2012-04-21 17:21:36

الإنجيل وقفة تأمل عند كلمة الحياة


في ذَلكَ الزَّمان: رَوَى تِلميذا عِمَّاوُس لِلرُسُل ما حَدَثَ في الطَّريق، وكَيفَ عَرَفا يَسوع عِندَ كَسْرِ الخُبْز. وبَينَما هُما يَتَكَلَّمان، إِذا بِه يقومُ بَينَهم فيَقول: "السَّلامُ علَيكُم!" فأَخَذَهُمُ الفَزَعُ والخَوفُ، وَتَوَهَّموا أَنَّهم يَرَونَ رُوحًا. فقالَ لَهم: "ما بالُكم مُضطَرِبين، ولِمَ ثارَتِ الشُّكوكُ في قُلوبِكم؟ أُنظُروا إِلى يَدَيَّ و رِجلَيَّ. أَنا هو بِنَفْسي. إِلمِسوني وانظُروا، فإِنَّ الرُّوحَ ليسَ له لَحمٌ ولا عَظْمٌ كما تَرَونَ لي". قالَ هذا وأَراهُم يَدَيهِ وَرِجلَيهِ. غَيرَ أَنَّهم لم يُصَدِّقوا مِنَ الفَرَحِ، وظَلُّوا يَتَعَجَّبون، فقالَ لَهم: "أَعِندَكُم ههُنا ما يُؤكَل؟" فناوَلوهُ قِطعَةَ سَمَكٍ مَشوِيّ. فأَخَذَها وأَكَلَها بِمرأًى مِنهُم. ثُمَّ قالَ لَهم: "ذلك كلامي الَّذي قُلتُه لكم إِذ كُنتُ مَعَكم، وهو أَنَّه يَجِبُ أَن يَتِمَّ كُلُّ ما كُتِبَ في شأني، في شَريعَةِ موسى وكُتُبِ الأَنبِياءِ والمَزامير". وحينَئِذٍ فَتحَ أَذْهانَهم لِيَفهَموا الكُتُب. وقالَ لَهم: "كُتِبَ أَنَّ المَسيحَ يَتأَلَّمُ ويقومُ مِن بَينِ الأَمواتِ في اليَومِ الثَّالِث، وتُعلَنُ بِاسمِه التَّوبَةُ وغُفرانُ الخَطايا في جَميعِ الأُمَم، اِبتِداءً مِن أُورَشَليم. وأَنتُم شُهودٌ على ذَلِكَ. وإنِّي أُرسِلُ إلَيكُم ما وَعَدَ بهِ أَبي. فَامكُثوا أَنتُم في المدينَة، إلى أَن تُلبَسوا قُوَّةً مِنَ العُلى". (لوقا 24، 35 – 49)

 

للتأمل

هو ظهور يسوع الأخير لتلاميذه قبل صعوده الى السماء، يدرجه لوقا مباشرة بين رواية تلميذيّ عمّاوس وحدث الصعود. يخبرنا لوقا الإنجيلي في ذَلكَ الزَّمان: رَوَى تِلميذا عِمَّاوُس لِلرُسُل ما حَدَثَ في الطَّريق، وكَيفَ عَرَفا يَسوع عِندَ كَسْرِ الخُبْز. وبَينَما هُما يَتَكَلَّمان، إِذا بِه يقومُ بَينَهم فيَقول: "السَّلامُ علَيكُم!" هي عطيّة القائم من بين الأموات الأولى: السلام. هو القائم بعد ألم وعذاب كثير قاساه من يد الإنسان، كان بإمكانه أن يجلب العقاب والانتقام، كان يمكنه أن يؤنّب التلاميذ على هربهم أو يعاتب بطرس على نكرانه، إنّما بدل هذه كلّها هو يحمل لهم السلام، سلامٌ يسامح، يغفر، يحبّ ويملأ القلوب. رغم السلام الّذي أعلنه الرّب، امتلأ قلب الرسل خوفاً، لأنهم ظنّوه شبحاً. لأنه لغاية اللّحظة لم يفهم الرّسل حقيقة قيامة يسوع من بين الأموات، فالقيامة هو أيضاً حدث شخصيّ، يختبره المؤمن مباشرة حين يلتقي بيسوع القائم في حياته اليوميّة.

فالسلام الّذي يقدّمه يسوع لا يمكنه أن يعمل في داخل التلميذ ما لم يشأ التلميذ أن يخاطر ويؤمن، فالإيمان لا يقدّم أية ضمانة ملموسة أو حسيّة، وصعوبة الإيمان هي في أن أصدّق ما هو مخالف لقواعد العقل والمنطق. خاف التلاميذ أن يؤمنوا، فربّما هو مجرّد شبح، وهمٍ ناتج عن شوقهم له.
وكما دحرج الحجر عن باب القبر كذلك يدحرج حجر الخوف عن صدرهم ويدخلهم في سلام قيامته وفرحها. سلام المسيح يحطّم أيضاً سلاسل الخطيئة التي تكبّلنا، فبقيامة المسيح صار لنا الخلاص، لقد صالحنا المسيح بالله أبينا، وعدنا له أبناء، لذلك صار لنا السلام. هي بنوّة تُبنى على مسؤوليّة وعلى السعي الدائم للمحافظة على هذه النعمة العظيمة، لذلك خاف التلاميذ، لذلك نخاف نحن، نخاف كما خاف التلاميذ لأنّنا لا نقدر بقوّتنا وحدها على المحافظة عليها، إنّما يبطل الخوف حين نعرف ونؤمن أن نعمة الله الفاعلة حقّاً في حياتنا هي التي تقودنا إلى قداسة الحياة.

قال يسوع لتلاميذه "كُتِبَ أَنَّ المَسيحَ يَتأَلَّمُ ويقومُ مِن بَينِ الأَمواتِ في اليَومِ الثَّالِث، وتُعلَنُ بِاسمِه التَّوبَةُ وغُفرانُ الخَطايا في جَميعِ الأُمَم، اِبتِداءً مِن أُورَشَليم. وأَنتُم شُهودٌ على ذَلِكَ" وهذا ما يقوله لنا اليوم، لنسمح للبشارة بالوصول إلينا أوّلاً فنحيا بحسب إيماننا ولا نبقي يسوع المسيح في إطار المعرفة العقليّة أو في مجال الإيمان الميت غير المنتج خلاصاً. لنبشّر عائلاتنا وأقاربنا وأولادنا، لنوصل الإنجيل إلى الأشخاص الّذين نعمل معهم، أو نلتقيهم صدفة أو من يحتاجون إلى مساعدتنا، لننطلق إلى الوحيد والمهمّش، لنلمس من رذله المجتمع بسبب برص الخطيئة، لنقترب من الجائع إلى كلمة رحمة. هذه هي البشارة، هذه هي الشهادة، وهي في أغلب الأحيان صامته، إنّما تعطي ثماراً كثيرة.








All the contents on this site are copyrighted ©.