2010-10-12 12:43:21

تقرير الأمين العام لسينودس الأساقفة سيادة المطران نيكولا إتروفيتش


 

أيّها الأب الأقدس،

أيّها الآباء الأجلاّء،

إخوتي وأخواتي الأعزاء،

 

"إنطلق من أرضك وعشيرتك وبيت أبيك إلى الأرض التي أُريك. وأنا أجعلك أُمّة كبيرة، وأباركك، وأُعظّم اسمك، وتكون بركة" (تك 12: 1-2). سمع أبرام، الذي وُلِدَ في أُور الكلدانيّين، هذه الكلمات التي وَجّهها له الله في حاران، فاجتازَ المنطقة، وأقامَ بالقرب من بلّوطة ممرا (راجع تك 12: 6). ثمّ خيّمَ في ما بعد في النقب (راجع تك 12: 9)، ونزل إلى مصر (راجع تك 12: 10-20) من حيث صعد إلى النقب، وبعد ذلك إلى بيت إيل (راجع تك 13: 1-2)، وفي ما بعد إلى أرض كنعان (راجع تك 13: 12)، واستقرّ عند بلُّوطة ممرا في حبرون (راجع تك 13: 18). لقد أقامَ الله عهدًا مع عبده أبرام، الذي أصبح اسمه إبراهيم، لأنّه أُعطيَ مَهمّة خاصّة: "ها أنا أجعلُ عهدي معك، وتكون أبَا عدد كبير من الأمم. لا يكون اسمُك أبرام بعدُ، بل يكونُ اسمُك إبراهيم، لأنّي جعلتُكَ أبَا عدد كبير من الأمم" (تك 17: 4-5). ولأنّ الله كان يعرف إيمان إبراهيم وبِرَّه (راجع تك 15: 6)، أعطاه وعدًا مثلَّثًا: ولدًا، وشعبًا عظيمًا، وأرضًا. إنّ قَسَمَ إله إسرائيل لن يفشل، كما يؤكّد القدّيس بولس (روم 9: 1-11: 36).

"أنا هو من هو!" (خر 3: 14) ، هي كلمات مقدّسة وجّهها الربُّ إله إبراهيم وإسحق ويعقوب، الذي ظهر على جبل حوريب في لهيب النار، من علّيقة كانت تلتهب ولا تحترق، إلى موسى، كاشفًا له اسمه المقدّس، ومسندًا إليه مهمّة تحرير شعبه من عبوديّة مصر: "لقد رأيتُ بؤسَ شعبي في مصر وسمعت صراخهم بسبب مسخّريه: أنا أعرف معاناتهم [...]. لذا، إذهب! أنا أرسلك إلى فرعون. أخرِجْ شعبي، بني إسرائيل من مصر" (خر 3: 7، 10). وإذ كان موسى قويًّا بدعم إله الآباء له، ولأنّه تغلّب على صعوبات كثيرة، قاد الشعبَ اليهوديَّ عبر البحر الأحمر والصحراء إلى أرض الميعاد، التي استطاع فقط أن يراها من "جبل نبو الذي في أرض موآب، مقابل أريحا "(تثنية 32: 49)، حيث توفي ودفن "أمام بيت فغور" (تثنية 34: 6). على يد موسى صديقه (راجع خر 33: 11)، أقام الله العهدَ مع الشعب المختار على جبل سيناء؛ فإذا سمع الشعبُ صوتَ الربّ وحفظ شريعته، يكون بالنسبة إليه "مملكةَ كهنة وأمّةً مقدّسة" (خر 19: 6). أوكلَ اللهُ إلى الشعب المختار "الكلمات العشر"، أي الوصايا العشر، التي تشكّل موجبَ العهد وشرطَه (راجع خر 20-24).

"الحقّ الحقّ أقول لكم، قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن" (يو 8: 58). في مناقشة مع العبرانيّين في هيكل أورشليم، ألمح يسوع إلى الاسم الإلهيّ الذي كان قد أُوحِيَ إلى موسى (راجع خر 3: 14)، معلنًا ضمنًا أنّه هو نفسه الله، الذي ولد في بيت لحم كي يخلّص البشر (لوقا 1: 4-14). "تاق إبراهيم إلى رؤية يومي؛ رأى ففرح" (يو 8: 56). لقد اختصَّ يسوعُ المسيح، "ابنُ داود ، ابنُ إبراهيم" (متّى 1: 1)، بذاته أيضًا التعبيرَ "يوم الربّ"، المحفوظَ لله في العهد القديم، مقدّمًا نفسه بالذات على أنّه الموضوع الحقيقيّ للوعد الذي كان لإبراهيم، وللفرح الذي تَمَلَّكَهُ لدى ولادة ابنه إسحاق (راجع تكوين 12: 1-3).

بعد 30 عامًا من الحياة المستترة في الناصرة، كان على يسوع، الذي كان يبشّر في كلّ منطقة الجليل (متّى 4: 23)، مجتازًا "كافّة المدن والقرى" (متّى 9: 35)، أن يشير إلى علاقته أيضًا مع موسى النبيّ العظيم. في مستهلّ حياته العلنيّة، وعند بحيرة طبريّة، دعا التلاميذ الذين كانوا مقتنعين بأنّهم وجدوا "مَن تكلّم عليه موسى في التوراة، والانبياء: يسوع ابن يوسف، من الناصرة" (يو 1: 45). كان لهذا الاختبار تثبيته على جبل طابور، حيث "خاطبه رجلان، هما موسى وإيليّا، اللذان تراءيَا بمجدٍ، وكانَا يحدّثانه عن خروجه، الذي سيتمّه في أورشليم" (لوقا 9: 30-31). في نقاش مع أفراد شعبه العبريّ في هيكل أورشليم، عاد يسوع أيضًا إلى شهادة موسى: "فلو كنتم تؤمنون بموسى، لكنتم بي تؤمنون، لأنّه تكلّم عليّ في ما كتب" (يو 5: 46). يلخّص يوحنّا الإنجيليّ إسهام كلٍّ منهما المختلف في تاريخ الخلاص بالكلمات التالية: "على يد موسى أُعطِيَت التوراة، وعلى يد يسوع المسيح صارت النعمة والحقّ" (يوحنّا 1: 17).

من هذه الإشارات المقتضبة إلى العهد القديم وإلى العهد الجديد، تتّضح جليًّة أهمّيّة جغرافية الشرق الأوسط البيبليّة بالنسبة إلى جميع المسيحيّين، ولا سيّما إلى أولئك الذين يعيشون على الأرض المقدّسة، الأرض التي قدّسها يسوع بولادته في بيت لحم، بهربه إلى مصر، بحياته المستترة في الناصرة، بتبشيره في الجليل والسامرة واليهوديّة، الذي رافقته آيات ومعجزات، وبالأخصّ بآلامه وموته وقيامته في المدينة المقدّسة أورشليم. لا تزال ذكرى تاريخ الخلاص، الذي حصل في الشرق الأوسط، حيّةً في قلوب سكان منطقة كهذه، وبوجه خاصّ المسيحيّين. هم يواصلون شعوب الكتاب المقدّس. بفضلهم لا تزال الأحداث التي وقعت منذ عدّة قرون، حيّةً ليس فقط بفضل قوّة كلمة الله التي هي دائمًا حيّة وفاعلة (راجع عب 4: 12)، بل بفضل الرباط الحيويّ بالأرض التي تباركت بحضور الله الخاصّ الذي كشف ذاته في ملء الزمان (راجع عب 9: 26) في ابنه الوحيد يسوع المسيح. وبما أنّ هناك شعوبَ الكتاب المقدّس، قد يمكن الكلام على أساقفة الكتاب المقدّس، في إشارة إلى الأماكن التي قاموا فيها بنشاطهم الرعويّ. هؤلاء الرعاة هم عديدون في هذه الجمعيّة السينودسيّة، والتي تضمّ كلّ أساقفة مناطق الشرق الأوسط الكنسيّة الـ 101 التي أوجّه إليها تحيّة خاصّة جدًّا. إليهم يجب إضافة 23 أسقفًا من الشتات، الذين، بفضل عنايتهم الرعويّة، يرافقون المؤمنين المهاجرين من الشرق الأوسط في أنحاء مختلفة من العالم.

جميع الاساقفة هم، بطريقة ما، أساقفة الكتاب المقدّس. إلى جانب أساقفة الجغرافيا البيبليّة، هناك أيضا أساقفة الشركة البيبليّة. يدلّ حضور ممثّلي القارّات الخمس كلّها بشكل واضح على اهتمام مسيحيّي العالم بأسره بالكنيسة الكاثوليكيّة، التي تحجّ في الشرق الأوسط. يضاف إليهم 19 أسقفًا من البلدان المجاورة، أو خاصّة من الملتزمين في إعانة إخوتهم وأخواتهم روحيًّا ومادّيًّا في الأراضي المقدسة.

وبالجملة، يشارك في هذه الجمعيّة الخاصّة للشرق الأوسط 185 أبٌ مجمعيٌّ، منهم 159 يشاركون بحكم المنصب، و17 عيّنهم البابا. بينهم 9 بطاركة، 19 كاردينالاً، 65 رئيس أساقفة، 10 رؤساء أساقفة فخريّين، 53 أسقفًا، 15 أسقفًا معاونًا، 87 راهبًا، 4 منهم منتَخبون من قبل اتّحاد الرؤساء العامّين. أمّا بالنسبة إلى الوظائف المؤداة، فهناك 9 رؤساء مجالس أسقفيّة للكنائس الكاثوليكيّة الشرقيّة المستقلّة، 5 رؤساء اتّحادات دوليّة للمجالس الأسقفيّة، 6 رؤساء مجالس أسقفيّة، 14 رئيس دائرة في الكوريا الرومانيّة، مطران مساعد واحد، 4 أساقفة متقاعدون، منهم كردينالان، وبطريرك اللاتين المتقاعد في القدس والنائب البطريركيّ.

إنّ الأرض المقدّسة عزيزة على جميع المسيحيّين. يشرّفني أن أحيّي بصفة خاصّة المندوبين الإخوة من 13 كنيسة وجماعة كنسيّة.

الشرق الأوسط هو أيضا موطن إخوتنا وأخواتنا العبرانيّين والمسلمين، لأنّه يمثّل المكان الذي وُلِدَت فيه أيضًا هاتان الدياناتان التوحيديّتان. لذلك يسرّني أن أعلن أنّه، خلال الأعمال سيكون لنا فرح الاستماع إلى كلمات رابّي، وممثّلَين موقَّرَين للإسلام السنّيّ والشيعيّ.

وأودّ أيضًا أن أحيّي 36 خبيرًا و34 مستمعًا، قبلوا بطيبة خاطر تعيينهم، وجاؤوا لإغناء التفكير السينودسيّ بشهادتهم وبالاختبارات الرعويّة الغنيّة، التي نضجت بشكل رئيسيّ في الشرق الأوسط. وهناك أيضًا بعض ممثّليّ منظّمات تساعد بطريقة ملموسة كنائس المنطقة.

وأنا ممتنّ جدًّا للمساعدين، وللمترجمين، والتقنيّين، كما أيضًا لمعاونيّ الأمانة العامّة لسينودس الأساقفة على معاونتهم القيّمة، مدركًا أنّه، من دون إسهامم النوعيّ والسخيّ، لما كان ممكنًا تنظيم هذه الجمعيّة السينودسيّة.

 

يتألّف هذا التقرير من ستّة أجزاء:

1) افتتاح مثاليّ للجمعيّة الخاصّة في قبرص

2) بعض البيانات الإحصائيّة

3) دعوة الجمعيّة الخاصّة من أجل الشرق الأوسط

4) إعداد الجمعيّة الخاصّة من أجل الشرق الأوسط

5) ملاحظات ذات طابع منهجيّ

6) خاتمة  

 

أولاً-  افتتاح مثاليّ للجمعيّة الخاصّة في قبرص

أيّها الأب الأقدس ،

نيابة عن آباء السينودس وجميع المشاركين في الجمعية المجمعيّة، يشرّفني أن أكرّر التحيّة القلبيّة الخالصة، التي سبق وعبّر عنها نيافة الكاردينال ليوناردو ساندري، رئيس مجمع الكنائس الشرقيّة، على دعوتكم هذه الجمعيّة السينودسيّة، وعلى افتتاحها بشكل رائع في نيقوسيا، قبرص، حيث قمتم بزيارة رسوليّة من 4 إلى 7 حزيران/يونيو 2010.

لم يكن مخطَّطًا في وقت مبكّر لجمعيّة خاصّة من أجل الشرق الأوسط. وأنتم، يا صاحب القداسة، قد تلقّيتم باستعداد مثاليّ اقتراح أساقفة عديدين من المنطقة الشرق أوسطيّة بدعوتهم إلى روما للاستماع إلى أفراح مسيحيّي الشرق الأوسط وذويّ الإرادات الحسنة وآلامهم، وآمالهم وهمومهم، تلك الأرض الهامّة جدًّا بالنسبة إلى الكنيسة كلّها، لا بل إلى العالم بأسره. هكذا، بالنسبة إليكم، يا صاحب القداسة، ستكون هذه الجمعيّة السينودسيّة الرابعةَ في خمس سنوات من حبريّتكم. في إحدى المرّات، قال خادمُ الله المكرَّم البابا يوحنّا بولس الثاني إنّه، ونظرًا لعدد السينودوسات التي ترأّسها، قد يُذكَر يومًا على أنّه بابا السينودوس، "البابا السينودسيّ" [1]. ويبدو أنّ قداستكم تسيرون على طريق مماثل في عناية أسقف روما الخاصّة، وفي شركة مع الإخوة في الأسقفيّة، وفي خدمة المؤمنين الموكلين إلى عنايتهم الرعويّة.

خلال حبريّتكم، ذهبتم، يا قداسة البابا، ثلاث مرّات إلى الشرق الأوسط. أوّل زيارة رسوليّة، من 28 تشرين الثاني/نوفمبر إلى 1 كانون الأوّل/ديسمبر 2006، كانت إلى تركيا. يبقى حيًّا في الذاكرة حجُّكم من 8 إلى 15 أيّار/مايو 2009 إلى الأردنّ وإسرائيل وفلسطين. ذروة الزيارة التي ذُكِرَت أعلاه إلى قبرص، كانت تسليم أداة العمل إلى ممثّليّ أسقفيّات الشرق الأوسط الكاثوليكيّة، ممثَّلة وعن حقّ بالبطاركة السبعة، ورئيس مجلس الأساقفة في إيران. للأسف، لم يستطع أن يحضر ذاك الموعد رئيس الأساقفة لوديجي بادوفيزي، النائب الرسوليّ في الأناضول، ورئيس رئيس مجلس الأساقفة في تركيا، الذي قُتِل بوحشيّة عشيّة الزيارة الرسوليّة. في مناسبة تسليم أداة العمل، كانت لقداستكم كلمات رقيقة فيه، وشكرٌ أيضًا على المساهمة الكبيرة في تحرير وثائق الإعداد للجمعيّة السينودسيّة، أي الخطوط العريضة وأداة العمل. فلنوجِّه إلى الربّ الصلاة كي يلقى خادمه الأمين في ملكوته، ملكوت النور والسلام والفرح الأبديّ، كي يستطيع أن يتشفّع من السماء لأجل نجاح هذه الجمعيّة السينودسيّة. فلتفتح تضحيتُه مساراتٍ جديدةً من المعرفة المتبادلة، والتعاون في مجال الحرّيّة الدينيّة الحقيقيّة في كلّ بلدان الشرق الأوسط والعالم. وفي الوقت نفسه، فلنصلِّ من أجل توبة مَن كانوا ضالعين في موته المأساويّ.

بمناسبة تسليم أداة العمل، ذكّرتُم قداستُكم بشعار الجمعية السينودسيّة: "وكانت جماعة المؤمنين قلبًا واحدًا ونفسًا واحدًا" (أعمال 4: 32)، وشدّدتم على حاليّة الشركة والشهادة بالنسبة إلى الحياة المسيحيّة. ثمّ أشرتم إلى أنّ الغرض من هذه الجمعيّة هو في نقطتين : (1) "تعميق أواصر الشركة بين أعضاء كنائسكم المحلّيّة، كما أيضًا شركة هذه الكنائس نفسها في ما بينها ومع الكنيسة الجامعة"، (2) و"تشجيعكم في شهادة إيمانكم في المسيح، التي تقدّمونها في البلدان التي ولد فيها هذا الإيمان ونما" [2]. بالإضافة إلى هذه الأهداف الرئيسيّة، هناك أيضًا أسباب أخرى دفعت إلى دعوة الجمعيّة الخاصّة للشرق الأوسط، التي تمثّل فرصة ملائمة "لمسيحيّي باقي العالم لكي يقدّموا دعمًا روحيًّا وتضامنًا إلى إخوتهم وأخواتهم في الشرق الأوسط" [3]، وخصوصًا أولئك الذين يعانون مِحَنًا كبيرة بسبب الوضع الحاليّ الصعب في المنطقة. بالإضافة إلى ذلك، تسمح الجمعيّة الخاصّة بـ"التركيز على القيمة الهامّة للحضور والشهادة المسيحيَّين في بلدان الكتاب المقدّس، ليس فقط بالنسبة إلى الجماعة المسيحيّة على مستوى عالميّ، ولكن أيضًا بالنسبة إلى جيرانكم ومواطنيكم". إنّ المسيحيّين الذين يعيشون منذ ما يقارب 2000 سنة في الشرق الأوسط، يرغبون في أن يعيشوا في سلام وانسجام مع جيرانهم العبرانيّين والمسلمين.

يستحقّ المسيحيّون الاعتراف بالدور الذي لا يُقَدَّر بثمن والذي غالبًا ما يقومون به "كصانعيّ السلام في العمليّة الصعبة للمصالحة" [4]. لذلك، ينبغي دائمًا أن تكون حقوقهم كلّها محترمة، بما في ذلك حقّهم بحرّيّة العبادة والحرّيّة الدينيّة.

 

ثانيًا- بعض البيانات الإحصائيّة

 

فلنشكر سويًّا اللهَ الصالح والرحوم على العطايا الوفيرة التي تلقّتها الكنيسةُ في الشرق الأوسط طوال ألفَي عام تقريبًا من وجودها. لقد أدّى تلاميذُ الربّ يسوع، وغالبًا في ظروف معاكسة، وحتّى الاستشهاد ، شهادةَ إيمانٍ حيّ، ورجاءٍ حارّ، ومحبّةٍ نَشِطَة. بفضل مساعدة الروح القدس، يقدّم حضورُ المسيحيّين المتواصلُ في الأرض المقدّسة سببًا وجيهًا للأمل لحاضرهم ولمستقبلهم أيضًا في منطقة هامّة كهذه. إنّ الأرض المقدّسة هي مسقطُ رأسِهم وموطنُهم، الذي، من أجل بنائه، ترغب الدول الديمقراطيّة والمزدهرة في تقديم مساهمةٍ قيّمةٍ وفريدة من نوعها، وهي على استعداد للتعاون مع جميع الناس ذوي الإرادة الحسنة، وخاصّة مع مؤمنيّ اليهوديّة والإسلام.

وفي هذا الصدد ، يبدو من المفيد تقديم بعض المعطيات الإحصائيّة حول الشرق الأوسط. في إعداد وثائق الجمعيّة السينودسيّة، وخصوصًا في الخطوط العريضة وأداة العمل، يُقصَد بالتسمية "الشرق الأوسط"، بالإضافة إلى أورشليم/القدس والأراضي الفلسطينيّة، البلدان الـ16 التالية: المملكة العربيّة السعوديّة، البحرين، قبرص، مصر، الإمارات العربيّة المتّحدة، الأردن، إسرائيل، إيران، العراق، الكويت، لبنان، عُمان، قطر، سوريا، تركيا، واليمن.

يتعلّق الأمر بمنطقة شاسعة تمتدّ على مدى 7.180.912 كيلومترًا مربّعًا. في الشرق الأوسط، يعيش 356.174.000 شخصًا، من بينهم 5.707.000 كاثوليكيّ، يمثّلون 1,60٪ من السكّان. هذه المعطيات هي مأخوذة من دليل الكنيسة الإحصائيّ 2008 (Annuarium Statisticum Ecclesiae 2008) في طبعته الأخيرة للعام 2010. ولكن لم يكن من السهل الحصول على معطيات موثوقة عن عدد المسيحيّين في الشرق الأوسط. يبلغ عددهم التقريبيّ 20.101.866 شخصًا، أي 5.90 ٪ من السكّان. وعلى الرغم من أنّ المعطيات هي تقريبيّة، فإنّها تعطي فكرة عن حضور الأقلّيّة المسيحيّة في المنطقة ذات الغالبيةّ المسلمة، ما عدا إسرائيل، حيث قد يبلغ عدد اليهود 75،6 ٪، والمسلمين 16،7 ٪، والمسيحيّين 2،1 ٪، والدروز 1،6 ٪، وآخَرين 4 ٪. [5]

 

 

 

في الكلمة التي ألقاها قداسة البابا بنديكتوس السادس عشر في نيقوسيا، لدى تسليمه أداة العمل، أبرز إسهام المسيحيّين الكبير في التنمية المتكاملة للبلدان التي يعيشون فيها، قائلاً: "أنتم تُسهمون في الصالح العامّ بطرق لا عدَّ لها، على سبيل المثال من خلال التربية، ورعاية المرضى، والمساعدة الاجتماعيّة، وأنتم تعملون لبناء المجتمع". [6]

تبيّن بعضُ البياناتِ المتاحةِ بوضوحٍ تأكيدَ أسقف روما، الذي، أثناء رحلته الرسوليّة إلى الأردن في أيّار/مايو 2009، بارك حجر الأساس لجامعة مأدبا التابعة للبطريركيّة اللاتينيّة في القدس. تدير الكنيسةُ الكاثوليكيّةُ في الشرق الأوسط 686 مدرسة حضانة تضمّ 92.661 تلميذًا، و869 مدرسة ابتدائيّة تضمّ 343.705 تلميذًا، و548 مدرسة متوسّطة تضمّ 183.995 تلميذًا. وهناك أيضًا 13 معهدًا للتعليم العالي، بما في ذلك أربع جامعات. أمّا من حيث عدد التلاميذ، فهناك 2.443 يرتادون المعاهد العالية، 1.654 يتابعون دراسات كنسيّة، و34.506 دراسات جامعيّة أخرى [7]. من المفيد التذكير أنّ هذه المدارس لا يرتادها الكاثوليك فقط أو المسيحيّون، إذ إنّها مفتوحة لأتباع ديانات أخرى، وخاصّة للمسلمين. إنّها طريقة عمليّة وفعّالة تسهم الكنيسةُ بها في تربية الشبّان، أملِ الكنيسة والمجتمع.

الكنيسة الكاثوليكيّة هي أيضًا في الطليعة في رسوليّة المحبّة تجاه المرضى والمسنّين والمعوقين والفقراء. تملك الكنيسة الكاثوليكيّة في الشرق الأوسط 544 مرفقًا صحّيًّا كاثوليكيًّا: 76 مستشفى ودار رعاية، و113 مرفقًا صحيًّا للمسنّين، 331 عيادة ومستوصفًا، و24 مرفقًا صحيًّا للمعاقين ومراكز لإعادة التأهيل، تديرها مؤسّسات مختلفة من الحياة المكرسة. هذه المؤسّسات هي مفتوحة للمسيحيّين الآخَرين وللمسلمين ولجميع الناس الذين هم في حاجة.

تُدير مؤسّسات كاريتاس الوطنيّة في المنطقة (الشرق الأوسط، والقرن الأفريقيّ، وشمال أفريقيا = MONA) مبادرات عدّة تهدف إلى مساعدة الإخوة الذين هم في العوز الشديد.

وتؤمّنُ مساعَدةً قيّمة للإخوة والأخوات في الشرق الأوسط منظّمةُ فرسان مالطة، ومنظّمةُ فرسان القبر المقدّس في القدس، وعلى الأخصّ مجمعُ الكنائس الشرقيّة الجدير بالثناء، الذي ينسّق مساعَداتِ مختلف المنظّمات، ومن بينها ينبغي ذكر اجتماع لجنة أعمال المساعدة للكنائس الشرقيّة (ROACO).

 

ثالثًا- دعوة الجمعيّة الخاصّة من أجل الشرق الأوسط

لقد أعلن البابا بندكتوس السادس عشر قرار الدعوة إلى انعقاد الجمعيّة الخاصّة من أجل الشرق الأوسط لسينودس الأساقفة في 19 أيلول/سبتمبر 2009، خلال لقائه بطاركة الكنائس الشرقيّة الكاثوليكيّة المستقلّة وأساقفتها العامّين الكبار.

أتت فكرة الدعوة إلى جمعيّة سينودسيّة كهذه نتيجةَ ديناميكيّة رعائيّة مزدوجة؛ فمن ناحية أولى، طلب عدّة أساقفة وبحرارة، خصوصًا من مناطق الشرق الأوسط التي هي أكثر امتحانًا، كالعراق مثلاً، من الأب الأقدس أن يجمع أساقفة المنطقة من أجل الاستماع مباشرة إلى معلومات حول الوضع المأساويّ في الغالب، والذي يعيش فيه المؤمنون الموكََلين إلى عنايتهم الرعائيّة، وذلك من أجل تَبَيُّنِ طرقِ تحسين هذا الوضع بنعمة الروح القدس وفي الشراكة الأسقفيّة، بدءًا من الشراكة داخل الكنائس وفي ما بينها. لقد عبّر أيضًا عن رغبة الرعاة، وسط هذه المحن الشديدة، بعض كرادلة وأساقفة الكوريا الرومانيّة الذين هم تواصل شخصيّ ومؤسّساتيّ متكرّر مع رعاة الأراضيّ المقدّسة ومسيحيّيها.

من ناحية أخرى، خلال رحلاته الرسوليّة إلى تركيا، ومن بعدها إلى الأردن وإسرائيل وفلسطين، رأى الأب الأقدس بنديكتوس السادس عشر بأمّ العين ولمس لمس اليد أفراح كنائس محليّة عديدة وآلامها؛ لذا تلقّى رغبتهم في ألاّ يشعروا أنّهم لوحدهم، وفي توطيد روابط الشراكة مع الكنيسة الشاملة من خلال أسقف روما الذي يرأسها بالمحبّة. إضافة إلى ذلك، تمّ إعلان الدعوة إلى جمعيّة السينودس في شركة عميقة للبابا مع رؤساء الكنائس الشرقيّة الكاثوليكيّة المستقلّة لدى استقبالهم في المقرّ البابويّ في كاستل غاندولفو. إنّ لفتة معبِّرة كهذه، التي هي لقاء ومحبّة أخويّة، دفعتْ إليها أيضًا رغبةُ قداستكم في "سماع صوت الكنائس التي تخدمونها بتفان رائع، وفي توطيد روابط الشراكة التي تربطها بالكرسيّ الرسوليّ" [8]. إضافة إلى ذلك، عبّر الأب الأقدس عن رغبته في "تعزيز العمل السينودسيّ العزيز جدًّا على اللاهوت الكنسيّ الشرقيّ، والتي رحّب بها مقدِّرًا إيّاها المجمعُ الفاتيكانيّ الثاني"[9]. وإذ استرجع قداستُه بعد ذلك ذكرَ نداءِ السلام الذي سلّمه إليه البطاركة خلال جمعيّة السينودس حول كلام الله، وجّه أفكاره بشكل خاصّ إلى مناطق الشرق الأوسط الممتحَنة. في هذا السياق سلّم إعلان الجمعيّة الخاصّة من أجل الشرق الأوسط لسينودس الأساقفة، عاهدًا نتائجه إلى شفاعة أمومة الكلّيّة القداسة، التي تُكرَّم إلى حدٍّ كبير في الكنائس الشرقيّة الكاثوليكيّة، كما أيضًا عند إخوتنا وأخواتنا من الكنائس المسيحيّة الأخرى.

 

رابعًا - إعداد الجمعيّة الخاصّة من أجل الشرق الأوسط

في المقابلة التي منحت لي في 13 حزيران/يونيو 2009، أعرب قداسة البابا أيضًا في هذا الموضوع عن اقتراحه بعقد الجمعيّة الخاصّة لمنطقة الشرق الأوسط لسينودس الأساقفة. ولدراسة هذه المسألة بشكل صحيح، رتّب اجتماعًا لدراسة الموضوع في الأمانة العامّة في 8 تموز/يوليو 2009. شارك في هذا الاجتماع مسؤولو الدوائر الكوريا الرومانيّة الأربعة الذين هم على التواصل الأكثر تواترًا مع الكنيسة الكاثوليكيّة في الشرق الأوسط، وهم: رؤساء مجمعَي الكنائس الشرقيّة، وتبشير الشعوب، ورؤساء المجلس الحبريّ لتعزيز وحدة المسيحيّين، والمجلس الحبريّ للحوار بين الأديان. شارك في الاجتماع أيضًا ممثل من قسم العلاقات مع الدول التابع للأمانة العامّة لدولة الفاتيكان. وبعد تبادل المعلومات عن الوضعَين الكنسيّ والاجتماعيّ في المنطقة، تمّت دراسة المقترحات لعقد الجمعيّة الخاصّة من أجل الشرق الأوسط، والمواضيع التي يمكن طرحها في جمعيّة السينودس، وعدد المشاركين فيها، كما أيضًا تاريخ عقدها. وتمّ التشديد على الحاجة إلى إنشاء مجلس ما قبل السينودس من أجل منطقة الشرق الأوسط لإعداد وثائقه الخاصّة.

في المقابلة التي مُنِحَت لي في 7 أيلول/سبتمبر، قدّمتُ للأب الأقدس، بنديكتوس السادس عشر، نتائج اجتماعات الدراسات المذكورة. بعد تفكير عميق، بلّغ قداستُه قرارَه بدعوة جمعيّة خاصّة من أجل الشرق الأوسط من 10 إلى 24 تشرين الأوّل/أكتوبر 2010 حول موضوع: "الكنيسة الكاثوليكيّة في الشرق الأوسط: شركة وشهادة". "وكان جماعة المؤمنين قلبًا واحدًا وروحًا واحدة" (أع 4: 32). وكما قلنا سابقًا، لقد أعلن الأب الأقدس بنديكتوس السادس عشر بذاته عن هذا الحدث في 19 أيلول/سبتمبر 2009. من ناحية أخرى، أراد قداسته أن ينتمي إلى مجلس الأمانة العامّة لما قبل السينودس من أجل الشرق الأوسط البطاركة السبعة بأجمعهم، أي البطاركة الستّة لكنائس الشرق الأوسط المستقلّة، وبطريرك أورشليم للاتين، إضافة إلى رئيسَي مجلسَي أساقفة تركيا وإيران.

ونظرًا لضيق الوقت نسبيًّا من أجل الإعداد للجمعيّة السينودسيّة، خطّطت الأمانة العامّة لعقد الاجتماع الأوّل لمجلس ما قبل السينودس من أجل الشرق الأوسط يومَي 21 و22 أيلول/سبتمبر 2009، عقب لقاء البابا بالبطاركة ورؤساء الأساقفة الكبار.

لقد كان هدف هذا الاجتماع إعداد نصّ الخطوط العريضة، وثيقة التفكير حول جمعيّة السينودس. وبعد تبادل مكثّف لوجهات النظر حول وضع الشرق الأوسط المعقّد، وضع أعضاء المجلس تصميم نصّ الخطوط العريضة مع دلائل محدّدة حول مضمونه.

في الاجتماع الذي تمّ في 24 و25 تشرين الثاني/نوفمبر 2009، تفحّص أعضاء مجلس ما قبل السينودس مسودّة الوثيقة؛ وبما أنّهم يتمتّعون بخبرة رعائيّة واسعة في بلدان الشرق الأوسط، قدّموا تعديلات عديدة أُدخِلَت لاحقًا إلى النصّ. أُرسِل هذا الأخير عبر البريد الإلكترونيّ إلى أعضاء المجلس الخاصّ للشرق الأوسط، من أجل موافقة أخيرة، راجين أن ترسل الملاحظات النهائيّة قبل نهاية شهر تشرين الثاني/نوفمبر. بعد أن راجعت الأمانة العامّة لسينودس الأساقفة الملاحظات الواردة إليها، أصدرت نصّ الوثيقة النهائيّ الذي تُرجِم إلى أربع لغات: العربيّة، الفرنسيّة، الإيطاليّة، والإنجليزيّة.

تمّ تسليم نصّ الخطوط العريضة، المؤرّخ في 8 كانون الأوّل/ديسمبر 2009، في المكتب الصحافي للكرسيّ الرسوليّ في 19 كانون الثاني/يناير 2010 على يد صاحب السيادة رئيس الأساقفة، نيكولا إيتيروفيتش، أمين السرّ العامّ لسينودس الأساقفة، وصاحب السيادة فورتوناتو فريتزا. لقد وُزِّعَت الوثيقة بشكل واسع، كما تمّ نشرها عبر موقع الفاتيكان على شبكة الإنترنت في صفحات أمانة السرّ العامّة لسينودس الأساقفة.

الكنائس الشرقيّة الكاثوليكيّة المستقلّة، المجامع الأسقفيّة، دوائر الكوريا الرومانيّة، إتّحاد الرؤساء العامّين، كما أجهزة أخرى معنيّة بالأمر، جميعهم أُعطُوا الوقت لغاية عيد فصح 2010 -الذي صادف بتدبير العناية الإلهيّة أن احتفل به جميع المسيحيّين حسب كافّة تقاليدهم بالتاريخ عينه في 4 نيسان/أبريل-، حتّى يرسلوا إلى الأمانة العامّة لسينودس الأساقفة الإجابات على أسئلة الخطوط العريضة. كان على هذه الإجابات أن تخدم في صياغة أداة العمل، أي وثيقة عمل الجمعيّة الخاصّة من أجل الشرق الأوسط لسينودس الأساقفة.

 

أداة العمل

على الرغم من الوقت القصير الذي تمّت فيه دراسة الخطوط العريضة، كانت النسبة المئويّة للإجابات جدّ مرْضيّة. وقسّمت إلى عدّة أنواع، بحسب المؤسّسات التي تقيم معها الأمانة العامّة لسينودس الأساقفة علاقات رسميّة.

 

المؤسّسات: الإجابات:

الكنائس الشرقيّة الكاثوليكيّة المستقلّة:6 ـ 6 (100%)

بطريركيّة أورشليم للاتين:1 ـ 1(100%)

مجامع الأساقفة:3 ـ 3 (100%)

دوائر الكوريا الرومانيّة: 26 [11] ـ 14 (56 ٪)

إتحاد الرؤساء العامّين:1ـ 1 (100%)

 

وصلت أيضًا إلى الأمانة العامّة لسينودس الأساقفة مساهمة معاهد التعليم العاليّ وبعض الجامعات، كما أيضًا مساهمة الجمعيّات الدينيّة والمؤمنين، وكذلك من أشخاص علمانيّين يحملون في قلوبهم همّ حاضر الكنيسة الكاثوليكيّة في الشرق الأوسط ومستقبلها.

اجتمع مجلس ما قبل السينودس من أجل الشرق الأوسط يومي 23 و24 نيسان/أبريل 2010 للتدقيق في الإجابات الواردة إلى أمانة سرّ سينودس الأساقفة، والتي أُدخِلت إلى مسودة الوثيقة التي حرّرتها أمانة السرّ العامّة بمساعدة بعض الخبراء. لقد حافظ المحلسُ المذكور بشكل جوهريّ على بنية الخطوط العريضة، مسهّلاً هكذا مهمّة المجلس في تفحّص الوثيقة. وإذ أخذ أعضاءُ مجلس ما قبل السينودس بعين الاعتبار الإسهامات الواردة إليهم من هيئاتِ أسقفيّاتِ البلدان المفردة، أغنوا المسودات بمداخلات فريدة، هي نتيجة خبرتهم الرعائيّة الخصبة، مقدِّمين بيانات صالحة لإكمال النصّ، وهذا عمل قامت به الأمانة العامّة. لاحقًا، أُرسِلت الوثيقة عبر البريد الإلكترونيّ إلى جميع أعضاء مجلس ما قبل السينودس، مع طلب إعادة إرسال الملاحظات إذا وجدت قبل نهاية 15 أيّار/مايو 2010. وبعد أن طُعِّمَ النصّ بالملاحظات الوافدة، أُكمِل تحرير الوثيقة، وتُرجِمت إلى أربع لغات: العربيّة، الفرنسيّة، الإيطاليّة، والإنجليزيّة. وبتاريخ 7 حزيران/يونيو 2010، تكرّم الأب الأقدس بنديكتوس السادس عشر بتسليمها شخصيًّا في نيقوسيا، قبرص، إلى أعضاء مجلس ما قبل السينودس، أي إلى ممثّليّ جميع أساقفة الشرق الأوسط.

وبعد أن سلّم الأب الأقدس أداة العمل، ونشكره على هذا مرّة أخرى شكرًا حارًّا، وزَّعَتْ الأمانة العامّة للسينودس الوثيقة بشكل مكثّف، مستخدمة أيضًا الصفحة الخاصّة بها في موقع الفاتيكان على شبكة الإنترنت.

 

تعيّين أعضاء رئاسة جمعيّة السينودس

في 24 نيسان/إبريل 2010، عيّن الحبر الأعظم بنديكتوس السادس عشر أعضاء الرئاسة السينودسيّة للجمعيّة الخاصّة من أجل الشرق الأوسط كما يلي:

- رئيسان منتدبان شرفًا: غبطة السيّد البطريرك الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير، بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق للموارنة، لبنان؛ وغبطة السيّد البطريرك عمّانوئيل الثالث دلّي، بطريرك بابل للكلدان، العراق.

- رئيسان منتدبان: نيافة السيّد الكاردينال ليوناردو ساندري، رئيس مجمع الكنائس الشرقيّة، وغبطة البطريرك اغناطيوس يوسف الثالث يونان، بطريرك أنطاكيا للسريان، لبنان.

- مقرّر عامّ:  غبطة البطريرك أنطونيوس نجيب، بطريرك الإسكندريّة للأقباط، مصر.

- أمين عامّ خاصّ: سيادة المطران يوسف سويف، رئيس أساقفة قبرص للموارنة، قبرص[11].

 

خامسًا - ملاحظات ذات طابع منهجيّ

إنّ سينودس الأساقفة هو المكان المفضّل للشراكة الأسقفيّة. وبمناسبة عقده يقوّي الأساقفة بين بعضهم البعض ومع الحبر الرومانيّ روابط الشراكة الفعليّة والعاطفيّة. والمقصود هنا ليس فقط الشعور، مهما كثر نبله، إنّما الحقيقة الكنسيّة التي تتطلّب حضورًا مثابرًا، وإصغاءًا صبورًا، وجهوزيّة كبيرة، وانتباهًا للقريب، واعتبارًا لحاجة الآخر، وتعاونًا مع الإخوة، وتضحية موجّهة إلى خير الجميع. إنّني لمتأكّد أنّه، في روح الخدمة الكنسيّة هذه، كلّ أب من آباء السينودس سيكون مستعدًّا لقبول وتتميم المسؤوليّة التي سيكلّف بها عن طريق الانتخاب أو التعيين أو الترشيح، مقدِّمًا إسهامه الخاصّ في إنجاح جمعيّة السينودس. في الغالب تكون هذه الخدمات مستترة، ولكنّها جدّ مهمّة لإنجاح الجمعيّة السينودسيّة. ومن أجل أن يلعب أكبر عدد ممكن من آباء السينودس دورًا فعّالاً لصالح الجمعيّة كلّها، يُرجى بإلحاح أن يضطلع كلّ واحد بمسؤوليّة واحدة فقط.

في المقابلة التي مُنِحَت لي في 26 آذار/مارس 2010، وافق الأب الأقدس بنديكتوس السادس عشر على معايير المشاركة في جمعيّة السينودس التي تمّت الموافقة عليها في المجلس الرئاسيّ من أجل الشرق الأوسط للأمانة العامّة لسينودس الأساقفة، الذي كان قد اجتمع يومَي 24 و25 تشرين الثاني/نوفمبر 2009. بعد موافقة الحبر الأعظم، بلّغت المعايير هذه إلى بطاركة الكنائس الشرقيّة الكاثوليكيّة المستقلّة وإلى رؤساء المجامع الأسقفيّة في المنطقة.

بحسب قرار الأب الأقدس بنديكتوس السادس عشر، يشارك في جمعيّة السينودس بحكم المنصب جميع الأساقفة الفعليّين في الشرق الأوسط، المكانيّين والمعاونين، كما أيضًا الذين يساوونهم في المنصب. يشمل هذا العدد الكرادلة دون حدود للعمر، كما رؤساء الكنائس الشرقيّة الكاثوليكيّة الكبيرة المستقلّة، إضافة إلى الذين يحقّ لهم المشاركة، أي أساقفة الانتشار التابعين للكنائس الشرقيّة الكاثوليكيّة الخاصّة.

وافق بعدها الأب الأقدس على أن تُمَثَّل بلدان شمال غرب أفريقيا بأسقف واحد. من ناحية أخرى، قرّر قداسته أن يشارك أيضًا في جمعيّة السينودس رؤساء مجامع أساقفة القارّات الخمس. إنّ حضورهم لهو قرب مجلس الأساقفة العامّ من إخوتهم الأساقفة في الشرق الأوسط. ينضمّ إليهم أساقفة يمّثلون بلدانًا تستقبل مؤمنين من الشرق الأوسط، والذين يقدّمون مساعدة هامّة للكنيسة الكاثوليكيّة في مهمّة المرسلين والمرسلات أو ذات طبيعة ماليّة. وبالتطابق مع قواعد نظام سينودس الأساقفة أكمل الأب الأقدس عدد آباء السينودس بتعيينات مناسبة.

قَبِلَ الأب الأقدس بنديكتوس السادس عشر بكلّ طيبة خاطر اقتراح مجلس ما قبل السينودس بأن يُدعى عدد هامّ من المستمعين، رجالاً ونساءً، الملتزمين في عمل البشارة والترقية البشريّة في الشرق الأوسط. إذ سيسمح حضورهم وكلمتهم بالحصول على رؤية أوسع للحياة الكنسيّة والاجتماعيّة في المنطقة، كما يراها العلمانيّون أيضًا. وفي جمعية السينودس يحضر عدد هامّ من الخبراء المستعدّين لمعاونة أمين السرّ الخاصّ والمقرِّر العامّ، وذلك بما يكتنزون من عدّة وخبرة، خلال الأعمال السينودسيّة.

لم تطرأ تغييرات كبيرة على المنهجيّة السينودسيّة بالمقارنة مع تلك التي اختُبِرَت في المجامع الأخيرة التي ترأَّسها الأب الأقدس بنديكتوس السادس عشر. رغم ذلك، من المهمّ أن نذكّر ببعض العناصر المهمّة:

1) إنّ كلّ أب من آباء السينودس مدعوّ بإلحاح إلى أن يقرأ بانتباه الدليل المرافق الذي تسلّمه المشاركون. وإذ يتبع هذا الدليل قواعد الرسالة الرسوليّة العناية الرسوليّة، كما أيضًا الممارسة السينودسيّة، هو يصف بالتفصيل  طريقة العمل في جمعيّة السينودس الحاليّة.

2) طُبِع الدليل المرافق في أربع لغات: العربيّة، الفرنسيّة، الإيطاليّة، والإنجليزيّة، بينما من أجل تسهيل الأمور، ورد جدول الأعمال في اللاتينيّة التي ما زالت اللغة الرسميّة لسينودس الأساقفة. يستَنتَج من هذا الجدول أنّه يُتوقّع أن تكون هناك أربعة عشر جمعيّة عموميّة، وستّ جلسات للحلقات الصغرى.

3) في الجمعيّة الحاليّة أيضًا، وبهدف تسهيل مشاركة أكبر، سيستطيع كلّ أب من آباء السينودس أن يلقي مداخلة من خمس دقائق في صالة السينودس. نأمل أن يتمكّن أكبر عدد ممكن من التكلّم. على كلّ حال، سيستطيع كلّ أب من الآباء أن يسلّم مداخلته خطّيًّا، من أجل تفحّصها بتمعّن وتقدير، وجعلها حاضرة في وقت إنشاء الاقتراحات والوثائق.

4) من أجل تشجيع تعميق أكبر للمواضيع المطروحة على جدول الأعمال اليوميّ، ستجري ساعة من المناقشة الحرّة في نهاية الجمعيّات العموميّة المسائيّة، من الساعة السادسة ولغاية السابعة مساء. ومَن مِن الآباء يطلب الكلمة يستطيع أن يتكلّم دون أن يتعدّى الثلاث دقائق.

في ما يتعلّق بهذا الأمر، أسمح لنفسي أن أشير إلى أمرَين: من المهمّ أن يظلّ حاضرًا في الأذهان أنّه يجب أن تُحدّد المناقشة الحرّة ضمن موضوع السينودس، أي: "الكنيسة في الشرق الأوسط: شركة وشهادة". إنّه موضوع مهمّ جدًّا وغنيّ المحتوى يتطلّب تعميقًا من عدّة نواحي كنسيّة، وترجمة إلى مبادرات نشاطات رعائيّة. إذًا يُرجَى من الرؤساء المنتدبون أن ينتبهوا على ألاّ تخرج المناقشة عن الموضوع المثبت. من ناحية أخرى، من المناسب أن يتكلّم الآباء بحرّيّة خلال المناقشة الحرّة، أي دون قراءة النصّ المكتوب، كما في حال مداخلات الجمعيّات العموميّة الرسميّة. وعند الضرورة، تجوز الملاحظات المدوّنة، ولكن تُفضَّل المداخلات الحرّة، من ضمنها الأسئلة والملاحظات العفويّة، حتّى ولو لم تكن صياغتها ممتازة.

5) لكي أتجنّب تكرار المواضيع غير الضروريّة، تمنيّت على بطاركة الكنائس الكاثوليكيّة الشرقيّة تنسيق موضوعات المشاركين المنفردين، بشكل يكون موقف السينودس الخاصّ للأساقفة في كلّ كنيسة مستقلّة ممثَّلاً بأمانةٍ وبشموليّة، مع مجموعة متنوّعة من المواضيع الغنيّة. سوف تقوم الأمانة العامّة بالتأكّد من أنّها تستطيع أن تسمع صوت كلّ الكنائس الكاثوليكيّة الشرقيّة، بمن فيهم أولئك الذين لديهم أساقفة قليلون. ومن أجل تنظيم مداخلات المشاركين، من المهمّ جدًّا أن يطلب آباء السينودس الإذن للتكلّم مسبقًا. إضافةً إلى ذلك، فإنّ جمعيّة السينودس تستمرّ لمدّة أسبوعين. أمّا الأسبوع الأوّل، فهو مخصّصٌ فقط لمداخلات آباء السينودس داخل هذه القاعة.

6) يُرجى من آباء السينودس أن يقوموا بإعداد مُلخّصات لمداخلاتهم خلال الجلسة، التي من الطبيعيّ أن يتمَّ نشرها. وإذا كان من مانع لدى شخصٍ ما في نشر مداخلته، عليه أن يبلّغ ذلك إلى الأمانة العامّة، وهذا ينطبق أيضًا على النصوص المسلّمة كتابةً فقط والتي يمكن تسليمها أيضًا إلى الأمانة العامّة.

7) لقد وفّرت الأمانة العامّة الترجمة الفوريّة بأربع لغاتٍ رسمّية لمجلس الأساقفة: العربيّة، الفرنسيّة، الإيطاليّة، والإنكليزيّة. ويمكن استعمال هذه اللغات في المداخلات ضمن ورش العمل.

8) يمكن أيضًا كتابة الاقتراحات باللغات الأربع المذكورة. ويرجى أن يكون كلّ اقتراح مختصرًا، مركّزًا على موضوعٍ واحدٍ. وانطلاقًا من اعتبار عقيدة الكنيسة ماثلة أمام الناظرَين، والتي لا حاجة لتكرارها، فإنّ آباء السينودوس مدعوّون إلى اقتراح توصيات خاصّة ترمي إلى التعمّق في الشراكة الكنسيّة، وإعادة إحياء الشهادة المسيحيّة في الشرق الأوسط من أجل خير الكنيسة الكاثوليكيّة.

9) ومن  أجل الشراكة بين أغلبّية آباء السينودس، ستجدون الحلقات الصغيرة مكتوبةً في ثلاث لغات: العربّية، الفرنسيّة، والإنكليزيّة. وسوف تحصلون قريبًا على لائحة كلٍّ من هذه الحلقات، المؤلّفة إجمالاً من توجيهاتكم بحسب اللغة التي تتقنونها. يمكن فقط تبديل الحلقة الصغيرة لسبب وجيه، وبموافقة الأمانة العامّة.

10) لتسهيل العمل، سوف تعتمد هيئة السينودس على استعمال الوسائل الإلكترونيّة. في الدليل المرافق توجد لديكم المعلومات الكافية لطريقة استعماله. وعند الحاجة، بإمكان الآباء أن يساعد الواحد الآخَر، خصوصًا في مستهلّ الأعمال، فيدلّ الواحدُ جارَه على كيفيّة استخدام هذه الوسائل. في كلّ الأحوال، يوجد في القاعة تقنيّون، بإمكانهم المساعدة أيضًا. من المهمّ أيضًا أن يحترم كلٌّ من آباء المجمع مكانه الذي أُعطيَ له بحسب الأولويّة، كون كلّ مقعد هو موصول برقمٍ معيّن في نظام التصويت الإلكترونيّ. من بين أمور عدّة، سوف تتمّ مراقبة الحضور يوميًّا من خلال النظام الإلكترونيّ. ثمّ إنّه ستكون هناك انتخابات واقتراعات مختلفة بواسطة الجهاز الموضوع بتصرّفكم.

11) إنّ وجود بعض الإخوة المندوبين، ممثّليّ الكنائس الأخرى والجماعات الكنسيّة، باتت خطوة مرحّبًّا بها. إنّ مشاركتهم هي معبِّرة بشكل خاصّ في هذه الجمعيّة السينودسيّة، مع الأخذ بعين الاعتبار حضورهم في الأراضيّ المقدّسة والشرق الأوسط. بإمكانهم أن يتوجّهوا بالكلام إلى الجمعيّة، وان يشاركوا في أعمال الحلقات الصغرى. إنّ المسيحييّن من أيّ مكانٍ أتوا، وبالأخصّ من أرض يسوع، هم مدعوّون للمضيّ صوب الوحدة التامّة بين جميع الذين يؤمنون بالربّ يسوع، والذين نالوا عطيّة الروح القدس ليمجّدوا بأقوالهم وخاصّةً بحياتهم أبانا الذي في السماوات.

12) ينتظر حضور ثلاث مدعوّين خاصّين خلال ورشة العمل في السينودس، عنيتُ بهم: الرابّي دافيد روزن، مدير قسم شؤون ما بين الأديان للجنة اليهوديّة الأميركيّة، والسادة: محمّد السمّاك، المستشار السياسيّ لمفتي الجمهوريّة اللبنانيّة، عن المسلمين السنّة، وآية الله د. سيّد مصطفى مُحاجغ أحمدأبادي، أستاذ في كلّية الحقوق في جامعة شهيد بهشتي في طهران، وهو عضوٌ في أكّاديمّيّة فرع العلوم الإيرانيّة، عن المسلمين الشيعة. نحن سعداء لأنّ المدعوّين الثلاث قد قبلوا دعوة الأب الأقدس للمشاركة في هذه الجمعيّة. وبطريقة رمزيّة، يدلّ ذلك على رغبة الكنيسة الكاثوليكيّة في إكمال الحوار مع الدين اليهوديّ، بحيث يوجد قاسم مشترك في كتب العهد القديم. إضافةً إلى ذلك، يمثّل وجود هؤلاء السادة المسلمين إرادة إكمال مسيرة الحوار الحيويّ مع المجتمع الإسلاميّ الذي هو لخير أبنائه في الأديان الخاصّة، كما هو الحال مع أبناء الشرق الأوسط والعالم أجمع.

 

سادسًا - خاتمة   

"إذهبوا إلى العالم كلّه وأعلنوا البشارة إلى الناس أجمعين" (مر 16: 15). هذه هي الكلمات التي قالها الربّ يسوع القائم من بين الأموات قبل صعوده إلى السماء وجلوسه عن يمين الآب (راجع مر 16: 19). لقد طمأن المعلّم تلاميذه قائلاً لهم: "ها أنا معكم طوال الأيّام، إلى انقضاء الدهر" (مت 28: 20). بعد ذلك، أكمل الربّ مرافقته لانتشار الإنجيل الذي بدأ من الأرض المقدّسة وانتشر في العالم أجمع"؛ وأمّا التلاميذ، فذهبوا يبشّرون في كلّ مكان، والربّ يعينهم ويؤيّد كلامهم بما يسانده من الآيات" (مر 16: 20). يتطلّب إعلان البشرى السارّة بُعْدَيْن أساسيَّيْن: الشركة والشهادة. وهذان البعدان كلاهما من طبيعة الحياة المسيحيّة منذ بدء تكوينها. لقد اختار الربّ يسوع اثني عشر رسولاً (راجع مت 10: 1-4؛ مر 13: 13-19؛ لو 6: 13-16)، جاعلاً منهم نواة الكنيسة. بعد ذلك، اختار الربّ يسوع "اثنين وسبعين رسولاً، وأرسلهم اثنيْن اثنيْن يتقدّمونه إلى كلّ مدينة أو موضعٍ عزم أن يذهب إليه" (لو 10: 1). وبين رسله أيضًا، الذين كانوا يزدادون عددًا أكثر فأكثر، كان يرافقه بعض النساء اللواتي شفاهُنَّ من الأرواح الشرّيرة والأمراض... كنَّ يساعدونهم بأموالهنَّ" (لو 8: 2-3). بالرغم من تنوّع الدعوات والواجبات المطلوبة، كانوا جميعهم ملتزمين في عيش الحياة المسيحيّة المثاليّة: "وكان جماعة المؤمنين قلبًا واحدًا وروحًا واحدةً" (أع 4: 32). من جهةٍ أخرى، قبل صعوده إلى السماء، قال الربّ لتلاميذه: "لكنّ الروح القدس يحلّ عليكم ويهبكم القوّة، وتكونون لي شهودًا في أورشليم واليهوديّة كلّها والسامرة، حتّى أقاصيّ الأرض" (أع 1: 8).

إنّ كلمة الربّ يسوع ما زالت فاعلة. يكفي تذكّر أعمال الرسل في العالم، وشهادتهم حتّى الاستشهاد على مثال الجماعة المسيحيّة الأولى، بحسب المثال الإنجيليّ، "في قلبٍ واحدٍ وروحٍ واحدة" (أع 4: 32). ولأنّنا موجودون في روما، يتوجّب علينا أن نستحضر بامتنان مَثَلَ القدّيسَين بطرس وبولس اللذين تركَا أرضهما، وحملاَ الإنجيل إلى قلب الإمبراطوريّة الرومانيّة، وقد أنهيَا رسالتهم بالإستشهاد، وهو التعبير الأسمى للشهادة المسيحيّة. منذ ذلك الوقت، تعيش الجماعة المسيحيّة بازدهار، على رأسها الأسقف نفسه الذي، وبالعناية الإلهيّة، يرأس بالمحبّة كلّ الكنيسة. إنّ خليفة الرسول بطرس الـ264، الذي هو أيضًا الإرث الرسوليّ لبولس، عنيتُ به البابا بنديكتوس السادس عشر، قد استقبل إخوته من الأرض المقدّسة، الذين وجدوا أنفسهم في روما في الجمعيّة الخاصّة، ليبسطوا شخصيًّا أمامه وضع الكنيسة الكاثوليكيّة في الشرق الأوسط، من أجل تعميق حسّ الشراكة الكاثوليكيّة، جاعلين بعْدها المسكونيّ حاضرًا أمامهم، ولإحياء الشهادة المسيحيّة. ليس هناك من شكّ في أنّه، تحت الرئاسة الحكيمة للأب الأقدس بنديكتوس السادس عشر، ستتحقّق اقتراحات كهذه. في الوقت نفسه، إنّ آباء السينودس في الشرق الأوسط هم ممتنّون للأب الأقدس لدعمه الثابت، الذي تعبّر عنه بامتياز هذه الجمعيّة السينودسيّة، ولعمله المثابر من أجل التفتيش عن حلول عادلة ودائمة لمشاكل المنطقة الجسيمة، خاصّةً من أجل إحلال السلام والعدالة. وإنّهم أيضًا ممتنّون للحبر الأعظم لأنّه، بالموهبة البطرسيّة سيساعد أساقفة الشرق الأوسط على أن يصلوا إلى هدف هذه الجمعيّة السينودسيّة. ويُرجَى، لدى عودة رعاة الكنائس الشرقيّة الكاثوليكيّة الكرام من روما، كما أيضًا رعاة الكنيسة ذات التقليد اللاتينيّ، عند انتهاء هذه الجمعيّة السينودسيّة، أن يستطيع هؤلاء الرعاة أن يمجّدوا الله على روح تجديد الشراكة ومن أجل زخم الشهادة المسيحيّة، ضمن الأوساط حيث يعيشون، ومع مَن يتواصلون، ليس فقط مع المسيحيّين، ولكن أيضًا مع أعضاء طوائف الأديان الأخرى، خاصّةً مع اليهود والمسلمين.

لكي تتحقّق هذه الرغبة، نطلب شفاعة جميع قدّيسيّ المنطقة، بنوعٍ خاصّ الشهداء الكثر في الأرض المقدّسة، وخاصّةً شفاعة القدّيسة العذراء مريم، والدة الإله يسوع وأمّ الكنيسة؛ فهي التي لن تتوانى عن السهر على الكنيسة الكاثوليكيّة في الأرض حيث عاشت وساهمت في تحقيق السرّ السامي، سرّ التجسّد وفداء الإنسان والإنسانيّة. هي تدعونا قائلةً: "إعملوا ما يأمركم به" (يو 2: 5)، وتشجّعنا على أن نثق، لا بقوّتنا وأعمالنا فحسب، بل بهذا الوعد القائل: "لا تخف، أيّها القطيع الصغير، فأبوكم السماويّ شاء أن يُنعم عليكم بالملكوت" (لو 12: 32).

أشكر لكم إصغاءكم. نعمة الروح القدس ترافقكم في عملكم  في السينودس.

 

 

ملاحظات

 

[1] "تنظيم جلسات قارّيّة  للسينودس إعدادًا للألفيّة الثالثة "، الأوسّرفاتوري رومانو 16-17 كانون الثاني/يناير 1995 ، ص 4.

[2] بنديكتوس السادس عشر، خطاب في نيقوسيا خلال تسليم أداة عمل السينودوس للشرق الأوسط، الأوسّرفاتوري رومانو 7-8 حزيران/يونيو 2010 ، ص 9.

[3] المرجع نفسه، ص 9.

[4] المرجع نفسه، ص 9.

[5] Cf. Calendario Atlante De Agostini 2010, Istituto Geografico De Agostini, Pioltello (MI) 2009, p. 678.

[6] بنديكتوس السادس عشر، خطاب في نيقوسيا خلال تسليم أداة عمل سينودوس منطقة الشرق الأوسط، الأوسرفاتوري رومانو، 7-8 حزيران/يونيو 2010 ، ص 9.

[7] المعطيات الإحصائيّة هي مأخوذة من دليل الكنيسة الإحصائيّ 2008، حاضرة الفاتيكان 2010، ص 281 و285-287.

) Annuarium Statisticum Ecclesiae 2008, Città del Vaticano 2010, p. 281 e 285-287(.

[8] بندكتوس السادس عشر، إلى البطاركة ورؤساء الأساقفة الكبار الشرقيّين، أعمال الكرسيّ الرسوليّ 101 (2009) 858.

[9] المرجع نفسه، ص 858.

[10] حتّى ولو كانت الخطوط العريضة قد أُرسِلت إلى الدوائر الستّة والعشرين، وصلت الإجابات من تلك التي تتابع بالأكثر الأوضاع الكنسيّة في الشرق الأوسط والتي يشارك رؤساؤها في جمعيّة السينودس.

[11] راجع الأوسرفاتوري رومانو، 25 نيسان/ أبريل 2010، ص 1.

 

 

 








All the contents on this site are copyrighted ©.