2011-11-13 11:48:41

إنجيل الأحد


في ذلِكَ الزَّمان: قالَ يَسوعُ لِتَلامِيذِهِ هذا المَثَل: "رَجلٌ أَرادَ السَّفَر، فدعا عبيدَه، وسَلَّمَ إِلَيهِم أَموالَه. فأَعْطى أَحَدَهم خَمسَ وَزَنات والثَّانيَ وَزْنَتَين والآخَرَ وَزْنَةً واحدة، كُلاًّ مِنهم على قَدْرِ طاقَتِه، وسافَر. فأَسرَعَ الَّذي أَخَذَ الوَزَناتِ الخَمسَ إِلى المُتاجَرَةِ بِها فَربِحَ خَمسَ وَزَنات. وكذلِكَ الَّذي أَخَذَ الوَزْنَتَيْن فرَبِحَ وَزْنَتَينِ. أَمَّا الَّذي أَخذَ الوَزْنَةَ الواحِدة، فإِنَّه ذهَبَ وحفَرَ حُفرَةً في الأَرض ودَفَنَ مالَ سيِّدِه. وبَعدَ مُدَّةٍ طويلة، رَجَعَ سَيِّدُ أُولئِكَ العَبيد وحاسَبَهم. فَدَنا الَّذي أَخَذَ الوَزَناتِ الخَمس، وأَدَّى معَها خَمْسَ وَزَناتٍ وقال:"يا سيِّد، سَلَّمتَ إِليَّ خَمسَ وَزَنات، فإِليكَ معَها خَمسَ وَزَناتٍ رَبِحتُها". فقالَ له سَيِّدُه:"أَحسَنتَ أَيُّها العَبدُ الصَّالِحُ الأَمين! كُنتَ أَمينًا على القَليل، فسأُقيمُكَ على الكَثير: أُدخُلْ نَعيمَ سَيِّدِكَ". ثُمَّ دَنا الَّذي أَخَذَ الوَزْنَتَينِ فقال: «يا سَيِّد، سَلَّمتَ إِليَّ وَزْنَتَين، فإِليكَ معَهُما وَزْنَتَينِ رَبِحتُها". فقالَ له سيِّدُه:"أَحسَنتَ أَيُّها العَبدُ الصَّالِحُ الأَمين! كُنتَ أَمينًا على القَليل، فسأُقيمُكَ على الكَثير: أُدخُلْ نَعيمَ سَيِّدِكَ". ثُمَّ دَنا الَّذي أَخَذَ الوَزْنَةَ الواحِدَةَ فقال:"يا سَيِّد، عَرفتُكَ رَجُلاً شَديدًا تَحصُدُ مِن حَيثُ لَم تَزرَعْ، وتَجمَعُ مِن حَيثُ لَم تُوزِّعْ، فخِفتُ وذَهَبتُ فدَفَنتُ وَزْنَتَكَ في الأرض، فإِليكَ مالَك". فأَجابَه سَيِّدُه:"أَيُّها العَبدُ الكَسْلانُ الجَبان! عَرَفتَني أَحصُدُ مِن حَيثُ لم أَزرَعْ، وأَجمَعُ مِن حَيثُ لَم أُوزِّعْ، فكانَ عَليكَ أَن تَضَعَ مالي عندَ أَصْحابِ المَصارِف، وكُنتُ في عَودَتي أَستَرِدُّ مالي معَ الفائِدَة. فخُذوا مِنهُ الوَزْنَة وأَعطوها الَّذي معَهُ الوَزَناتُ العَشْر: لأَنَّ كُلَّ مَن كانَ له شَيء، يُعطى فيَفيض. ومَن لَيسَ له شيء، يُنتَزَعُ مِنهُ حتَّى الَّذي له. وذلكَ العَبدُ الَّذي لا خَيرَ فيه، أَلقُوهُ في الظُّلمَةِ البَرَّانِيَّة. فهُناكَ البُكاءُ وصَريفُ الأَسنان". (متى 25/ 14 ـ 30)

للتأمل

في هذا المثل يقدّم السيِّد لعبيده أموالاً كل واحدٍ قدر طاقته. إنه لا يبخل على أحدٍ بعطاياه، ولا يُحابي أحدًا على حساب آخر، لكنّه يعرف كيف يوزِّع لكل قدر طاقته. فما قدّمه الله لنا من مواهب لم يقدّمها اعتباطًا، وإنما يعرف ما يناسب كل فرد لخلاصه. هذا يدفعنا ألا نتكبَّر على أصحاب المواهب الأقل ولا نحسِد أصحاب المواهب الأكثر، إنّما نشكر واهب المواهب... يكفي أنها من يديه.

إن الله لا ينتظر الربح في ذاته، ولا يهتم بكميَّته، إنّما يهتم بأمانة عبيده أو إهمالهم. فما اقتناه العبدان هو "الأمانة في الوكالة"، فتأهّلا أن يُقاما على الكثير، أمّا صاحب الوزنة الواحدة فمشكلته إهماله، إذ أخفي الوزنة وعاش عاطلاً، وحياة الكسل والبّطالة دفعته لاتّهام سيّده بالقسوة، وهذا بالتالي دفعه للخوف...

حينما بدأ السيِّد بإدانة عبيده أو محاسبتهم بدأ بأصحاب الخمس وزنات فالوزنتين ثم الوزنة. كلما كثرت المواهب كلما كانت دينونتنا تسبق الآخرين ونُطالَب بأكثر.

المكافأة هي:"اُدخل إلى فرح سيّدك"، هي دخول إلى العرس، أمّا الجزاء فهو:"اِطرحوه إلى الظلمة الخارجيّة"، أي عدم التمتّع برؤية الله النور الحقيقي.

يرمز صاحب الوزنات الخمس للمؤمن الذي يقدّم حواسه الخمس مقدّسة لعريسه السماوي، معلنًا عمل روح الله القدّوس في جسده كما في نفسه ليكون بكلّيته للرب السماوي.

أما صاحب الوزنتين فيرمز إلى المؤمن الذي امتلأ قلبه بمحبّة أخيه في الرب، إذ يصير الاثنان واحدًا في الرب. إذن فصاحب الوزنات الخمس وصاحب الوزنتين نالا المكافأة الأبديّة بسبب حبِّهما لله والناس، أمّا صاحب الوزنة الواحدة التي دفنها في التراب فيُشير إلى الإنسان الأناني الذي يعمل لحساب ذاته، فلا يرتبط بحب مع الله والناس، وإنما يتَقوْقع حول ذاته في أنانيّة قادرة أن تدفنه في التراب، وتجعل منه إنسانًا أرضيًا لا يقدر أن يرتفع نحو السماء حيث الحب! مثل هذا الإنسان الذي يحيا في التراب ليُشبع ذاته، يفسد نفسه ويخنقها إذ يدفنها في شهوات الجسد الترابي، فلا ينتفع روحيًا وحتى جسده يهلك، فيفقد السماء والأرض معًا.








All the contents on this site are copyrighted ©.