2010-04-05 12:00:00

محطة تأملية في اثنين الفصح والقيامة


فتركتا القبر مسرعتين وهما في خوف وفرح عظيم، وبادرتا إلى التلاميذ تحملان البشرى. وإذا يسوع قد جاء للقائهما فقال لهما: "السلام عليكما!" فتقدمتا وأمسكتا قدميه ساجدتين له. فقال لهما يسوع: "لا تخافا! اذهبا فقولا لإخوتي يمضوا إلى الجليل، فهناك يرونني". وبينما هما ذاهبتان جاء بعض رجال الحرس إلى المدينة، وأخبروا الأحبار بكل ما حدث. فاجتمعوا هم والشيوخ، وبعدما تشاوروا رشوا الجنود بمال كثير، وقالوا لهم: "قولوا إن تلاميذه جاؤوا ليلا فسرقوه ونحن نائمون. وإذا بلغ الخبر إلى الحاكم، أرضيناه ودفعنا الأذى عنكم". فأخذوا المال وفعلوا كما لقنوهم، فانتشرت هذه الرواية بين اليهود إلى اليوم. (متى 28/8-15)

 

قراءة من القديس غريغوريوس النيصي

 

اليوم قام المسيح الإله ناجيا من الألم والموت. إنه لم يكن مضطرا إلى التألم ولم يجبر على النزول إلى الأرض ولم تكن قيامته على غير انتظار منه، كأنها نعمة غير مرتقبة. لقد كان يعرف نهاية كل شيء. وعندما شرع بتحقيق عزمه، كان يعرف بعين الألوهية ما كان ينتظره من مصير.

قبل أن ينزل من السماء، كان المسيح يرى بلبلة الأمم وقساوة إسرائيل، وبيلاطس جالسا على كرسي الحكم وقيافا ممزقا أثوابه، وغضب الشعب الثائر وخيانة يهوذا ودفاع بطرس عنه، ثم بعد قليل هو نفسَه متحولا بقيامته إلى مجد الخلود. كان المستقبل واضحا أمامه، لم يرجئ جميله نحو الإنسان ولم يماطل في التنفيذ.

كمن يرى إنسانا ضعيفا يجره السيل، ومع علمه بما سيتعرض له هو أيضا من ارتطام في الوحل واصطدام بالحجارة التي يجرفها الموج، لا يتردد في أن يلقي بنفسه في الماء، شفقة على المتعرض للخطر. هكذا تحمل ربنا بحلمه وملء إرادته العنف والإهانات لكي ينقذ الإنسان ضحية الخداع.

لقد نزل المسيح إلى هذا العالم لأنه كان يعرف سابقا أنه سيصعد منه ممجدا. ورضي بأن يموت لأجل الإنسانية لأنه كان أمينا من قيامته. لم يجازف مغامرا كأي إنسان، تاركا للأقدار أمر العاقبة، بل بصفته إلها، نظم المستقبل الذي كان يعرف عاقبته، وقد قرره بنفسه.








All the contents on this site are copyrighted ©.