2011-12-08 11:01:53

الإنجيل وقفة تأمّلية عند كلمة الحياة


وفي الشهر السادس أُرسل جبرائيلُ الملاك من الله إلى مدينةٍ من الجليل اسمها ناصرة إلى عذراءِ مخطوبة لرجلٍ من بيت داود اسمه يوسف و اسم العذراء مريم فدخل إليها الملاك و قال سلامٌ لكِ أيتها المُنعَمُ عليها، الرب معك مباركةٌ أنت في النساء، فلما رأته اضطربت من كلامهِ و فكَّرت ما عسى أن تكونَ هذه التحية، فقال لها الملاكُ لا تخافي يا مريم لأنك قد وجدت نعمةً عند الله و ها أنت ستحبلينَ و تلدينَ ابناً و تسمينَه يسوع، هذا يكون عظيماً وابنَ العلي يُدعى و يعطيه الربُ الإله كرسيَّ داودَ أبيه و يملِكُ على بيتِ يعقوبَ إلى الأبد ولا يكون لملكه نهاية، فقالت مريمُ للملاك كيف يكون هذا وأنا لستُ أعرفُ رجلاً فأجاب الملاكُ وقال لها الروحُ القدسُ يحلُ عليك وقوةُ العليِّ تظلِلُك فلذلك أيضاً القدوسُ المولود منك يدعى ابنُ الله وهوذا أليصاباتُ نسيبتك هي أيضاً حُبلى بابنٍ في شيخوختها و هذا هو الشهرُ السادس لتلك المدعوةِ عاقراً لأنه ليس شيءٌ غير ممكن لدى الله فقالت مريم هوذا أنا أمة الرب ليكن لي كقولك فمضى من عندها الملاك. (لوقا 1/26-38) 

 

 

تأمّل مريميّ في عيد الحبَل بلا دَنَس

قراءةٌ من القديس تِودوروس الستوديتي العذراءُ مريمُ أرضُ الله

 

ما من أحدٍ تمكّنَ أن يقتَرِبَ من الله أكثَرَ من الطوباويّةِ ذاتِ السُّموِّ العذراءِ مريم...أيُّ ِشيءٍ أطهَر؟ وأيُّ ِشيءٍ أشدُّ براءة؟ لقد أُولِعَ اللهُ بها، وهو النورُ الفائِقُ الطُّهر، حتى أنَّهُ اتَّحد جوهريّاً بحلول الروح القدُس واتّلدَ منها إنساناً كاملاً مُحتَفظاً بطبيعتهِ الخاصّةِ غير المتبدّلة وغيرِ القابلةِ المزيج.

يا للعجب! بحُبِّه الفائِقِ للبشر، لم يَخجَلِ الله من أن يأخُذَ أُمّاً له، من كانت أمةً له. يا للتَّنازُل! في حِلمِهِ غير المتناهي، لم يتردّد من أن يصيرَ ابناً للتي كوّنها. كان مولعاً حقاً بالتي هي ألطفُ خلائِقهِ، واستولى على التي كانت أرفعَ من كُلِّ قواتِ السماء. وبحقٍّ تُطبَّقُ عليها كلمات النبي زكريا: "رنّمي وابتهجي يا بنتَ صهيون، فها أنذا آتي وأسكُنُ في وَسَطِكِ يقولُ الربُّ".

وإليها يتوجّهُ الطوباويُّ يوئيل عندما يصرُخُ قائلاً: "لا تخافي أيّتها الأرض، ابتهجي وافرحي، فانّ الربَّ قد تعاظمَ في عملهِ". لأنّ مريمَ هي أرض: الأرضُ التي عليها رجلُ الله موسى أُعطيَ الأمرَ بأن يخلعَ نعلَيهِ، رمزاً إلى الشريعةِ التي ستحِلُّ محلّها النعمة. الأرضُ التي عليها استقرَّ بالروحِ القدس ذاك الذي نترنّمُ بهِ "إنّه المؤسسُ الأرضَ على قواعدها". الأرضُ التي تؤتي الثمرَ الذي يعطي كُلَّ كائنٍ طعامه. وهي لم تُزرَع. الأرضُ التي لم تُنبِت شوكةَ الخطيئةِ بل أعطتِ النّورَ للذي اقتلع الخطيئة من أصلِها.








All the contents on this site are copyrighted ©.