2010-10-20 16:55:08

نيافة الكاردينال وليم جوزيف ليفادا، رئيس مجمع عقيدة الإيمان السامي الاحترام (حاضرة الفاتيكان)


الجمعة 15 تشرين الأول أكتوبر

تركز مداخلتي على مفهوم "التقليد الحيّ" في الكنيسة، كما علّم الدستور العقائدي "في الوحي الإلهي"Dei Verbum  في المجمع الفاتيكاني الثاني، وحول فهم دور البابا في التقليد الرسولي، مستندا على رقم 78 من وثيقة العمل.

في رقم 8 من "الوحي الإلهي" علّم المجمع بأنّ "هذا التقليد الذي تسلّمناه من الرسل يتقدّم في الكنيسة بمعونة الروح القدس، فإدراك الأمور والأقوال المنقولة ينمو". وكما علّم الطوباوي جون هنري نيومان، المطوّب في بريطانيا الشهر الماضي، فإنّ هذا التقليد الحيّ قد عرف تطوّرا في العقيدة، بهدف الإجابة على الأسئلة المطروحة على مدار ألفيّتين من تاريخ الكنيسة كشركة لتلاميذ المسيح. ومن دراسته لآباء الكنيسة، في عصر الآباء وفي المجامع المسكونيّة الأولى، قد وجد الكاردينال نيومان في التقليد الحيّ تحديدا، هاديا له لإعتناق ملء الإيمان في الكنيسة الكاثوليكيّة.

ولم تغب الأمثلة على هذا التطوّر عن نقاشاتنا في هذا السينودس. وأفكّر هنا بقرار "في عصرنا" Nostra Aetate لأنّه زوّدنا بأسس جديدة لعلاقاتنا اليوم مع اليهود والمسلمين. وكذلك أفكّر بنقاشات السينودس حول الحريّة الدينيّة، وحريّة الضمير، مستندين على ما جاء في بيان " الكرامة الإنسانيّة" حول الحريّة الدينيّةDignitatis Humanae . وقد قدّم البابا بندكتوس السادس عشر إسهامه الخاصّ لهذا التطوّر المستمرّ، بمداخلاته العديدة بإسم التفاعل الواجب بين العقل والإيمان، في الخطاب العام والسياسيّ، محاورا بقناعة، بأنّ الدولة العلمانيّة الحديثة تحتاج إلى صوت هام للدين لكي يؤكّد بوصلته الأخلاقيّة. وفي تطبيقه الثاقب لتعليم المجمع الفاتيكاني الثاني، قد ركّز البابا على الحاجة لاستمراريّة التقليد كشرط لفهم صحيح وأمين لتعليم المجمع، وبالتالي لتطوّر العقيدة.

وتفيدنا هذه الملاحظات عندما نفكّر بتعليم الكنيسة حول الحبر الأعظم، أسقف روما. وقد مرّت هذه العقيدة أيضا في مسار متطوّر منذ أن أكّد يسوع: "أنت صخر وعلى هذا الصخر، سأبني كنيستي" (متى 16: 18). وقد عاد العديد من آباء السينودس إلى الإقتباس ممّا جاء في رسالة يوحنا بولس الثاني "نور الشرق" عام 1995، والتي تقول وثيقة العمل حولها: "يعترف قداسة البابا يوحنّا بولس الثاني بمسؤوليّة أن نجد صيغة لممارسة الأوليّة، بحيث أنّها، وإن كانت لا تتخلّى بأيّ وجه عمّا هو أساسي في مسؤوليّتها، تنفتح لوضع جديد، آخذين في الإعتبار التقليد القانوني المزدوج اللاتيني والشرقي". (رقم 78).

 وبالتالي، إنّ مجمع العقيدة والإيمان عقد مؤتمرا لاهوتيّا للوقوف المفصّل على نواحي البابويّة اللازمة لإيمان الكنيسة. وبالإضافة إلى نشر أعمال ذلك المؤتمر، أصدر المجمع عام 1998 وثيقة حول هذه المسألة معنونة: " أوليّة بطرس في سرّ الكنيسة".

ومؤخّرا، ينظر المجمع لدعوة اللجان العقائديّة في السينودسات والمجالس الأسقفية في كنائس الشرق وفي الكنائس المشرقيّة ذات الوضع الخاصّ، لمناقشة القضايا العقائديّة ذات الإهتمام المشترك. وفي هذا الإطار، أتصوّر دراسة مفيدة وتبادل آراء حول ممارسة خدمة خليفة بطرس، بأشكال عدّة، مع نواحيها العقائديّة الأساسيّة، طبقا لحاجات الزمان والمكان المتعدّدة. ويبقى كلّ ذلك فصلا من علم الكنيسة Ecclesiology، وهو بحاجة إلى مزيد من التطوير والإكمال.

ولكن، مثل هذا التفكير اللاهوتي لا يحلّ مكان الشهادة الحيّة التي يقدّمها كاثوليك الشرق الأوسط، أمام إخوتهم الأرثوذكس والمسلمين، حول الكيفيّة التي تتطوّر فيها عقيدة الكنيسة، في التقليد الرسوليّ الحيّ، مستنيرة بعطيّة المسيح في الروح القدس، إلى تعليم الكنيسة في كلّ عصر. ويتضمّن هذا التعليم بالضرورة دور البابا كرأس للجامعيّة الأسقفيّة الرسوليّة، بمرافقة وصيّة المسيح له بأن "يثبّت إيمان إخوته" ( راجع لوقا 22: 32). وهكذا، "سيكونون بأجمعهم واحدا" (يو 17: 21).








All the contents on this site are copyrighted ©.