2012-06-02 16:05:43

الإنجيل وقفة تأمل عند كلمة الحياة


في ذلك الزمان: ذهب التَّلاميذُ الأَحَدَ عَشَر إِلى الجَليل، إِلى الجَبَلِ الَّذي أَمَرَهم يسوعُ أَن يَذهَبوا إِليه. فلَمَّا رَأَوهُ سَجَدوا له، ولكِنَّ بَعضَهُمُ ارْتابوا. فَدَنا يسوعُ وكَلَّمَهم قال: "إِنِّي أُوليتُ كُلَّ سُلطانٍ في السَّماءِ والأَرض. فاذهَبوا وتَلمِذوا جَميعَ الأُمَم، وعَمِّدوهم بِاسْمِ الآبِ والابْنِ والرُّوحَ القُدُس، وعَلِّموهم أَن يَحفَظوا كُلَّ ما أَوصَيتُكُم به، وهاءنذا معَكم طَوالَ الأَيَّامِ إِلى نِهايةِ العالَم".(متى 28، 16- 20)

 

للتـأمل

تحتفل الكنيسة اليوم بأحد الثالوث الأقدس، وإذا تأملّنا في موضوع هذا الأحد من الناحية الليتورجية، نجد أنّه أحد قمّة الأسرار اللاهوتيّة التي نتأمّل فيها طوال السنة، فبعد الآم الرّب وقيامته، ظهوره للتلاميذ وإرسالهم لهم للتبشير، صعوده إلى السماء، نصل إلى أحد الثالوث الأقدس.

إن الثالوث الأقدس هو السرّ المحوريّ للإيمان وللحياة المسيحيّة. هو سرّ الله في ذاته، وبالتالي فهو يشكلّ مصدر أسرار الإيمان الأخرى وعلى ضوئه تتّضح الأسرار الأخرى. فكلّ تاريخ الخلاص هو قصّة تجلّي الله الحقيقيّ والواحد: الآب والابن والرّوح القدس، الّذي يصالح معه من انفصل عنه بالخطيئة ويضمّهم إليه.

إن عقلنا لن يصل أبداً إلى إدراك سرّ الثالوث الأقدس، رغم هذا يمكننا معرفة الثالوث، والدخول في أعمق أسراره. فالحب هو أسهل الوسائل لمعرفة جوهر الله، لأنّ الله محبة وجوهره محبّة كما يقول يوحنّا في رسالته. من يحبّ يعرف، لا معرفة العالِم والمُختبِر بل معرفة الواثق والمرتجي. معرفة الله هي أن أحبّه، فالمحبّة هي أن أحيا عمليّاً ما هو الله بجوهره، بالحبّ أشارك الله في حقيقة وجوده. حين أحب أثق، وأؤمن، وأعلم أن الربّ سوف يكشف ذاته لي بقدر ما أحببته، فأعرفه لأنّي أحبّه، لا أحبّه لأنّي أعرفه.

حبّ الثالوث لا بدّ أن يتجلّى في حياتي اليوميّة كمؤمن، فأنا الّذي اعتمدت باسم الآب والابن والرّوح القدس صارت هويّتي الثالوث الأقدس، وصرت عاملاً باسمه وعلى مثاله. علاقتي مع ذاتي لا بدّ أن تكون ثالوثيّة، أعرف ذاتي وأقبل عطايا الله لي في الشّخص الّذي صرته بنعمة من الله. وعلاقتي مع الآخرين لا بدّ أن تكون ثالوثيّة معطاءة ولا بد أن يكون رباطها الرّوح القدس ومحورها الحبّ وبذل الذّات.

عائلتنا لا بدّ أن تكون ثالوثيّة، أي أن يتجلّى فيها حبّ الثالوث من خلال حبّ الزوجين، فيكون حبّهما، على مثال حبّ الآب والابن، خصباً يعطي الحياة، كما أعطى الآب بالابن روح الحياة للعالم. صداقاتنا لا بدّ أن تكون ثالوثيّة، مجتمعنا وعالمنا لا بدّ أن يقبل منطق الثالوث في داخله لتكون له الحياة. صعب هو فهم سرّ الثالوث، وسهل عيش حقيقته، حين أحبّ أعرف عمق الثالوث لأنّي أحيا جوهر الثالوث، الذي هو المحبّة.








All the contents on this site are copyrighted ©.