدولة: إن الإنقسامات السياسيّة العميقة، وعدم وجود رؤية موحّدة واضحة، وطغيان المصالح الخاصّة أو الفئويّة على المصلحة العامة، وعدم احترام القواعد الديموقراطيّة الصحيحة، وانتهاج سياسات الكيّدية والتعطيل المتبادل والتشفّي، كل ذلك أدّى الى شلل آلية اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب. وفي المرّات النادرة التي يتّخذ فيها قرار ما، فإنه يأتي بعد مخاض عسير من خلال مساومات، وغالباً ما يأتي متأخّراً، ليصبح في النهاية غير ملائم وغير مجد. وهكذا تأتي النتائج منقوصة على الصعيد الإقتصادي ، في غياب الحلول المدروسة والجذرية المتماسكة.

رابعاً، اقتراح بعض الحلول     

يدرك الآباء أن أوضاع الإقتصاد اللبناني المعقّدة لن تجد لها حلولا سحرية، كما يعلمون أن إيجاد الحلول التقنية هو من مهمّة الخبراء الذين يزخر بهم مجتمعنا ولكنّهم موضوعون على الحياد. لكنّ خطورة الوضع تحملنا على اقتراح بعض الحلول الاستراتيجية الكفيلة بوضع الأمور في نصابها.

تركيز الدولة على دورها الناظم:  ليس للدولة في النظام الإقتصادي الحرّ أن تحتكر السلطة والقرار وتدير مباشرة كل الإقتصاد، كما في الدول والأنظمة التوتاليتارية، لكن هذا لا يعني أن لا دور لها البتّة، كما يدّعي غلاة النظام الليبرالي المتفلّت. "فالكنيسة تحترم الإستقلالية المشروعة للنظام الديموقراطي (والإقتصادي الحرّ)، لكنّ النشاط الإقتصادي، وبخاصّة على صعيد السوق، لا يمكن أن يندرج في فراغ مؤسّسي أو قانوني، أو سياسي، بل يفترض، بالعكس، أن تؤمّن ضمانات للحريّات الفرديّة، وللملكيّة الخاصّة، فضلاً عن استقرار العملة واستتباب الخدمات العامّة. ومن واجبات الدولة الأساسيّة أن تكفل هذه الضمانات... وعلى الدولة أيضاً أن تراقب وترعى تطبيق حقوق الإنسان في المجال الإقتصادي" ( يوحنا بولس الثاني: السنة المئة ف. 48 ). فللدولة إذاً دور ناظم في مجال الإقتصاد، تقوم به من خلال سنّ القوانين العادلة التي تحدّد حقوق كلّ فئة وواجباتها، والسهر على تطبيق هذه القوانين دون محاباة، فتحدّ من الإحتكار، وجشع البعض، وترعى حقوق الفقراء والضعفاء في المجتمع، وتؤمّن العدالة الإجتماعيّة لجميع المواطنين. كما لها أن ترسم السياسات الإقتصادية العامّة، والخطط التي تنظّم استثمار الموارد الطبيعية، وأن ترعى القطاعات الضعيفة، وتنشر التنمية المتوازنة في كل المناطق... فاستعادة الدولة اللبنانيّة دورها الناظم، وممارسته بكفاءة وحزم وروح مسؤوليّة، وأخلاقيّة عالية، تفتحان أمامها الطريق لاعتماد حلول أخرى تعالج المشكلات الإقتصادية والإجتماعية بعمق. وعليها بالتالي عدم احتكار المرافق العامة، وهي لا قدرة لها على تطويرها وتنميتها، نظراً لاستدانتها العالية.

إطلاق الشراكة بين القطاع العامّ والقطاع الخاصّ المقيم والمغترب: إن معالجة الوضع الإقتصادي المشرف على الإنهيار الكبير، تتطلّب تضافر جهود كلّ المقتدرين على الإسهام في وقف هذا الإنهيار، وإطلاق دينامية جديدة تحفّز كلّ المواطنين على حمل حصّتهم من المسؤوليّة عن مجتمعهم. لذا نوصي بإطلاق قرار إعادة إحياء العمل في المجلس الإقتصادي- الإجتماعي، الذي يفتح باب الحوار البنّاء والعلمي والميثاقي، في سبيل بناء هذه الشراكة. كما نوصي بإقرار قانون التشركة بين القطاعَين العامّ والخاصّ وتطبيقه، لتشجيع الإستثمار الذكي في البنى التحتيّة التي تشهد تآكلا مخيفاً، بتمويل ملائم دون ترتيب ديون جديدة على الخزينة. ونوصي أيضاً بالإسراع في تعيين الهيئات الناظمة للقطاعات المختلفة، من كهرباء وغاز ومياه وغيرها...

الخطّة الخمسيّة او أكثر لتخفيض نسبة الدّين العام: إن معالجة الملفّات الإقتصاديّة- الإجتماعيّة المطروحة، تكون عبر إصلاح جذري ضمن خطّة خمسيّة او أكثر، تشمل وضع موازنات تستشرف المعطيات للأعوام  المقبلة، وتتبنّى حلولاً خلاّقة مكمّلة عبر استحداث "صندوق خاص" لمعالجة الدَّين العام، وإنشاء "صندوق للطاقة"، وتحفيز القطاعات المنتجة، وتعزيز القدرة الشرائية لدى المواطن، واستقطاب الإستثمارات للتوظيف في البنى التحتيّة ، ودعم التعليم، وإعادة هيكلة قطاع الكهرباء والإسراع في تشكيل الهيئة الناظمة له ولسواه من القطاعات، والتعاقد مع شركات متخصّصة باستخراج النفط بشفافيّة مطلقة ودون تسيس او فساد، وذلك قبل أن توضع الأيدي على جزء كبير من حقول النفط والغاز الطبيعي في مياهنا الإقليميّة، وتتسبب لنا بحروب جديدة نحن بغنى عنها.

إن المصارف اللبنانية قلعة مهمّة للإقتصاد اللبناني، ومفخرة لكلّ اللّبنانيين. من هنا ضرورة وعيها  لمسؤوليّاتها في حماية المدّخرين وصغار المودعين، وترشيد عملية إدانتها للدولة، لكي لا يتعرّض هؤلاء وغيرهم الى مخاطر نراها أمام أعيننا مع أزمات الديون السيادية، اليوم وفي الأمس، في آسيا وأميركا اللاتينية وغيرها.

الإسراع في تطبيق اللامركزية الإدارية والإنمائية الموسّعة: التي تطلق النموّ الإقتصادي  وعجلة الإنماء المتوازن، وتقرّب الخدمات الإجتماعيّة والإنمائيّة من المواطن. وهذا التدبير سيحفّز  المواطنين على دفع الضرائب والرسوم المطلوبة منهم، ويفتح أمامهم إمكانيّة المراقبة والمحاسبة، ويغذّي عندهم روح التضامن والتكافل الإجتماعي.

بسط الدولة قراراتها على المناطق والمواطنين كافّة:  بما يتعلّق بالجباية وتحصيل الضرائب، وتطبيق القوانين الجمركية، وإخضاع الجميع لمتطلّباتها، ومكافحة التهريب والإنحرافات ومختلف أنواع التفلّت من الأنظمة المرعيّة الإجراء، فلا يكون هناك صيف وشتاء فوق سطح واحد، وتتعامل الدولة بعدالة ومساواة مع جميع أبنائها.

تحذير وخاتمة

أمام أخطار الإنهيار الكبير والوصول الى فشل العقد الوطني- الإجتماعي، يطلق الآباء صرخة تحذير كبرى من خطر تزامن هذا الفشل مع المتغيّرات السياسيّة الكبرى الحاصلة في المنطقة، قد تشكّل، لاسمح الله، الشرارة التي في اندلاعها قد يبدأ انحلال لبنان. فالإنهيار الإقتصادي- الإجتماعي إن حصل، سيشكّل عامل ضغط إضافي على النسيج الوطني الذي تجمعه فوائد وطنية مشتركة، كما تفاهمات جوهريّة ودستوريّة ليست موضع نزاع او انقسام. فعندما تعجز الدولة عن الإلتزام بموجباتها، يرهن الوطن ومصالحه العليا، ويسهل عندها فرض تغييرات جوهرية قد تصيب نسيجه الوطني، على غرار فرض أمر واقع بالتوطين، أو الإنحراف عن جوهر اتفاق الطائف القاضي بالمناصفة، أو القبول بتبدلات أساسيّة في الخيارات الاستراتيجية على صعيد السياسة الخارجية...

يأمل الآباء أن يجد اللّبنانيون في هذه الأخطار فرصة حقيقيّة لإطلاق نهضة إقتصاديّة واجتماعيّة، تلحظ حلولاً جوهريّة لمعضلات وطننا وأوجاع شعبنا. كما يدعون الى تجديد الميثاق بين شركاء الوطن حول كيانه، ونظامه، ورسالته، والى العمل على تحييد لبنان عن صراعات المحاور الإقليميّة والدوليّة، والحفاظ على غنى رسالته كوطن التعدّدية والوحدة في التنوع، وترسيخ الإستقرار فيه كمدخل الى إطلاق النموّ الحقيقي في سبيل الإنسان. فلا مشروعية لأي عمل سياسي او اقتصادي إن لم يهدف الى خدمة الإنسان وتطوير مستوى حياته، وحماية الفقير والضعيف.








All the contents on this site are copyrighted ©.