2011-12-04 11:25:33

إنجيل الأحد: وقفة تأمّلية عند كلمة الحياة


بَدءُ بِشارَةِ يسوعَ المسيحِ ابنِ الله: كُتِبَ في سِفرِ النَّبِيِّ أَشَعيا: "هاءنذا أُرسِلُ رَسولي قُدَّامَكَ لِيُعِدَّ طَريقَكَ. صَوتُ مُنادٍ في البَرِّيَّة: أَعِدُّوا طَريقَ الرَّبّ وَاجعَلوا سُبُلَه قَويمة. تَمَّ ذلكَ يَومَ ظَهَرَ يوحَنَّا المَعمَدانُ في البَرِّيَّة، يُنادي بِمَعمودِيَّةِ التَوبَةِ لِغُفرانِ الخَطايا. وكانَ يَخرُجُ إِليه أَهْلُ بِلادِ اليَهودِيَّةِ كُلُّها، وجَميعُ أَهلِ أُورَشَليم، فيَعتَمِدونَ عن يَدِه في نَهرِ الأُردُنّ، مُعتَرِفينَ بِخطاياهم. وكانَ يوحنَّا يَلبَسُ وَبَرَ الإِبِل، وزُنَّارًا مِن جِلْد، وكانَ يَأكُلُ الجَرادَ والعَسلَ البَرِّيّ. وكانَ يُعلِنُ فيَقول: "يَأتي بَعدي مَن هو أَقوى مِنيِّ، مَن لَستُ أهلاً لِأَن أَنَحنِيَ فأَفُكَ رِباطَ حِذائِه. أَنا عَمَّدتُكم بِالماء، وأَمَّا هُوَ فيُعَمِّدُكم بِالرُّوحِ القُدُس". (مرقس 1/ 1-8)

 

للتأمّل

نعيش في الأسبوع الثاني من زمن المجيء زمن الانفتاح على مستقبل الله، زمن التحضير للميلاد المقدس، عندما أتى الرب، وسكن في وسط البشرية ليجددها من الداخل. في ليتورجية المجيء يتردد صدى صوت رسالة مليئة بالرجاء، يدعونا للأعتراف بحضور الله معنا في حاضرنا.

بعد سقطته لم يبق الإنسان وحيدا في شقائه لأن حب الآب قد أعاد إليه الحياة الإلهية، وفي عيد الميلاد نجدّد ذكرى هذه العطيّة. قبل مجيء المسيح أتانا يوحنا المعمدان يدعونا للعودة لله ولعيش حياة متجدّدة. علينا أن نعيد إحياء النعمة التي نلناها أي أن نجدّد مواعيد عمادنا. بمَثَله وبكلماته حضّر يوحنا المعمدان قلوب البشر لاستقبال الربّ، وصوته لا يزال اليوم آنيّ ومُلحّ يدعونا نحن أيضا لنُعِدَّ طريق الرب، لنتوب ونغيِّر حياتنا.

هذا ما يريد الرب أن يفعله في زمن المجيء: مخاطبة قلب شعبه، وبواسطته، البشرية جمعاء، لإعلان الخلاص. واليوم أيضًا يرتفع صوت الكنيسة: "في الصحراء، أعدوا طريق الرب". (مرقس 2،1)

لقد تحقق هذا الإعلان النبوي في يسوع المسيح. ببشارته وبموته وقيامته، كمّل المسيح وعود الأنبياء وكشف لنا بُعدا أعمق وأشمل، لم يفتح لنا يسوع طريقا أرضيًا وتاريخيًا فقط بل جذريًا ونهائيًا إذ نقلنا من ظلمة الشر إلى ملكوت الله، من سلطان الخطيئة والموت إلى سلطان الحب والحياة.

وبالتالي، فالرجاء المسيحي يذهب أبعد من كل انتظاراتنا البشريّة، لأن ما بدأه يسوع هو بشريّة جديدة تأتي من الله، وتزهر في أرضنا هذه، بقدر ما تسمح لروح الرب أن يخصّبها ويرويها. تدعونا الكنيسة اليوم للدخول في منطق الإيمان: الإيمان بالله، بمشروعه الخلاصي، والالتزام ببناء ملكوته الذي يتطلب أشخاصا يكونون أرضًا صالحة جاهزة لقبوله على مثال مريم.

مريم هي الطريق التي أعدها الله لذاته لكي يأتي إلى العالم. فلنكل حياتنا إلى شفاعتها هي التي بتواضعها أصبحت أم الله، وحدها قادرة أن تقودنا في مسيرتنا الأرضيّة لتحقيق مشروع الله وبناء ملكوته في حياتنا.








All the contents on this site are copyrighted ©.