2010-10-22 16:54:41

سيادة المتروبوليت إمانويل أداماكيس، متروبوليت فرنسا السامي الاحترام (فرنسا)


الخميس 21 تشرين الأول أكتوبر

إنّ غبطة البطريرك المسكونيّ برتولوميو طلب منّي أن أنقل إليكم، باسم البطريركيّة المسكونيّة في القسطنطينيّة والكنيسة الشقيقة، تمنّياته بالنجاح بمناسبة انعقاد سينودس الأساقفة من أجل الشرق الأوسط.

إنّ الشرق الأوسط يحيّر كما يسحر. إنّه ملْكُ الكلّ  ولا يقبل الحصريّة.

أرضٌ مقدّسة، ويزيد من قداستها بالنسبة إلينا نحن المسيحيّين أنّه في هذه المنطقة من العالم، قد طاب لله أن يقدّم لنا وعدًا يستحيل تصديقه، الذي هو القيامة. هذه الأرض، الشاهدة الأولى عبر العصور على هذا العمل الخلاصيّ للمسيح، تشارك هي أيضًا بما كان يصفه المفكّر باسكال كنـزاعه عبر العصور. في الواقع، إنّ الأخبار اليوميّة لاتتوقّف عن تذكّيرنا بالإنقسامات والإنفصالات والآلام اليوميّة التي تخضع لها بعض شرائح الشعب، بدرجة أولى أولئك المسيحيّون منهم في المنطقة.

لا يمكننا إلاّ أن نبتهج بقيام هذه الجمعيّة الخاصّة لسينودس الأساقفة المخصّصة للشرق الأوسط. إنّ العالم ينتظر من هذا الإجتماع رسالة قويّة، أن توضع أعمال فعليّة قيد التنفيذ.يعود الأمر بالمسؤوليّة ليس فقط على الكنيسة الكاثوليكيّة بصفتها منظّمة هذا السينودس، بل على كلّ من الكنائس التي تشارك تحت اسم "المندوبين الأخوة"، في التعالي على خلافاتنا، والذين طلِب منهم بوضوح أن يأخذوا دورًا ناشطًا في المناقشة.

بناءً عليه، نودّ التركيز على محورَين قد نراهما أساسيّيْن.

الأوّل يخصّ الزوال التدريجيّ للمسيحيّة في الشرق الأوسط. كيف يمكن ادامة حضور المسيحيّين في هذه المنطقة، بالنظر إلى حواراتنا الثنائيّة؟ نودّ أن نذكّر بأنّ "ورقة العمل" كان قد أعلنها البابا بندكتوس السادس عشر إلى الرأي العامّ خلال زيارته الرسميّة إلى قبرص، في حزيران/يونيو 2010. يتعلّق الأمر إذًا بإشارة موجّهة ليس للكاثوليك الشرقيّين فحسب، بل أيضًا للكنيسة الأرثوذكسيّة ومؤمنيها. في هذا الصدد، ينبغي أن نذكّر بأهمّيّة الحضور الأرثوذكسيّ داخل المجتمعات الشرقيّة. هكذا، هل يجب على التعدّديّة المحليّة أن تكون على قدر دفع مبادراتنا المختلفة للحوار إلى الأمام، وأن تتجسّد في هذا العدد الكبير من مجالات التعاون الضروريّة والمفيدة من أجل الخير لعدد أكبر ومن أجل النقل الفعّال للشهادة الإنجيليّة.

 في الواقع، وبالتشديد على العلاقات الجيّدة حاليًّا بين كنائسنا، سيكون للأمل الملموس في اتحاد قريب مفعولٌ محفّزٌ. فالاتحاد يضمن ديمومة الحضور المسيحيّ المحلّيّ.

في مرحلة ثانية، نودّ أن نسلّط الضوء بشكل خاصّ على قدراتنا في مجال الحوار مع المكوّنات الدينيّة الأخرى في المنطقة، لاسيّما مع إخواننا المسلمين واليهود. إنّ التضخم  في المبادرات التي يعرفها في أيّامنا الحوار ما بين الأديان، يجب ألاّ يُغيّب عن نظرنا أنّ المبادرات المؤسّساتيّة لا تصحّ إلاّ عندما يجد المجتمع بأكمله نفسه مكلّفًا بضرورة العيش معًا في السلام. بالفعل، على الشرق الأوسط أن يُظهر خطأ أطروحة صراع الحضارات. أجل، لأنّ العيش معًا ممكن التحقيق، وفق أنماط لا يفرضها آخرون، بل أولئك الذين يعيشون فيه يومًا بعد يوم. هم الذين يشكّلون "ملح الأرض". وعليه فإنّ الشرط الأوّل الذي لا يمكن تجاوزه لكلّ عيش مشترك يبقى ضمان الحرّيّة الدينيّة للجميع. على هذه القاعدة فقط، تصبح العلاقات بين الأديان والشعوب والثقافات قادرة على تعزيز ظهور ما كان يسميه ليفي شتراوس: "تعايش الثقافات التي تقدّم في ما بينها أكثر ما يكون من التنوّع".

أخيرًا، نتمنى أن يقوّي هذا السينودس الروابط التي تجمع كلّ مسيحيّي المنطقة بوضوح وشجاعة ومحبّة. ولكنّنا نتمنّى أيضًا، بتلافينا كلّ أبويّة متطرفة إزاء مسيحيّي الشرق، أن نعرف نحن أيضًا، أن نتعلّم من واقعهم. أنّه من واجبنا إذًا، كي لا نقول من مسؤوليتنا، ألاّ يُدرج هذا السينودس في القائمة الطويلة للقاءاتنا التي لم يكن لها غدٌ، أقلّه احترامًا لأولئك الذين يتعذّبون والتزامًا بإيماننا.

نصلّي لكي يُلْهِم الربّ جميع المشاركين في هذا اللقاء ولكي يمنح في السلام: "جميع الذين آمنوا أن يكونوا قلبًا واحدًا ونفسًا واحدة" (أع 4: 32).








All the contents on this site are copyrighted ©.