2010-05-04 15:09:03

لماذا يتعرض البابا للهجوم؟ أسقف بيللي آرس يتحدث عن الحملة الإعلامية ضد البابا بندكتس الـ16


ننشر أدناه المقال الافتتاحي بعنوان "فلنستدرجه إلى الفخ" الذي نشر على الموقع الإلكتروني لأبرشية بيللي آرس في فرنسا بقلم أسقفها المطران غي بانيار الذي يؤكد بأن "تأثير الرجل يقاس بنفوذ القوى التي يثيرها ضده"، متفاجئا "بالحماسة التبشيرية" لدى أولئك الذين يتربّصون "بكل كلمة تصدر عن بابا روما".

* * *

كانت كتبه قد وضعت في الكراتين والحقائب معبأة تقريبا، وكان يستعد للذهاب إلى البلد والأماكن التي كان قد عمل فيها قبل أن يستدعيه البابا يوحنا بولس الثاني إلى مجمع عقيدة الإيمان في عام 1981. كان سيعود إلى دراساته بسعادة.

وحدث ما لا يمكن تصوره! لقد تم اختياره من قبل أقرانه ليكون خلفا لصديقه الكبير يوحنا بولس الثاني على كرسي بطرس. كيف يمكن ترجمة هذا الحدث؟ أهو تتويج لمهنة رائعة أوصلته إلى القمة؟ أو هبوط إلى الجحيم؟

في الأيام التي سبقت الاجتماع السري، انتشر رسم كاريكاتوري بين الناس. وكان عبارة عن كرادلة يتقدمون في رتل هندي ويحملون في أيديهم الحذاء الذي ينتعلونه في القدم اليمنى. كان الجميع يحاولون قياس حذاء ضخم موضوع أمام الموقد. وكان من البديهي أن أقدام الكرادلة الصغيرة ستبدو في منتهى الصغر في الحذاء الضخم للعملاق الذي قد اختفى. لقد بدوا كالأقزام بجانب الحذاء! بدا القلق ظاهرا على وجوههم بسبب اضطرارهم إلى إظهار مقاسات الحذاء غير المتناسبة أمام الجميع.

عند الاستماع إلى الكلمات الأولى لهذا المنتخب حديثا، يظهر هذا الشعور بالضعف من خلال صوته وحركاته غير الواثقة. على الشرفة حيث كان يقف وبعد انتخابه، لم يلقِ سوى جملتين: "لقد انتخبني السادة الكرادلة، أنا العامل البسيط المتواضع في كرم الرب. ليشجعني بأن اعرف أن الرب يعرف أن يعمل ويتصرف على حد سوي بواسطة أدوات غير ملائمة" (19 نيسان  أبريل 2005، يوم انتخابه). في 24 نيسان أبريل، وبعد بضعة أيام، أضاف: "صلوا من أجلي كي أتعلم أن أحب الرب دائما. صلوا من أجلي كي لا ألوذ بالفرار خوفا من الذئاب". 

ولم يطل الأمر بالذئاب حتى تكلمت. وظهر أول خبر مثير: في سن الثالثة عشرة، التحق بمنظمة شباب هتلر: ألم يكن من المتخفّين النازيين؟ ومع قضية بيوس الثاني عشر، أصبح من مؤيدي هتلر في السر. وفي ريغنسبورغ في عام 2006، أصبح معاديا معروفا للإسلام على استعداد للبدء بالحروب الدينية. مع أخوية القديس بيوس العاشر، أصبح معارضا قويا للمجمع الفاتيكاني الثاني. ومع ويليامسون، أصبح منكرا للمحرقة ولوجود معسكرات الموت ويقوم بتعزيز صفوف منكري الهولوكوست! في البرازيل، بدا أنه يظهر وجها لكنيسة لا هوادة فيها، لا ترحم، واعظة وخالية من الرحمة. في أفريقيا، أصبح خائنا لقضية مرضى الإيدز. وكشفت هذه الأسابيع الأخيرة عن تواطؤاته العديدة مع الاستغلال الجنسي للأطفال. وماذا لو كان هو نفسه يميل جنسيا إلى الأطفال؟

وهذا كثير بالنسبة لرجل واحد! ولكن من المستحيل الشك في هذا الأمر لأنه "مكتوب في الصحف" وعلى "شاشة التلفزيون". واليوم أصبح موجودا "على شبكة الانترنت". لقد أضحت الحاجة ملحة إلى إسكاته!

وفي هذه المناسبة، من المفيد قراءة مقطع من سفر الحكمة: "ولنكمن للصدّيق فإنه ثقيل علينا يقاوم أعمالنا ويقرّعنا على مخالفتنا للناموس ويفضح ذنوب سيرتنا. و قد صار لنا عذولا حتى على أفكارنا، بل منظره ثقيل علينا لأن سيرته تخالف سيرة الناس وسبله تباين سبلهم" (سفر الحكمة 2، 10-13).

إنه حقا رصد لكل كلمة تصدر عن البابا ومراقبة كل حركة من حركاته وانتظار كل فاصلة أو توكيد لتغيير بنية خطابه. إن أولئك المستبصرون أو الراؤون، الذين هم من بين العديد من المخبرين، يعتبرون أن لديهم الحق في التعبير عن أفكاره الحقيقية وتقديمها إلى العالم بمصداقية مطلقة.

من أين تأتي هذه الحماسة التبشيرية؟ أمن خوف السامعين الذي قد يتعارض مع خوف الآخرين! علينا أن نقيس في الواقع تأثير الرجل بنفوذ القوى التي يثيرها ضده. فلا نحاول إسكات هؤلاء الذين ليس لديهم ما يقولونه، بل على العكس من ذلك، فإننا نتركهم يتكلمون، مما يسمح للناس في الظل بالعمل بهدوء من أجل صياغة العقول المخدرة بشكل يناسبهم!

وعن طريق شخص البابا خاصة، يتم استهداف الكنيسة جمعاء. ويتم تشويه سمعة الأساقفة والكهنة والشمامسة والرهبان وجميع الكاثوليك. لذلك، يجب عليهم تلبية الدعوة الضمنية لمغادرة "الأماكن السيئة" وتعزيز صفوف كل الشرفاء... صفوف الرجال النزهاء!

يتم استهداف الكهنة الكاثوليك بشكل خاص بسبب الاعتقاد بأنهم غير سعداء في الحياة التي اختاروها عن عدم معرفة. لو كانوا متزوجين، لكانوا سعداء ونابضين بالحياة ومتوازنين، وخصوصا في هذه الأوقات حيث يكون حفل الزفاف مجرد إجراء شكلي دون محتوى! عندما يصبحون رجالا عاديين، فإنهم يصبحون أقرب إلى العالم!

في هذه الإنسانية التي تنظم نفسها من دون الله، يأتي كلام البابا الذي قال ذات مرة: "من لا يعطي الله، يعطي دائما قليلا جدا!" وأيضا: "إن العالم يريد أن يرى لدى المسيحيين ما لا يجده في أي مكان آخر" ليخالف هذه الادعاءات.  

 

(تعريب دوللي شبير- لبنان)








All the contents on this site are copyrighted ©.