2012-07-22 09:23:38

الإنجيل وقفة تأمل عند كلمة الحياة


في ذلك الزَّمان: اجتَمَعَ الرُّسُلُ عِندَ يسوع، وأَخبَروه بِجَميعِ ما عَمِلوا وعلَّموا. فقالَ لهم: "تَعالَوا أَنتم إِلى مَكانٍ قَفرٍ تَعتَزِلونَ فيه، واستَريحوا قَليلاً". لأَنَّ القادِمينَ والذَّاهِبينَ كانوا كَثيرينَ حَتَّى لم تَكُنْ لَهم فُرصَةٌ لِتَناوُلِ الطَّعام. فمَضَوا في السَّفينَةِ إِلى مَكانٍ قَفرٍ يَعتَزِلونَ فيه. فرآهُمُ النَّاسُ ذاهبين، وعَرَفَهُم كثيرٌ مِنهُم، فأَسرَعوا سَيرًا على الأَقدامِ مِن جَميعِ المُدُن وسبَقوهم إِلى ذلك المَكان. فلَمَّا نَزَلَ إِلى البَرّ رأَى جَمعًا كثيرًا، فَأَخذَتْه الشَّفَقَةُ علَيهم، لأَنَّهم كانوا كَغَنَمٍ لا راعِيَ لها، وأَخَذَ يُعَلَّمُهم أَشياءَ كثيرة. (مرقس 6، 30- 34)

 

للتـأمل

عاد الرسل من حمل بشرى الملكوت، فكان يسوع بانتظارهم ودعاهم إلى مكانٍ قفر ليستريحوا. عادوا فرحين بالخبرة التي عاشوها ومدهوشين من ثمار الرسالة التي حملوها باسم يسوع، لذا كان لديهم الكثير ليخبروه به كما يخبرنا الانجيلي مرقس:"اجتَمَعَ الرُّسُلُ عِندَ يسوع، وأَخبَروه بِجَميعِ ما عَمِلوا وعلَّموا".

يخبرنا الكتاب المقدس كيف كان يسوع دائما يبتعد إلى مكان قفر ليختلي ويصلّي، ويتميّز إنجيل اليوم بدعوة يسوع للرسل، بعد عودتهم من الرسالة، لمشاركته في عزلته وخلوته. هذه الدعوة عينها يوجهها يسوع لنا اليوم، فهل يمكننا أن نقف أمامه واثقين بأننا أتممنا الرسالة التي أوكلها إلينا؟ هل حملنا بشرى الملكوت إلى حيث أرسلنا؟ يدعونا لمشاركته حميميته لمجرّد إتمامنا لرسالته، فكم هي عظيمة ثقته بنا!

لكننا غالبا ما نذهب إليه حاملين انشغالاتنا، ومشاكلنا سائلينه حلولا ونعما، ونشعر بأنه خذلنا إن لم يحقق لنا مطالبنا، وننسى أننا كنا نحن أول من خذله بعدم اكتراثنا لرسالته وإنجيله. يخبرنا الإنجيلي مرقس أن يسوع كان بانتظار الرسل الذين تعبوا في حمل البشارة، وعند وصولهم أخذهم ليرتاحوا وليكونوا بصحبته. فمن يعطي وقتا لله ولملكوته، يكون الله معه ويرافقه، فلا يمكننا أن نتذمر إذا على الله ما لم ندعه يدخل في حياتنا ويملك على قلوبنا، هو لا يتركنا أبدا بل نحن الذين نبتعد عنه لننشغل بأنفسنا، ونغلق أبواب قلوبنا على محبته، فمن يريد أن يقترب من الله عليه أن يعطيه مكانا في حياته، أن يتواضع أمامه مسلما له أمره، أن يكرس له وقتا ليسمع صوته ويكلمه بعيدا عن صخب وضوضاء هذا العالم.

فالله قد خلقنا ووضع في قلوبنا عطشا إلى الحب يمكن لقلبه فقط أن يرويه إلى الأبد، لذا يجب أن نبحث عنه ونكرس له وقتا ليتمكن من رؤيتنا ويشفق على حاجاتنا كما أشفق على هذه الجموع.

فلنصغ اليوم إلى دعوة يسوع: "تَعالَوا أَنتم إِلى مَكانٍ قَفرٍ تَعتَزِلونَ فيه، واستَريحوا قَليلاً"، فإن قبلناها وتبعناه اختبرنا محبته وتنعمنا بقربه ورعايته. وإذا أردنا حقا أن يدعونا لنرتاح معه علينا أن نتعب في حمل البشارة. وكما قال القدّيس كيرلُّس في تعليقه على سفر التكوين، كرّم الربّ حبًّا به، لا خوفًا من صفة الديّان القاسية التي ألصقت به. أحببْ الربّ كما يجب أن يُحبّ، لا من أجل المجازاة التي سيمنحها لك، ولكن من أجل ما تلقّيناه، من أجل هذا الكون الذي خلقه وقدّمه لنا. مَن يستطيع أن يردّ إليه الجميل الذي صنعه من أجلنا؟ من خلال أعمالنا، ماذا نستطيع أن نقدّم له؟ في البدء، مَن الذي أقنعه بأن يخلقنا؟ ومَن يصلّي له من اجلنا عندما لا نعترف بجميله؟ كم هي مدهشة رحمة الله! وكم هي رائعة نعمة الربّ خالقنا!... مَن يستطيع أن يتحدّث عن مجده؟








All the contents on this site are copyrighted ©.