2010-10-18 14:24:51

سيادة المطران عصام جون درويش، مخلّصيّ، أسقف أبرشيّة القدِّيس ميخائيل للروم الملكيّين في سيدني السامي الاحترام (أستراليا)


تنقسم هذه المداخلة إلى قسمين: في القسم الأوّل أتحدّث عن كنيستي في استراليا وفي الثاني عن كنيستي في بلاد العرب.

أشكر قداسة البابا الذي عبّر عن إهتمامه الأبويّ بالكنيسة بأسرها من خلال دعوتنا إلى اللقاء في هذا الوقت في هذه المدينة الخالدة، مدينة الرسولين بطرس وبولس.

ينبغي لنا ان نعترف، وبتقديرٍ كبير، بأنّ الكنيسة اللاتينيّة في أستراليا ونيوزيلندا، وأخصّ بالذكر مؤتمرات الأساقفة الكاثوليك، لعبت دورًا حيويًّا في صيانة تراثنا وتقاليدنا الكاثوليكيّة الشرقيّة.

إنّ اتّصالاتنا الأكثر أخويّة تتركّز على العلاقة مع المسيحيّين الأرثوذكس القادمين من مصر والسودان والشرق الأوسط. كذلك تجمعنا علاقات ودّية مع الأقباط الأرثوذكس من مصر والسودان وغيرها من المجتمعات غير الخلقيدونيّة من الشرق مثل السريان والأشوريّين، كما أنّنا نجد قواسم كثيرة مشتركة معهم مثل اللغة والثقافة والتقاليد.

لقد شاركت أبرشيّتنا في حوار مع العديد من المجتمعات الإسلاميّة في استراليا، ومن أهمّ ما قامت به في هذا المجال هو تأسيس "جمعيّة الصداقة المسيحيّة الإسلاميّة الأستراليّة". هذه المؤسّسة سعت في تعزيز العلاقات الإيجابيّة في كلا الدينين وخفّفت من الخلافات بينهما، وذلك من خلال المؤتمرات وتبادل الزيارات والنشاطات المشتركة، كما ساهمت في حلّ النزاعات بين المسلمين والمجتمعات الأستراليّة في السنوات التي تلت الأحداث المأساويّة في 11 سبتمبر 2001.

إنّنا ككاثوليك شرقيّين، وكأشقّاء مع الكنيسة الأرثوذكسيّة ولا سيّما الأنطاكيّة منها، نتمنّى على الكنيسة اللاتينيّة أن تعطينا دورًا أكبر في الحوار مع إخوتنا الأرثوذكس على الصعيدَين المحلّي والعالمي. لأنّ هذا سيؤدّي حتمًا إلى مزيدٍ من التقارب بين الكنيستين الأنطاكيّتين وهو بحدّ ذاته شهادة كبيرة نقدّمها لمجتمعاتنا المسيحيّة والمسلمة.

نأمل أيضا أن تتخطّى الكنائس الكاثوليكيّة الشرقيّة العقبات التي تعرقل مسيرتها الرسوليّة والرعويّة لكي تجعل وجه المسيح يتجلّى فيها بوضوح كامل.

من أهمّ الصعوبات:

أ) إننا نشاهد تعصّبًا واضحاً يزداد يومًا بعد يوم بين الكنائس الكاثوليكيّة الشرقيّة، في نفوس الإكليروس بخاصّة، وغيرهم من العاملين في الإدارات الكنسيّة. هذا التعصّب يزرع الشكوك ويؤثّر بوضوح على مواقف العلمانيّين وحياتهم.  لكي نداوي هذا لا بدّ من وضع خطّة واضحة وقابلة للتطبيق لتثقيف الإكليروس والعلمانيين على حدّ سواء فمن خلال برامج واضحة يمكن للكاثوليك الشرقيّين أن يتوصّلوا إلى تحقيق الكنيسة الواحدة الجامعة. إنّه من المؤسف جدًا ألاّ يسمع كلّ كاثوليكيّ كلام البابا بندكتس الخامس عشر: " إنّ كنيسة يسوع المسيح ليست لاتينيّة ولا يونانيّة ولا سلافيّة ولا كاثوليكيّة. وفقًا لذلك، فإنّها لا تفرّق بين أبنائها اليونانيّين واللاتينيّين والسلافيين، وأعضاء جميع الأمم الأخرى هي على قدم المساواة في نظر الكرسيّ الرسوليّ".

ب) التواصل بين الكنائس الكاثوليكيّة الشرقيّة ما زال سطحيًّا والتعاون بينها ضئيلاً ولا سيّما في المشاريع الإجتماعيّة والرسوليّة، وعلى سبيل المثال، الوضع الحالي المحزن في لبنان، فكلّ كنيسة تبدو وكأنّها مهتمّة بتحقيق مكاسب سياسيّة لها وحدها وأكثر من غيرها بينما عليها ان تتطلّع إلى الخير المسيحيّ العام. وهذا ينمّ بالتاكيد عن ضعفنا وعدم وحدتنا.

ج) نحن الذين أؤتمنا على رعاية النفوس، نبدو وكأنّنا نهدر الكثير من الوقت في الخوض في المسائل السياسيّة! إنّ هذه الأمور يجب ان تكون من اختصاص السياسيّين العلمانيّين، أمّا نحن المكرسّين فعلينا أن نبدي إهتمامنا أكبر في التبشير بكلمة الله وإنجيل الخلاص ونوجّه طاقاتنا لنقدّم الغذاء الروحي والتثقيفي لشعبنا. إنّ شعبنا الكاثوليكيّ الشرقي الملتزم بالإيمان وبالشرق الأوسط، والمخلص للإحترام المتبادل والتعايش الأخوي، يساهم في نهاية المطاف مساهمة قيّمة لا مثيل لها في دعم العالم العربي والإسلامي.

فوق كلّ شيء " لنودع المسيح إلهنا ذواتنا وبعضنا بعضًا وحياتنا كلّها" (القداس البيزنطي). له المجد في كلّ شيء وفي كلّ حين!








All the contents on this site are copyrighted ©.