2012-03-22 16:59:55

الاحتفال باليوم العالمي للمرأة 2012: التربية والتعليم السبيل الوحيد من أجل المساواة بين المرأة والرجل


احتفل العالم في الثامن من آذار مارس باليوم العالمي الـ 35 لحقوق المرأة الذي أطلقته الأمم المتحدة عام 1977. وجاءت الاحتفالات هذا العام مخصصة لنساء المناطق الزراعية من أجل منحهن سلطة أكبر والتأكيد على دورهن في محاربة الجوع، ما سلط الأضواء على نساء الريف اللواتي يعشن، وخاصة في أفريقيا، في بيئة الغلبة فيها للعادات والتقاليد.

تظل المرأة الأفريقية متأثرة، بشكل جزئي، بالتقاليد المحلية لكنها تتحرر تدريجيا من أفكار سائدة التصقت بها منذ فترة طويلة، وتحاول أن تضع في خدمة العائلة والمجتمع طبيعتها كأم ونبع الغذاء، حامية الحياة اليومية وحارسة التراث، وما من شك في أنها تساهم في نقل قيم تاريخية ما يجعلها تحظى بالاحترام.

إلا أن المرأة وبحكم طبيعتها البيولوجية والأنثروبولوجية اعتُبرت ولفترة طويلة في حاجة إلى حماية الرجل، فكانت خاضعة لهذه الحماية طوال حياتها. تجد المرأة في ثقافات أفريقية عديدة نفسها مجبرة على إطاعة الوالدين والزوج، وتنتقل هذه المسؤولية في حال وفاة الزوج إلى شقيقه أو إلى الابن الذكر. لم تكن تستشار حتى في تلك القضايا التي تتعلق بها شخصيا وجعلها هذا ضحية تهميش داخل المجتمع.

ومن بين العوامل التي تقلص مساهمة المرأة الأفريقية في المجتمع نجد حتى اليوم انتشار الأمية والمشاركة الضئيلة للنساء في النشاطات الاجتماعية والاقتصادية إلى جانب تأثير التقاليد.

وبينما نجحت امرأة المدينة في دخول دنيا العمل المدر للربح فأصبحت قادرة على تحمل مسؤولية إعالة الأسرة، وأحيانا الأزواج أيضا، والاندماج في المجتمع، وهو ما تمت الإشارة إليه مع حصول إمرأتين أفريقيتين على جائزة نوبل للسلام، لا تزال ظروف المرأة في ريف أفريقيا صعبة ومركبة حيث يصعب التحاقها بالمدارس والاستفادة من الخدمات الصحية وتوفر المياه وتقنيات الاتصالات أو الحصول على قروض.

غالبا ما يكون عمل النساء في المناطق الريفية، كما قال المراقب الدائم للكرسي الرسولي لدى الأمم المتحدة المطران فرنسيس شوليكات، في ظروف صعبة حيث ساعات العمل الكثيرة ولا تتوفر خدمات صحية مناسبة، مع تغذية سيئة ووسط أشكال مختلفة من العنف. وسبق للأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان أن وجه نداء لإزالة أشكال التفرقة والتمييز التي تتعرض لها النساء في المناطق الريفية الأفريقية حيث هن ضحايا، سواء في الحياة اليومية أو من وجهة النظر القانونية، كما حث السياسة على تمكينهن من الاستفادة من الموارد ومنحهن دورا محددا في اتخاذ القرارات.

قال المطران شوليكات في رسالته إن أكبر التحديات أمام دعم نساء المناطق الريفية يتمثل في منحهن إمكانية الحديث عن ظروفهن وما يفكرن في القيام به من أجل تطورهن.

تظل النساء الأفريقيات في الظل لعدم تمكنهن من القراءة والكتابة ولقضاء ساعات طويلة من أيامهن في عمل شاق في الحقول باستخدام أدوات يدوية. يجهل الكثير من بينهن حقوقهن وما يمكن مطالبة الحكومات به ويعشن في ظروف صحية متردية تؤدي إلى ارتفاع نسبة الوفيات بين أبنائهن الصغار. لا يدركن أهمية التعليم وينقلن بأنفسهن أسلوب التفكير هذا إلى بناتهن اللواتي يتزوجن في سن مبكرة ما يؤدي في حالات كثيرة إلى موتهن خلال الولادة أو التعرض لمشاكل صحية خلال فترة الحمل.

لا يمكن بالتالي الحديث عن مساواة بين المرأة والرجل دون تغيير عميق في الفكر السائد. تظل التقاليد رغم نواقصها عنصر دمج هام في المجتمعات الريفية، ولقوانين هذه التقاليد غير المكتوبة تأثير كبير على مصائر الشعوب.

تدعو المسيحية من جانبها إلى تكافؤ كرامة الأشخاص جميعا بغض النظر عن الجنس، وتشكل العائلة بالنسبة للمسيحية مكان محبة ومسؤولية مشتركة وتربية أجيال المستقبل، وتكامل لقدرات أفراد العائلة جميعا لما فيه المصلحة العامة.

وهكذا يمكن للقيم المسيحية المحلية أن تكون من جهة وسيلة للتعبير عن تقاليد أفريقية بعينها، وأن تُدخل من جهة أخرى عناصر مجدِّدة لتيسير التطور وتقدم اجتماعي يقوم على كرامة كل إنسان.

الخطوة الأولى التي يجب القيام بها لإخراج المرأة الريفية من دوامة الضعف الاجتماعي المستمرة حتى اليوم هي تمكينها من التعليم، فالحصول على تأهيل ملائم يعني تبني تصرفات جديدة في التعامل معها ومع البيئة المحيطة بها، وستنعكس ثمار هذه التغيرات على المجتمع بكامله.

وهكذا يمكن لنشاط المرأة الاجتماعي المساهمة في التنمية الجماعية التي وصفها البابا بولس السادس بـ "الاسم الجديد للسلام".








All the contents on this site are copyrighted ©.