2010-10-20 10:44:37

صاحب السيادة مار غريغوريوس يوحنّا ابراهيم، متروبوليت حلب، بطريركيّة أنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذوكس السامي الاحترام (سوريا)


الجمعة 15 تشرين الأول أكتوبر

شرف وفخر لنا في مجلس الكنائس العالمي أن نتحدّث في هذا السينودس الموقر الملتئم في جمعيّته الخاصة، من أجل الشرق الأوسط. وهو مناسبة حقيقيّة لتقوية جميع مسيحيّي المنطقة، الأرثوذكس الشرقيّين والكاثوليك والأنجلكان، في حضورهم وشهادتهم.

وقد شكّل هذا الأمر، على مدار السنوات السابقة، اهتماماً ومسعى للأسرة المسكونيّة، لأنّنا جميعا ثابتون في إيماننا الرسولي المتجذّر في كلّ من: المكان الذي جرت فيه أحداث الخلاص، والمنطقة التي انطلقت منها البشرى السارّة إلى العالم أجمع (أويكونيا). ويواجه إيماننا تحدّيا كبيرا ويتقوّى بذات الوقت من شركتنا وتضامننا مع أخوتنا وأخواتنا في المنطقة. ونحن نعرف بأنّهم يستمرّون في أداء شهادتهم لهذا الإيمان ذاته، لأنّ الله "لم يعطِنا روح الخوف، بل روح القوّة والمحبّة والفطنة" (2 تيم 1: 7). ونحن نرى أنّ الروح القدس يقوّيهم في ثباتهم ورجائهم وفي صراعهم من أجل السلام العادل والكرامة الإنسانيّة والحريّة والمساواة في المواطنة. في الحقيقة، يدعونا هذا الروح جميعا إلى القيام بأعمال واقعيّة، بينما نرافق كنيستنا والكنائس الشقيقة، في المنطقة في الرسالة التي أئتمنها الربّ عليها.

انّ الكنائس الأعضاء في مجلس الكنائس العالميّ، قد أكّدت بوضوح، أنّنا كمسيحيّين مدعوّون للصلاة والعمل من أجل سلام عادل في مدينة القدس ولكلّ الشعوب التي تعيش فيها وفي كافة بلدان الشرق الأوسط. نعرف بأنّ للقدس مكانة خاصّة، وبأنّ للصراع الفلسطيني والاسرائيلي الحاليّ انعكاسات سلبيّة على كلّ المنطقة وأكثر. كما نؤمن كذلك بأنّ سلاما عادلا في القدس في المستقبل، سيحدث تاثيرا إيجابيا سيطال أيضا الكنائس وحضورها وشهادتها في الشرق.

في حزيران 2007، نظم مجلسنا مؤتمرا مسكونيّا في عمّان. حيث وجّه رؤساء الكنائس في القدس نداء ملحّا إلى أخوتهم وأخواتهم في المسيح: قالوا فيه: "كفى تعني كفى، لا كلام بدون أعمال. لقد آن أوان العمل" . وقد وعدناهم، نحن الكنائس والشركاء المسكونيّين من العالم، بأنّ: "معاً سنتحرّك ونصلي ونتكلم ونعمل ونضحّي بالسمعات والحيوات كي نبني معكم الجسور من أجل سلام دائم بين شعوب هذا المكان المعذب والجميل، وكي نضع حدّا لعقود من اللاعدالة والإذلال وعدم الإستقرار الأمني، ومن العيش كلاجئين وتحت الاحتلال. لقد سمحنا بأنْ يمرّ الكثير من الوقت. والزمن لم يخدم قضيّة السلام، إنّما التطرّف. هذه هي قضيّتنا العاجلة التي لم يعد يمكن أنْ تنتظر".

وفي زيارتي الحديثة للقدس، سئلت من جديد من قبل رؤساء الكنائس المحليّة للتدخّل في سبيل وضع حدّ للإحتلال، الأمر الذي سيجلب عدالة وسلاما لصالح الفلسطينييّن والإسرائيليّين، ولإستعادة كرامتهم الإنسانيّة. وهو أيضا دعاء سمعناه من مسيحيّي فلسطين الذين وضعونا أمام تحدّي "وقفة حق ورجاء ومحبّة"، التي صدرت من قلب معاناتهم. فوثيقة "الكايروس" تجلب أملا حيث لا يتوقّع المرء أن يجد أملاً، وهي تعبّر عن إيمانهم بالله الذي يحبّ جميع شعوب هذه الأرض بالتساوي، كما تدعو إلى مقاومة متجّذرة في منطق المحبّة التي تحثّ وتخاطب إنسانيّة المحتل.

إنّ هذا السينودس الموقّر يحمل فرصة فريدة من يدي الله، لملء دعوة الله الشاملة في الكنيسة الكاثوليكيّة وإيصالها إلى مسامع العالم حاملة السلام والعدالة للجميع. وهو سينودس ينهض بتطلّعات غير مسبوقة لمسيحيّي الشرق الأوسط، وبخاصّة للعراقيين والفلسطينيّين الواقعين تحت مصائب خطيرة.

وفي الواقع يحتاج مسيحيّو المنطقة جميعا إلى تجديد التزامهم المسكونيّ وإعادة إحياء الأداة المميّزة لذلك، "ي "مجلس كنائس الشرق الأوسط".

لقد حان الوقت لنعمل معا. والعمل بالنسبة للمسيحيّين ينبغي أن يقوم على مقتضيات ثلاثة: مقتضى أخلاقي ولاهوتيّ للسلام العادل، ومقتضى مسكونيّ للعمل من أجل الوحدة، ومقتضى الإنجيل لتضامن مكلف ومحبّة لكلّ قريب.

دعونا نعمل معا ونوحّد دعوتنا للحكومات المعنيّة في المنطقة والعالم لكي يحلّ السلام العادل والدائم في كلّ المنطقة.

دعونا نصلّي معا ونعمل معا لكي يستمرّ مسيحيّو الشرق الأوسط في أن يكونوا "ملح الأرض ونور العالم" ( مت 5: 13-14).

دعونا نرافق كنائس المنطقة في أدوارهم المتغيّرة في مجتمعاتهم.

دعونا  نصلّي ونعمل معاً لتقوية حضورهم المشترك وشهادتهم.

ليبارككم الله الآب في هذا السينودس. وليقدكم إبن الله، وربّنا الواحد، ولينر عقولكم  في قراراتكم. وليقوّكم الروح القدس ويحفظكم وكنائسكم الخاصّة في محبّة الآب.








All the contents on this site are copyrighted ©.