الإنجيل وقفة تأمليّة عند كلمة الحياة

في ذَلكَ الزَّمَان: لَمَّا خَرَجوا مِنَ المَجمَع، جاؤُوا إِلى بَيتِ سِمعانَ وأَندَراوس ومعَهم يَعقوبُ ويوحَنَّا. فَدهَشوا لِتَعليمِه، لأَنَّه كانَ يُعَلِّمُهم كَمَن له سُلْطان، لا مِثلَ الكَتَبَة. وكانَ في مَجمَعِهِم رَجُلٌ فيهِ رُوحٌ نَجِس، فصاحَ:"ما لَنا ولكَ يا يَسوعُ النَّاصِريّ؟ أَجِئتَ لِتُهلِكَنا؟ أَنا أَعرِفُ مَن أَنتَ: أَنتَ قُدُّوسُ الله". فانتَهَرَه يسوعُ قال: "اِخْرَسْ واخرُجْ مِنه!"، فخَبَطَه الرُّوحُ النَّجِس، وصرَخَ صَرخَةً شَديدة، وخَرجَ مِنه، فدَهِشوا جَميعًا حتَّى أَخذوا يَتَساءَلون: "ما هذا؟ إِنَّهُ لَتعليمٌ جَديدٌ يُلْقى بِسُلْطان! حتَّى الأَرواحُ النَّجِسَةُ يأمُرُها فَتُطيعُه!" وذاعَ ذِكرُهُ لِوَقتِه في كُلِّ مَكانٍ مِن ناحِيَةِ الجَليلِ بِأَسْرِها. (مرقس 1/14-20)

للتأمل

يسوع هو ابن الله، الكلمة المتجسّد. إله حق وإنسان حق، لذا فهو يعلم بسلطان ولكونه إله متجسّد فهو يعلن أسرار الله ومشيئته ويعلن رسالة الخلاص للبشر أجمعين.

لقد جاء يسوع ليحقق ملكوت الله: "وتَعَلَّمَ الطَّاعَةَ، وهو الاِبن، بما عانى مِنَ الأَلَم" (عب 5،8)، لقد "وَضَعَ نَفْسَهُ وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ مَوْتَ الصَّلِيبِ. لِذلِكَ رَفَّعَهُ اللهُ أَيْضًا، وَأَعْطَاهُ اسْمًا فَوْقَ كُلِّ اسْمٍ  لِكَيْ تَجْثُوَ بِاسْمِ يَسُوعَ كُلُّ رُكْبَةٍ مِمَّنْ فِي السَّمَاءِ وَمَنْ عَلَى الأَرْضِ وَمَنْ تَحْتَ الأَرْضِ، وَيَعْتَرِفَ كُلُّ لِسَانٍ أَنَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ هُوَ رَبٌّ لِمَجْدِ اللهِ الآبِ." فلنتشبّه به ولندعه يقودنا لنشاركه في مشروع الآب الخلاصي.

يدعونا إنجيل اليوم للإيمان وجهوزية القلب  للاعتراف بيسوع المسيح ربا ومخلّصا الذي حبّا بنا قدّم ذاته ذبيحة عنّا هو الرب والسيّد يرسم لنا الطريق الحقيقيّ لكل سلطة ورئاسة إذ يقول لتلاميذه بعد أن غسل أرجلهم:" أَتَفْهَمُونَ مَا قَدْ صَنَعْتُ بِكُمْ؟ أَنْتُمْ تَدْعُونَنِي مُعَلِّمًا وَسَيِّدًا، وَحَسَنًا تَقُولُونَ، لأَنِّي أَنَا كَذلِكَ. فَإِنْ كُنْتُ وَأَنَا السَّيِّدُ وَالْمُعَلِّمُ قَدْ غَسَلْتُ أَرْجُلَكُمْ، فَأَنْتُمْ يَجِبُ عَلَيْكُمْ أَنْ يَغْسِلَ بَعْضُكُمْ أَرْجُلَ بَعْضٍ، لأَنِّي أَعْطَيْتُكُمْ مِثَالاً، حَتَّى كَمَا صَنَعْتُ أَنَا بِكُمْ تَصْنَعُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا. اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ لَيْسَ عَبْدٌ أَعْظَمَ مِنْ سَيِّدِهِ، وَلاَ رَسُولٌ أَعْظَمَ مِنْ مُرْسِلِهِ. إِنْ عَلِمْتُمْ هذَا فَطُوبَاكُمْ إِنْ عَمِلْتُمُوهُ" (يو13/12-17). السلطان الحقيقيّ هو الذي يُمارس بروح إنكار الذات والخدمة فيسوع السيّد والمعلّم:"لَمْ يَأْتِ لِيُخْدَمَ بَلْ لِيَخْدِمَ وَلِيَبْذِلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً عَنْ كَثِيرِينَ"(مرقس 10/45). هو الذي "تَسْجُدْ لَهُ كُلُّ مَلاَئِكَةِ اللهِ" صار إنسانا ليظهر لنا حب الله.

أيها الآب يا من بابنك يسوع المسيح أعطيتنا المعلّم الحكيم وحررتنا من قوى الظلمة والشرّ، قوّنا بشهادتنا في الإيمان لكي نعلن الحقيقة ونشهد بأقوالنا وأعمالنا للعظائم التي تحققها نعمتك في حياتنا لك المجد إلى الأبد!