2012-02-18 15:57:30

البابا يرأس كونسيتوارا في بازيليك القديس بطرس يعين خلاله 22 كاردينالا جديدا


ترأس البابا بندكتس السادس عشر صباح اليوم السبت في بازيليك القديس بطرس بالفاتيكان كونسيستوارا عين خلاله اثنين وعشرين كاردينالا جديدا. ألقى البابا خطابا خلال الاحتفال المهيب استهله مشيرا إلى أن سمعان أصبح بطرس ـ الصخرة ـ عندما أعلن إيمانه بيسوع المسيح، ابن الله. ومن خلال إعلانها المسيح ترتبط الكنيسة بالقديس بطرس ويصير هذا الأخير الحجر الذي ترتكز عليه الكنيسة لكن من يبني الكنيسة هو يسوع المسيح، فيما بطرس يبقى عنصرا هاما في هذا البناء.

إن الكلمات التي وجهها يسوع للقديس بطرس تسلط الضوء على الطابع الكنسي لهذا الحدث الذي نحتفل به اليوم. فالكرادلة الجدد يندمجون في كنيسة روما التي يقودها خليفة بطرس ليشاركوه إدارة شؤون الكنيسة الجامعة. ويتعين عليهم ـ إزاء هذه المهمة الحساسة الموكلة لهم ـ الاقتداء بمثل "أمير الرسل" الذي قدم نفسه بالكامل للمسيح محبة به وحملته هذه المحبة إلى التضحية بحياته. ستوكل إلى الكرادلة الجدد خدمة المحبة: المحبة تجاه الله وكنيسته، المحبة تجاه الأخوة بروح من التضحية بالذات تصل إلى حد إراقة الدماء إذا اقتضت الضرورة ذلك، وهذا ما يرمز إليه اللون الأحمر للزي الكاردينالي.

تابع البابا كلمته قائلا: في مقطع الإنجيل الذي استمعنا إليه للتو نرى يسوع كخادم ويقدم نفسه كمثل علينا أن نقتدي به ونتبعه. بعد أن تنبأ المسيح للمرة الثالثة بآلامه وموته وقيامته خاطبه يعقوب ويوحنا ابنا زبدى قائلين: "أعطنا أن نجلس واحد عن يمينك والآخر عن يسارك في مجدك" فأجاب يسوع قائلا: "لستما تعلمان ما تطلبان. أتستطيعان أن تشربا الكأس التي أشربها أنا؟" (مرقس 10، 37-38). منطق الإيمان الأصيل إذا يتطلب من المؤمن أن يضع نفسه في خدمة الله والقريب، لا أن يبحث عن السلطة والمجد حسب منطق العالم.

لقد توجه يسوع إلى تلاميذه أجمعين؛ دعاهم ليلتفوا حوله؛ أراد أن يجمعهم ليصيروا معه جسما واحدا لا يتجزأ، وهكذا يدلهم على الطريق الواجب اتباعها لبلوغ المجد الحقيقي، مجد الله. قال الرب لتلاميذه: "أنتم تعلمون أن الذين يحسبون رؤساء الأمم يسودونهم، وأن عظماءهم يتسلطون عليهم. فلا يكون هكذا فيكم. بل من أراد أن يصير فيكم عظيما، يكون لكم خادما، ومن أراد أن يصير فيكم أولا، يكون للجميع عبدا" (مرقس 10، 42-44).

لم يكتف المسيح بالإشارة إلى هذه الطريق بالكلام وحسب بل ترجم ما قاله في حياته وعاش تعاليمه. قال يسوع: "ابن الإنسان أيضا لم يأت ليُخدم بل ليَخدم وليبذل نفسه فدية عن كثيرين" (مرقس 10، 45). إن هذه الكلمات ـ تابع البابا يقول ـ تنير بقوة هذا الكونسيستوار العام، ويتردد صداها في أعماق الروح كما تشكل دعوة وتحذيرا ومصدر تشجيع لكل واحد منكم أيها الأخوة الأعزاء الذين ستنضمون اليوم إلى مجمع الكرادلة.

نال المسيح السلطة والمجد لكونه خادما. وأصبح خادما عندما حمل آلام وخطايا البشرية كلها. ولهذا السبب ومن خلال قبوله للألم والموت بحرية أصبح مفتاح الخلاص لكثيرين وأصبح بداية وأساس الخلاص لكل إنسان وللجنس البشري بأسره. وتمنى بندكتس السادس عشر في ختام كلمته أن تكون تضحية المسيح ـ الذي مات من أجلنا على الصليب ـ مصدر إيمان للكرادلة الجدد وأمل أن تتلاءم الخدمة التي سيقدمونها للكنيسة والبشر مع منطق المسيح لا مع منطق العالم وأن يسطع عليها نور الإيمان والمحبة المتأتيان من صليب الرب الممجد.

 








All the contents on this site are copyrighted ©.