2011-05-11 16:59:53

البابا يتابع تعليمه الأسبوعي عن الصلاة والإنسان المصلي


قال البابا بندكتس الـ16 إننا "نعيش في عصر تتجلى فيه بقوة إشارات العلمنة، إذ يبدو الله غائبا ومقصيا عن أفق أفراد أو أصبح واقعا لا يعيره أحد اهتماما. ولكننا نجد علامات تدل على يقظة الحس الديني وعلى اكتشاف جديد لأهمية الله في حياة الإنسان وعلى ضرورة وجود روحانية، لتخطي رؤية محض أفقية ومادية للحياة البشرية"، ذلك في مستهل تعليمه الأسبوعي المعتاد خلال المقابلة العامة في ساحة القديس بطرس بالفاتيكان مع المؤمنين والحجاج.

وبالنظر إلى التاريخ القريب، أكد البابا فشل مقولة مَن، منذ عصر التنوير، تنبأ باضمحلال الديانات وأشاد بالعقل المطلق المنفصل تماما عن الإيمان، بهدف طرد الظلمة عن العقائد الدينية وتحليل العالم القدسي، عبر إرجاع الحرية للإنسان وكرامته واستقلاليته عن الله. وقال إن اختبار القرن المنصرم، بحربيه العالميتين المأساويتين، أوقع في ورطة وأزمة ذلك التقدم الذي وعد به العقل المستقل والإنسان من دون الله.

وشدد البابا على أن الإنسان متدين بطبيعته كما أنه إنسان عاقل وإنسان عامل. فالإنسان المتدين لا يبرز وحده من العوالم القديمة، بل يعبر كل مراحل التاريخ البشري.

ورأى البابا أن الإنسان "الرقمي" كما إنسان الكهوف، يبحث في الاختبار الديني عن دروب كي يتخطى عجزه ويضمن مغامرته الأرضية القصيرة، مشيرا إلى إعلان "في عصرنا" الصادر عن المجمع الفاتيكاني الثاني الذي يسطر انتظار الإنسان من الأديان المختلفة جوابا شافيا عن ألغاز الحالة البشرية التي تؤرق قلبه. يحتاج الإنسان لأن ينفتح على الآخر لذا يجب أن يخرج من ذاته نحو مَن هو قادر على إرواء شوقه الكبير والعميق.

يحمل الإنسان في قلبه عطشا للامتناهي وحنينا للخلود وبحثا عن الجمال ورغبة في الحب وحاجة للنور والحقيقة، أمور، تابع البابا، تدفعه نحو المطلق؛ فالإنسان يحمل في ذاته الرغبة في الله. وهذا الانجذاب صوب الله الذي زرعه الله نفسه في الإنسان، هو روح الصلاة التي لبست أشكالا وطرقا عديدة حسب التاريخ والزمن واللحظة الراهنة والنعمة وحسب خطيئة كل إنسان مصلي. فالتاريخ عرف أشكالا متنوعة من الصلاة التي طورها الإنسان عبر انفتاحه على الآخر وعلى الماوراء.

ليست الصلاة مرتبطة بنص معين، أضاف البابا، بل هي محفورة ومكتوبة في قلب كل شخص وكل حضارة، ورأى أنه حين نتكلم عن الصلاة كخبرة الإنسان المصلي، فمن الضرورة بمكان أن نعي أنها تصرف داخلي قبل أن تكون سلسلة ممارسات وصيغ، وأنها نمط حضور أمام الله قبل أن تكون إتمام حركات عبادة أو تلفظا بكلمات.

وخلص البابا إلى القول إن الصلاة هي المكان بامتياز لمجانية الله وللتوق صوب اللامنظور وغير المرتقب والذي لا يسبر غوره. وتبقى خبرة الصلاة تحديا للجميع ونعمة للاستمطار وعطية من الله الذي إليه نبتهل.

 








All the contents on this site are copyrighted ©.