2010-10-15 10:49:18

نيافة الكاردينال ستانيسلاو ريلكو، رئيس المجلس الحبريّ لشؤون العلمانييّن السامي الاحترام (حاضرة الفاتيكان)


إنّ التحدّي الأكبر الذي على الكنيسة أن تواجهه اليوم هو تنشئة جماعة علمانيّين ناضجين في الإيمان، واعين دعوتهم الخاصّة ورسالتهم في الكنيسة والعالم. من الضروريّ أن تُنَشَّأ هوّيّات مسيحيّة قويّة ومقتنعة، أن تُوقَظ عند المؤمنين العلمانيّين جرأة الحضور المرئيّ والواضح المعالم في الحياة العامّة، حضور يعمل بحسب مبادئ تعليم الكنيسة الإجتماعيّ.

في مجال تنشئة جماعة العلمانيّين تنفتحُ للأبرشيّات والرعايا فسحةٌ واسعةٌ للعمل، ولكنها تنفتح أيضًا للمدارس والجامعات الكاثوليكيّة المدعوّة إلى البحث عن الطرق والمناهج التربويّة القادرة  على الإستجابة دائمًا إلى احتياجات المؤمنين، تابعةً تعاليم "العلمانيّون المؤمنون بالمسيح"، الوثيقة الرئيسيّة لجماعة العلمانيّين الكاثوليك. في عالمٍ موسوم بعلمنةٍ مكتسحة، لا يستطيع الإيمان أن يكون مكتسبًا حتّى بين المعمّدين. يجب الانطلاق إذًا من الأسس، أعني التعزيز العاجل لمساراتٍ واقعيّة بهدف تنشئة حقيقيّة مسيحيّة ما بعد العماد معتبرين -كما كتب البابا- "أنْ يَكُونَ المرء مسيحيًّا، هذا لا يأتي نتيجةَ خيارٍ أخلاقيٍّ أَو فكرةٍ سامية، بل كنتيجةٍ للّقاءِ بحدثٍ، بشخصٍ، بمن يُعطي الحياة أفقًا جديدًا واتّجاهًا حاسمًا" ("الله محبّة"، 1).

إحدى أعظم علامات الرجاء للكنيسة في عصرنا هي "الموسم الجديد لتجمّع المؤمنين العلمانيّين" ("العلمانيّون المؤمنون بالمسيح"، 29) الذي يرى بعد المجمع الفاتيكانيّ الثاني ولادة العديد من الحركات الكنسيّة والجماعات الجديدة. هبةٌ حقيقيّة من الروح القدس! إنّ هذه المواهب الجديدة تُعطي مسارات تربويّة ذات فاعليّة استثنائيّة للتنشئة الإنسانيّة والمسيحيّة للشباب والبالغين وتخلق فيهم اندفاعًا رسوليًّا مدهشًا، اندفاعًا تحتاج إليه الكنيسة اليوم. بالطبع لا تشكّل هذه الحركات بديلاً عن الرعيّة ولكنّها بالأحرى تكون دعمًا ثمينًا لا غنى عنه في رسالتها. في روح الشركة الكنسيّة، إنّها تساعد وتحفّز الجماعات المسيحيّة على العبور من منطقٍ بسيطٍ للمحافظة على الذات إلى منطق رسوليّ. في استمراريّة مع المكرّم يوحنّا بولس الثاني، لا يتعب البابا بندكتوس السادس عشر من أن يطلب بإلحاحٍ من الرعاة انفتاحًا دائمًا نحو هذه الوقائع الكنسيّة الجديدة. سنة 2006، خلال زيارة أساقفةٍ إلى الأعتاب الرسوليّة، أكّد البابا: "أطلب منكم أن تذهبوا نحو الحركات مع الكثير من المحبّة. يجب تصحيحها أحيانًا وإدماجها في مجمل الرعيّة أو الأبرشيّة. إنّما علينا احترام الميزة الخاصّة لمواهبها وأن نكون سعيدين بأنّ أنماط إيمانٍ جماعيّة تُولد تصبح فيها كلمة الله حياةً" (الأوسّرفاتوري رومانو، 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2006).

إنّه إذًا لمحبَّذٌ حقًّا أن تنفتح كنائس الشرق الأوسط بثقةٍ متزايدة على هذه الوقائع الجديدة الجامعة. يجب ألاّ نخاف من طرق الإعلان ومناهجه الجديدة التي تنقلها: إنّها "استفزازٌ" خلاصيّ يساعد على الخروج من الروتين الرعائيّ الذي هو دائمًا بالمرصاد ويمكن أن يعرّض رسالتنا للخطر (رج "وثيقة عمل"، رقم 61). إنّ مستقبل الكنيسة في هذه المنطقة من العالم يخضع على وجه التحديد لمقدرتنا على أن نصغي بطواعيّة إلى ما يقوله الروح للكنيسة اليوم، بما في ذلك ما يقوله من خلال هذه الوقائع الجديدة الجامعة.








All the contents on this site are copyrighted ©.