2012-05-27 13:42:37

الإنجيل وقفة تأمل عند كلمة الحياة


في ذلك الزمان، وقبل أن ينتقل يسوع من هذا العالم إلى أبيه، قال لتلاميذه: "متى جاء المؤيد، الذي أرسله إليكم من لدن الآب، روح الحق المنبثق من الآب، فهو يشهد لي. وأَنتُم أَيضًا تَشهَدون لأَنَّكُم مَعي مُنذُ بَدْء الأمر. لا يَزالُ عِنْدي أَشْياءُ كثيرةٌ أَقولُها لَكم ولكِنَّكُم لا تُطيقونَ الآنَ حَملَها. فَمتى جاءَ هوَ، أَي رُوحُ الحَقّ، أَرشَدكم إِلى الحَقِّ كُلِّه لأنه لا يَتَكَلَّمَ مِن عِندِه بل يَتَكلَّمُ بِما يَسمَع ويُخبِرُكم بِما سيَحدُث سيُمَجِّدُني لأَنَّه يَأخُذُ مِمَّا لي و يُطلِعُكُم عَلَيه جَميعُ ما هو لِلآب فهُو لي ولِذلكَ قُلتُ لَكم إِنَّه يأخُذُ مِمَّا لي ويُطلِعُكُم عَلَيه".

 

للتأمل

هو أحد العنصرة، أحد حلول الرّوح القدس على التلاميذ في عليّة صهيون. به تختتم الكنيسة زمن القيامة، لأن العنصرة هي ثمرة القيامة الأسمى في حياة الكنيسة، وتفتتح زمن العنصرة. زمن إعلان قيامة الرّب للكون بأسره. هو إعلان بدأته جماعة الرّسل بعد حلول الرّوح، ولا يزال مستمرّاً حتى اليوم ويستمرّ الى نهاية الأزمنة، يوم تسجد كلّ ركبة، وتعلن كلّ شفة أن المسيح هو الرّب، وهو الرّب القائم من بين الأموات.

إن العنصرة هي ثمرة الفصح، ولولا قيامة الرّب من بين الأموات لما وُجِد هذا العيد في حياة الكنيسة. العنصرة هي قمّة حدث القيامة، فالربّ يسوع القائم من بين الأموات، المرتفع الى السماء والجالس عن يمين الله الآب، يؤكّد استمرارية عمله الخلاصيّ في حضن الكنيسة من خلال روحه القدّوس المرافق والمعزّي.

الروح القدس يقود الكنيسة اليوم كما قادها منذ البدء لكيما تبقى شاهدة أمينة لحضور الرّب ولتعلن إنجيله في المسكونة بأسرها.

الروح القدس يعطي الكنيسة القدرة على عيش التوبة الدائمة، من خلال توبة كلّ واحد منّا، لتبقى الكنيسة عروساً أمينة لا عيب فيها ولا وصمة، تحمل إنجيل المسيح وتبشّر بقيامته وتأوّن خلاصه في عالم.

الرّوح القدس هو الّذي يعطي الكنيسة القدرة على الإستمرار في الإيمان الّذي قبلته. الرّوح القدس هو روح الرّب وهو روح الكنيسة، فهو الّذي يعطيها الحياة والقدرة على الإستمرار شاهدة للمسيح يسوع.

الروح القدس هو يسكن فينا، يحوّلنا الى هياكل لله، الروح القدس هو الّذي يصليّ فينا: " وكَذلِكَ فإِنَّ الرُّوحَ أَيضاً يَأتي لِنَجدَةِ ضُعْفِنا لأَنَّنا لا نُحسِنُ الصَّلاةَ كما يَجب, ولكِنَّ الرُّوحَ نَفسَه يَشفَعُ لَنا بأَنَّاتٍ لا تُوصَف" (روم 8، 26). فقط بالرّوح القدس ندخل في صداقة الله، نصليّ ونصرخ اليه بدالّة الأبناء.

الرّوح القدس هو الّذي يجعلني أحافظ على حقيقة كوني إبناً للآب، هو الذي يعطينا الحريّة الحقيقيّة. الروح القدس هو أداة إيصال البشارة، لأنّه خالق للحوار الحقيقي. الرّوح يعطي الإنسان القدرة على السماع والفهم: "فامتَلأُوا جَميعًا مِنَ الرُّوحِ القُدس، وأَخذوا يتكلَّمونَ بِلُغاتٍ غَيرِ لُغَتِهِم، على ما وَهَبَ لهُمُ الرُّوحُ القُدُسُ أن يَتَكَلَّموا" (أع 2، 4) و "تَجَمهَرَ النَّاسُ وقَد أَخَذَتْهُمُ الحَيرَة، لأَنَّ كُلاًّ مِنهُم كانَ يَسمَعُهم يَتَكَلَّمونَ بِلُغَةِ بَلَدِه" (أع 2، 6). دون الرّوح إذا لا يمكن للرسول أن يعلن إنجيل يسوع، ودون الرّوح عينه تبقى آذان السامعين مغلقة.

مريم الحاضرة مع الرّسل تقتبل الرّوح، هي مثال لنا، لكلّ تلميذ، في كيف نحيا طاعة الإيمان لإرادة الرّب في حياتنا. هي التي حلّ عليها الرّوح في عنصرتها الخاصّة فقبلت كلمة الله تحلّ متجسّدة في أحشائها، هي تعلّمنا كيف نكون تلاميذاّ نحمل الرّب الى الآخرين في صمت الإيمان وقداسة الحياة.








All the contents on this site are copyrighted ©.