2010-10-20 16:56:29

سيادة المطران كريكور أوغسطينوس كوسا، أسقف الإسكندريةّ للأرمن السامي الاحترام (مصر)


الجمعة 15 تشرين الأول أكتوبر

"ونفتخر بالرجاء لمجد الله، لا بل نفتخر بشدائدنا نفسها لعلمنا أنّ الشدّة تلدُ الثبات، والثبات يلدُ فضيلة الإختبار، وفضيلة الإختبار تلدُ الرجاء، والرجاء لا يُخيّبُ صاحبه، لأنّ محبّة الله أُفيضت في قلوبنا بالروح القدس الذي وُهِبَ لنا" (رومة 5: 2-5)

قداسة البابا

أصحاب الغبطة والنيافة

إخوتي الكهنة والرهبان والراهبات والعلمانيّين

أتناول في مداخلتي هذه الأرقام 120 حتّى 123 والتي تتكلّم عن الرجاء.

" كونوا في الرجاء (رجائكم) فرحين، وفي الشّدة صابرين وعلى الصلاة مواظبين" (رومة 12:12)

في فرح الرجاء والصبر، في الشدّة والمواظبة على الصلاة، نتقاسم الخبرات والتفكير في التزاماتنا ضمن كنائسنا تراثيًّا وثقافيًّا وتاريخيًّا ولاهوتيًّا وليتورجيًّا وروحيًّا مميّزًا، نابعًا من مختلف تقاليدنا الطقسيّة لأنّنا مدعوّون أن نجعل من هذا التنوّع وسيلة لإغناء مجتمعاتنا على اختلافها، وتَمتين وحدة كنيسة المسيح وتأدية شهادة الإيمان والرجاء والخلاص.

في هذه المنطقة من العالم مشى ابراهيم أبونا في الإيمان ومعه كلّ ذريّته. ففي ابراهيم، كلّ مسيحيٍّ مدعو أن يلبّي نداء الربّ ويسلّم له أمره، لِيُصيبَ الحياة الحقيقيّة.

على هذه الأرض، حقّق الله قصدَ حُبّه، فأرسل ابنه الوحيد يسوع المسيح الناصريّ ليخلّص العالم ويجمع شتات الناس. في المسيح تَمّت كلّ الوعود الإلهيّة، فانتصرت على الموت وثَبُتَ فينا الرجاء.

إذًا من الشرق أشرقت أنوار الإنجيل.

من الشرق، إنبثقت نَهضة التبشير والرسالة. لِذا من هذه الرسالة تعلّمنا أن نبنيَ كنائسنا وأديرتنا وبيوتنا ومدارسنا ومؤسّساتنا على الناس والشمس والهواء. لا نعيش في كهوفٍ ودهاليز منعزلين، لكي يرى كلّ إنسان مهما كان دينه وثقافته ما عندنا بوضوح. نوافذنا كبيرة وهي من الزجاج الشفّاف " والنور يشرق في الظلمات" (يوحنّا 5:1)

إنّ شهادتنا وشركتنا تتحقّقان في هذه البُقعة من الأرض حيث شاءت العناية الإلهيّة أن نعيشَ ونحيا دعوتنا وإيماننا ورسالتنا.

تتعرّض هذه المنطقة إلى أقوى الأخطار الجسيمة التي تواجهها. فهي تتأرجح بين الحرب والسلام، وبِها أيضًا يمكن التطلّع إلى نوعٍ جديدٍ من العلاقات الدوليّة أشدّ إحترامًا لحقوق الإنسان والشعوب وحرّيتهم. حبّذا العيش المشترك أن ينتصر على كافّة الخلافات للإلتقاء مع بعضنا البعض وسويّةً مع المسلمين وحتّى اليهود.

نشعر أحيانًا بأنّنا مهدّدين بالخوف واليأس والإضطهاد، وننسى أنّ وجودنا المسيحيّ مرتبط بمستوى إيماننا وعمقه. والتحدّي الأساسيّ لنا هو أن نحقّق ذواتنا أكثر فأكثر، كمعمّدين ومؤمنين بالمسيح، مدعوّين أن نشهد لـ"فادي البشر" في حياتنا وأقوالنا وأعمالنا أمام إخوتنا غير المسيحيّين.

من هنا نتساءل أي معنى لهذا الشرق إذا كنّا غائبين عنه؟ مداخلتي هي رسالة رجاء إلى المسيحيّين لكي يروا في الشرق ينبوع الرجاء بالمسيح الذي وُلد فيه وصُلِبَ وقام من بين الأموات.

سلاح المسيحيّة لا تصنعه المصانع ولا يخرج من الأرض فيتّخذُ شكلاً أو حجمًا أو لونًا معيّنًا.

المسيحيّة سلاحها في المحبّة، ومدّ الجسور بين الإنسان وأخيه الإنسان، حتّى لا يكون هناك واحدٌ بعيدٌ وآخر قريب. وإذا استطاع المرء اكتشاف هذا السلاح، فإنّما يكون قد اكتشف ذاته وعرف مكانته. فَمتى عرفَ أحبَّ، ومتى أحبَّ أعطى، ومتى أعطى إطمأنّ، ومتى إطمأنّ استقرّ، ومتى استقرّ سلُمَ من كلّ عيبٍ وآفه.

رجاؤنا أن نعيش بسلام، فلنمدّ أيادينا إلى المسلمين واليهود برجاءٍ مسيحيّ وحياةٍ جديدة، ولنقل إلى اليهود: " كفّوا عن قتل الأبرياء، ولا تنسوا ما يقول لكم التلمود: في كلّ إنسان أرى الله"

لنمدَّ يدنا إلى أخوتنا المسلمين برجاء عيش مشترك لبناء وطنٍ واحد ومجتمع واحد تسوده المحبّة والأخوّة والتفاهم والحوار.

الكنيسة تبشّر بالمحبّة وتحارب الظلم والتعصّب وتنشر العلم ولا تعمل لذاتِها بل لمجد الله الأعظم وتثبّت الرجاء.

نتمنّى من هذا السينودس أن نصل لتحقيق الأمنية وهي أن لا نكفّ عن العمل للرجاء المنشود رغم المحن والمصاعب التي تحوم بنا، فإنّ الشهادة والشركة لا تنضجان إلاّ بالمصائب والشدائد التي ثمرها المحبّة.

المطران كريكور أوغسطينوس كوسا

أسقف الإسكندريّة للأرمن








All the contents on this site are copyrighted ©.