2011-04-23 16:05:05

تأمل البابا في ختام رتبة درب الصليب في ملعب كولوسيوم بروما


ترأس البابا بندكتس الـ16 ليل الجمعة مسيرة درب الصليب في ملعب كولوسيوم بروما عاونه فيها نائبه على أبرشية روما الكاردينال أغسطينو فاليني. وفي ختام المسيرة، ألقى البابا كلمة تأملية قال: "رافقنا بالإيمان هذا المساء يسوع الذي يمر بآخر مرحلة من مسيرته الأرضية، المرحلة الأكثر ألما، مسيرة الجلجلة. أصغينا إلى صخب الجموع، إلى كلمات الإدانة، إلى سخرية الجنود وإلى بكاء العذراء مريم والنسوة".

أضاف البابا: "ونحن الآن عاكفون في صمت هذا المساء، في صمت الصليب، في صمت الموت. إنه صمت يحمل في ذاته ثقل ألم الإنسان المنبوذ والمظلوم والمنسحق، ثقل الخطيئة التي تشوه وجهه، ثقل الشر. هذا المساء عشنا من جديد، وفي عمق قلبنا، مأساة يسوع المثقل بالألم والشر وخطيئة البشر.

ماذا يبقى الآن أمام أعيننا؟ يبقى المصلوب؛ صليب يرتفع على الجلجلة، ويبدو كعلامة فشل للذي وهب النور لمن في الظلام، ذاك الذي تكلم عن قوة الغفران والرحمة، الذي دعا إلى الإيمان بمحبة الله اللامتناهية لكل شخص بشري. مزدرى ومتروك من الناس، نقف أمام "رجل أوجاع وعارف بالألم ومثل ساتر وجهه، مزدرىً فلم نعبأ به" (أش 53/3).

ولكن فلننظر جيدا إلى ذلك الإنسان المعلق بين السماء والأرض، فلنتأمل به بنظرة أكثر عمقا، وسنكتشف بأن الصليب ليس رمز الانتصار على الموت والخطيئة والشر بل هو العلامة المضيئة للمحبة، لا بل ولوسع محبة الله، ولكل ما لم يكن بالاستطاعة طلبُه أو تصوره أو ترجيه: الله انحنى علينا،  وانحدر حتى أحلك زاوية في حياتنا ليمد يده وينتشلنا ويحملنا إليه.

الصليب يحدثنا عن محبة الله العظمى ويدعونا لنجدد اليوم إيماننا بقوة هذه المحبة، ونؤمن انه في كل حالة من حياتنا ومن التاريخ ومن العالم، الله قادر على التغلب على الموت والخطيئة والشر، وأن يمنحنا حياة جديدة مصبوغة بالقيامة. في موت ابن الله على الصليب، هناك بذرة رجاء حياة جديد، كحبة الحنطة التي تموت في الأرض.

في هذا المساء المفعم بالصمت، المفعم بالرجاء، يتردد صدى الدعوة التي يوجهها الله من خلال كلمات القديس أغسطينس: "آمنوا! ستأتون إليّ وتتذوقون خيرات مائدتي، وأنا لم أتردد في تذوق شرور مائدتكم. لقد وعدتكم بحياتي... انطلاقا من موتي، وكأني أقول لكم: "ها إني أدعوكم للمشاركة في حياتي... إنها حياة لا يموت فيها أحد، إنها حياة طوباوية تقدم غذاء لا يفسد، غذاء القيامة والحضور الدائم. الذي أدعوكم إليه هو هذه الصداقة مع الله ومع الروح القدس. إنه العشاء الأزلي، إنها الشركة معي... إنها مشاركتم في حياتي" (راجع خطاب 231،5).

فلنركز أنظارنا على يسوع المصلوب ونطلب منه مصلين: أنر أيها الرب قلبنا لكي نستطيع السير وراءك على درب الصليب، أمِت في داخلنا الإنسان العتيق المربوط بالأنانية والشر والخطيئة. جددنا واجعلنا رجالا ونساء قديسين، متحولين ومحركين بمحبتك".

(وكالة زينيت العالمية)








All the contents on this site are copyrighted ©.