2012-05-30 16:22:24

في مقابلته العامة البابا بندكتس السادس عشر: الصلاة هي اللقاء مع الله الذي يجدد أمانته الثابتة


أجرى البابا بندكتس السادس عشر صباح اليوم الأربعاء مقابلته العامة مع المؤمنين في ساحة القديس بطرس بالفاتيكان، ووجه نداء عبّر فيه عن قربه من سكان منطقة إميليا رومانيا المتضررة من هزات أرضية جديدة سببت سقوط ضحايا وأضرارا كبيرة لاسيما في الكنائس. وأكد الأب الأقدس قربه بالصلاة من الجرحى وقدّم تعازيه الحارة لعائلات الضحايا، وتمنى أن تعود الحياة الطبيعية لهذه المنطقة بأسرع وقت بمساعدة الجميع وتضامن الوطن بأسره.

وكان الأب الأقدس قد استهل تعليمه الأسبوعي لهذا الأربعاء بالقول: إخوتي وأخواتي نواصل التأمل اليوم بالصلاة في رسائل القديس بولس ونرى كيف أن الصلاة المسيحية هي لقاء شخصي وحقيقي مع الله الآب بالمسيح بواسطة الروح القدس. نتكلم في هذا اللقاء عن الحوار بين "نعم" الله الأمين و"آمين" المؤمن الواثق، انطلاقا من رسالة القديس بولس الثانية إلى أهل كورنتس.

تابع الأب الأقدس يقول يرسل القديس بولس رسالته هذه إلى كنيسة راودَها الشك مرارا كثيرة حول رسالته، وتبدأ بصلاة بركة وشكر لله "تَبارَكَ الله أَبو ربِّنا يسوعَ المسيحِ، أَبو الرَّأفَةِ وإِلهُ كُلِّ عَزاء، فهو الَّذي يُعَزِّينا في جَميعِ شَدائِدِنا لِنَستَطيعَ، بما نَتَلقَّى نَحنُ مِن عَزاءٍ مِنَ الله، أَن نُعَزِّيَ الَّذينَ هُم في أَيَّةِ شِدَّةٍ كانَت" (2 كور 1، 3- 4).

أضاف البابا لقد عانى القديس بولس الاضطهاد أيضا في سبيل إعلان المسيح، حتى السجن، ولكنه بقي يشعر دائما بأنه حر في داخله، يحييه حضور المسيح وهو متقد برغبة إعلان كلمة رجاء الإنجيل، ومن سجنه كتب إلى تلميذه طيموتاوس: "ولكِنَّ كَلِمَةَ اللهِ لَيسَت مُقيّدَة. ولِذلِك أَصبِرُ على كُلِّ شَيءٍ مِن أَجْلِ المُختارين، لِيَحصُلوا هم أَيضا على الخَلاصِ الَّذي في المسيحِ يسوع وما إِلَيه مِنَ المَجْدِ الأَبَدِيّ " ( 2 طيم 2، 9). وفي ألمه من أجل المسيح يختبر القديس بولس عزاء الله فيقول:"فكَما تَفيضُ علَينا آلامُ المسيح، فكَذلِك بِالمسيحِ يَفيضُ عَزاؤنا أَيضًا" (2 كور 1، 5).

تابع الأب الأقدس يقول يحثنا القديس بولس على تخطي الصعوبات، متّحدين بالمسيح الذي يأخذ على عاتقه ألم وخطيئة العالم ويعطي الرجاء والخلاص، فعزاء الله يعطى لنا بالصلاة اليومية. وبعد أن ننال التعزية، يمكننا أن نعزي إخوتنا. وأضاف البابا أن الإيمان هو عطية الله المجانية وجوابُ الله للإنسان بالمسيح الذي يعلّمنا أن نعيش حبا له ولإخوتنا. فبالرغم من عدم أمانتنا المتواصلة، تبقى ثابتة "نِعم الله ودعوته!"

أضاف البابا قائلا إخوتي وأخواتي الأعزاء، إن الله يعمل بطريقة مختلفة عن طرقنا، فهو يعطينا العزاء والقوة والرجاء، لأن الله ثابت على وعوده، فهو صبور معنا، وبرحمته الواسعة يسبقنا ويأتي للقائنا، كما يكتب القديس بولس في رسالته إلى تلميذه طيطس: "فلَمَّا ظَهَرَ لُطْفُ اللهِ مُخَلِّصِنا ومَحَبَّتُه لِلبَشَر، لم يَنظُرْ إِلى أَعمالِ بِرٍّ عمِلْناها نَحنُ، بل على قَدْرِ رَحَمَتِه خَلَّصَنا بِغُسْلِ الميلادِ الثَّاني والتَّجديدِ مِنَ الرُّوحِ القُدُسِ" ( طيطس 3، 4- 5). ولكي يتجدد يوميا جواب الله لنا "مَسَحَنا وخَتَمَنا بِخَتمِه وجَعَلَ في قُلوبِنا عُربونَ الرُّوح" (2 كور 1، 21- 22). في الواقع إن الروح القدس هو الذي يُبقي فينا حاضرة وحيّة "نعم" الله بالمسيح يسوع، ويخلق في قلبنا الرغبة بإتباعه للدخول يوما في محبّته.

أصدقائي الأعزاء تابع البابا يقول، الصلاة هي لقاء مع "شخص حي" نصغي إليه ونتحاور معه، هي اللقاء مع الله الذي يجدد أمانته الثابتة، والـ "نعم" للإنسان، لكل واحد منا ليمنحنا عزاءه في وسط عواصف الحياة وليحيينا متحدين معه بحياة يملؤها الفرح والخير وتجد ملأها في الحياة الأبدية.

ختم الأب الأقدس تعليمه الأسبوعي بالقول نحن مدعوون بصلاتنا لنقول "نعم" لله ونجيب بـ"آمين" الإتباع والأمانة له طول حياتنا. وهذه الأمانة لا يمكننا أن نمتلكها بقوتنا، فهي ليست فقط ثمرة التزامنا اليومي، إنما هي من الله، وهي مبنية على "نعم" المسيح الذي يعلن "طعامي أن أعمل مشيئة الآب" (يوحنا 4، 34). لذا علينا أن ندخل في هذه الـ"نعم"، في "نعم" المسيح بالاستسلام لمشيئة الله حتى نتمكن من القول مع القديس بولس:" فما أَنا أَحْيا بَعدَ ذلِك، بلِ المسيحُ يَحْيا فِيَّ " (غل 2، 20).








All the contents on this site are copyrighted ©.