2012-06-17 15:19:08

الإنجيل وقفة تأمل عند كلمة الحياة


في ذلك الزَّمان: قال يَسوعُ للجموع: "مَثَلُ مَلَكوتِ اللهِ كَمَثَلِ رَجُلٍ يُلْقي البَذْرَ في الأَرض. فسَواءٌ نامَ أو قامَ لَيلَ نَهار، فالبَذْرُ يَنبُتُ ويَنمي، وهو لا يَدري كيفَ يَكونُ ذلك. فَالأَرضُ مِن نَفسِها تُخرِجُ العُشبَ أَوَّلاً، ثُمَّ السُّنُبل، ثُمَّ القَمحَ الَّذي يَملأُ السُّنبُل. فما إِن يُدرِكُ الثَّمَرُ حتَّى يُعمَلَ فيه المِنجَل، لأنَّ الحَصادَ قد حان". وقال: "بِماذا نُشَبِّهُ مَلَكوتَ الله، أَو بِأَيِّ مَثَلٍ نُمَثِّلُه؟ إِنَّه مِثلُ حَبَّةِ خَردَل: فهِيَ، حينَ تُزرَعُ في الأَرض، أَصغَرُ سائرِ البُزورِ الَّتي في الأَرض. فإِذا زُرِعَت، اِرتَفَعَت وصارَت أَكبَرَ البُقولِ كُلِّها، وأَرسَلَت أَغْصانًا كَبيرة، حتَّى إِنَّ طُيورَ السَّماءِ تَستَطيعُ أَن تُعَشِّشَ في ظِلِّها". وكانَ يُكَلِّمُهُم بِأَمْثالٍ كَثيرةٍ كهذِه، لِيُلْقِيَ إِلَيهم كلِمةَ الله، على قَدرِ ما كانوا يَستَطيعونَ أَن يَسمَعوها. ولَم يُكَلِّمْهُم مِن دُونِ مَثَل، فَإِذا انفَرَدَ بِتَلاميذِه فَسَّرَ لَهم كُلَّ شَيء. (مرقس 4، 26- 34)

 

 

للتـأمل

نتأمل في الأحد الحادي عشر من زمن السنة مثل حبة الخردل الذي يعلمنا يسوع من خلاله أن ملكوت الله هو كحبة الخردل هذه التي يجب أن نعرف كيف نزرعها لكي تنمو وترتفع وتعطي ثمارها في وقتها.

الزرع هو قبل كل شيء أن نعطي من ذواتنا، أن نتخلى عن ما هو شخصيّ، كما يذكرنا المزمور:" الَّذِينَ يَزْرَعُونَ بِالدُّمُوعِ يَحْصُدُونَ بِالابْتِهَاجِ. الذَّاهِبُ ذَهَابًا بِالْبُكَاءِ حَامِلاً مِبْذَرَ الزَّرْعِ، مَجِيئًا يَجِيءُ بِالتَّرَنُّمِ حَامِلاً حُزَمَهُ" (مز125). الزرع أيضا هو تعب ومجازفة فهو يهدد كل ضماناتنا...

يعلمنا إنجيل هذا الأحد أن الرب صبور طويل الأناة تماما كالزارع، ففي عملية نمو الزرع نجد مرحلة تخرج عن إرادة الزارع، "فسَواءٌ نامَ أو قامَ لَيلَ نَهار، فالبَذْرُ يَنبُتُ ويَنمي، وهو لا يَدري كيفَ يَكونُ ذلك". فالزارع ينتظر بصبر ثمار عمله، يملؤه الرجاء بمحبة الله، وهكذا ملكوت الله فزرع الكلمة في الإنسان يزهر في حياة جديدة.

فقبول كلمة الله، والتأمل بها وإعلانها هي نعمة تفرِّح الحياة كما يردد صاحب المزمور:"يَطيبُ رَفعُ ٱلحَمدِ إِلى ٱلمَولى، وَٱلتَّغَني بِٱسمِكَ، أَيُّها ٱلعلي وَإِعلانُ رَحمَتِكَ صَباحا وَٱلجَهرُ بِأَمانَتِكَ لَيلا " (مز 91).

وعيش كلمة الله هو عيش المسيح، بالاستسلام إلى محبته التي تقودنا إلى اللقاء بالله، عيش كلمة الله هي أن نصبح مصابيح مشعة تنير التاريخ وترشد البشر على درب الخلاص. فملكوت الله هو عطية مجانية لنا من محبة الله اللامتناهية هي البذرة التي يزرعها الله في قلوبنا ويطلب منا أن نغذيها في حياتنا من خلال أعمال الإيمان فنصبح على مثال الغصن الذي يتكلم عنه النبي حزقيال:" إِنِّي سآخُذُ مِن ناصِيَةِ الأَرزِ العالي لأَغرِسَها.أَقتَطِع مِن عالي أَغْصانِه غُصنًا غَضًّا وأَغرِسُه أَنا على جَبَلٍ شامِخٍ شاهِق. في جَبَلِ إِسْرائيل العالي أَغرِسُه فيُنشِئُ أَفْنانًا ويثمِرُ ثَمَرًا ويَصيرُ أَرزًا جَليلاً، فيَأوي تَحتَه كُلُّ طائِر، كُلُّ ذي جَناحٍ يَأوي في ظِلِّ أَغْصانِه. فتَعلَمُ جَميعُ أَشْجارِ الحُقولِ أَنِّي أَنا الرَّبَّ " (حزقيال 17، 22- 24). ففي يدي الرب يصبح كل إنسان يقبل عطيته ويحيا بحسب كلمته، مبشرا بالسلام وعاملا مجتهدا في ملكوت المحبة والعدل والسلام!








All the contents on this site are copyrighted ©.