2012-07-28 15:11:08

الإنجيل وقفة تأمل عند كلمة الحياة


عبَرَ يسوعُ بَحرَ الجَليل (أَي بُحَيَرَةَ طَبَرِيَّة). فتَبِعَه جَمعٌ كثير، لِما رَأوا مِنَ الآياتِ الَّتي أَجْراها على المَرْضى. فصَعِدَ يسوعُ الجَبَل وجَلَسَ مع تلاميذِه. وكانَ قدِ اقتَرَبَ الفِصحُ عيدُ اليَهود. فرَفَعَ يسوعُ عَينَيه، فرأَى جَمعًا كثيرًا مُقبِلاً إِلَيه. فقالَ لِفيلِبُّس: "مِن أَينَ نَشتَري خُبزًا لِيأكُلَ هؤلاء؟" وإِنَّما قالَ هذا لِيَمتَحِنَه، لأَنَّهُ كانَ يَعلَمُ ما سَيَصنَع. فأَجابَه فيلِبُّس: "لوِ اشتَرَينا خُبزًا بِمَائَتي دينار، لما كفَى أَن يَحصُلَ الواحِدُ مِنهُم على كِسرَةٍ صَغيرة". وقالَ له أّحَدُ تَلاميذه، أَندَراوَس أَخو سِمْعانَ بُطرُس: "ههُنا صَبِيٌّ معَهُ خَمسَةُ أَرغِفَةٍ مِن شَعير وسَمَكتان، ولكِن ما هذا لِمِثلِ ذاكَ الجَمع؟" فقالَ يسوع: "أَقعِدوا النَّاس". وكان هُناكَ عُشبٌ كَثير. فَقَعَدَ الرِّجالُ، وكانَ عَدَدُهم نَحوَ خَمسِةَ آلاف. فأَخَذَ يسوعُ الأَرغِفَةَ وشَكَر، ثُمَّ فَرَّقَ مِنها على الآكِلين، وفَعَلَ مِثلَ ذلك بالسَّمَكَتَين، على قَدْرِ ما أَرادوا. فلَمَّا شَبِعوا قالَ لِتلاميذِه: "اِجمَعوا ما فَضَلَ مِنَ الكِسَرِ، لِئَلاَّ يَضيعَ مِنها شَيء". فجَمَعوها ومَلأُوا اثنَتَي عَشْرَةَ قُفَّةً مِنَ الكِسَرِ، الَّتي فَضَلَت عنِ الآكِلينَ مِن خَمسَةِ أَرغِفَةِ الشَّعير. فلَمَّا رأَى النَّاسُ الآيةَ الَّتي أَتى بِها يسوع، قالوا: "حَقًا! هذا هوَ النَّبِيُّ الآتي إِلى العالَم". وعَلِمَ يسوعُ أَنَّهم يَهُمُّونَ بِاختِطافِه لِيُقيموهُ مَلِكًا، فانصَرَفَ وعادَ وَحدَه إلى الجَبَل. (يوحنا 6، 1- 15)

 

للـتأمل

يقدم لنا إنجيل اليوم حدث تكثير الخبز عند بحيرة طبريّة، يخبرنا الإنجيلي يوحنا:" عبَرَ يسوعُ بَحرَ الجَليل. فتَبِعَه جَمعٌ كثير، لِما رَأوا مِنَ الآياتِ الَّتي أَجْراها على المَرْضى"، لقد عرف الجمع بحضوره فجاءوا إليه، "وكانَ عَدَدُهم نَحوَ خَمسِةَ آلاف".

جاءوا إليه يحملون ثقل وتعب الحياة اليومية، أتوا مع قلوبهم الجريحة، همومهم وأسقامهم واثقين من أن يسوع سوف يريحهم، ألم يقل هو بنفسه:"تعالوا إلي يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم". واثقين من أنه سيشفي أمراضهم، ويقيم موتاهم... رأى يسوع الألم الذي يحمله كلّ منهم في قلبه، فَأَخذَتْه الشَّفَقَةُ علَيهم فشفى أمراضهم، وغفر خطاياهم، وأطعمهم...

فعل لهم ما لم يفعله لنفسه، فبعد أن صام في البريّة أربعين يوما وجاع قالَ له إِبليس:"إِن كُنتَ ابنَ الله، فَمُر هذا الحَجَرَ أَن يَصيرَ رَغيفاً". فأَجابَه يسوع:"مَكتوبٌ: لَيَس بِالخُبزِ وَحدَه يَحيا الإِنسان". إنما اليوم لم يقل للجمع الجائع: "لَيَس بِالخُبزِ وَحدَه يَحيا الإِنسان"، بل كثر لهم الخبز والسمك...

لقد انحنى على ضعفنا وعلى جراحنا يضمدها، ولم يرفض يوما من أتى إليه واثقا به وبمحبته، شفى المرضى، أعاد البصر للعميان، شفى المخلّعين، وحرر الكثيرين من الأرواح التي كانت تعذبهم... لقد أعطاهم هذه الأشياء الصغيرة بسخاء حتّى يعلموا بأنّ هبته العظمى ستكون مجّانيّة... أخذ آلامنا وخطايانا ليحررنا ويمنحنا الحياة بملئها... لا يطلب منا سوى القليل "خَمسَةُ أَرغِفَةٍ وسَمَكتان"، ليغدق علينا نعمه. فلنفتح له قلوبنا ولنضع ذواتنا بتصرفه لنصبح نحن أيضا أدوات لتحقيق الملكوت وحمل البشارة. آمين








All the contents on this site are copyrighted ©.