2009-12-09 13:18:59

البابا يزور ساحة إسبانيا بروما لمناسبة الاحتفال بعيد العذراء مريم سلطانة الحبل بلا دنس


احتفالا بعيد العذراء مريم سلطانة الحبل بلا دنس توجه البابا بندكتس السادس عشر عصر أمس الثلاثاء وكعادة الأحبار الأعظمين إلى ساحة إسبانيا بروما حيث يرتفع تمثال للعذراء أُقيم تخليدا لذكرى عقيدة الحبل بلا دنس. وألقى الحبر الأعظم كلمة للمناسبة تحدث فيها عن حضور مريم العذب والمُطمْئِن في المدن المسيحية والتي تهب السلام والرجاء للبشر في أفراحهم وأتراحهم. ولا تخلو المدن المسيحية من التماثيل واللوحات التي تذكّر المؤمنين بحضور والدة الله فيما بينهم.

في روما رُفع تمثال العذراء على هذا العامود وكأن مريم تُبقي عينا ساهرة على المدينة كلها. لكن ماذا تقول مريم العذراء لهذه المدينة؟ إنها تذكر المؤمنين بأنه "حيث كثرت الخطيئة فاضت النعمة" كما يقول القديس بولس الرسول (روما 5، 20). إنها سلطانة الحبل بلا دنس التي تقول لأبناء زمننا: لا تخافوا، لقد انتصر يسوع على الشر، استأصله من جذوره وحرّرنا من سيطرة الشرير.

كم نحن بحاجة اليوم إلى هذا النبأ السار ـ مضى البابا إلى القول ـ ففي كل يوم نستعرض الشر من خلال وسائل الإعلام، ونعتاد على هذه الأنباء الفظيعة ويبدو أننا أصبحنا غير مبالين بها. القلب يصبح قاسيا. ولهذا السبب تحتاج المدينة إلى مريم العذراء، التي تحدثنا عن الله، تذكّرنا بانتصار النعمة على الخطيئة وتبعث في قلبنا الرجاء حتى في أحلك مراحل وجودنا. في المدينة يعيش أشخاص غير مرئيين، قد يظهرون فجأة على شاشات التلفزة وفي وسائل الإعلام الأخرى، ويتم استغلالهم طالما استقطبت الأنباء والصور اهتمام الجمهور. وكأن المدينة "تخبّئ" هؤلاء الأشخاص لتعرضهم بعد ذلك على الرأي العام، بدون أي شفقة.

أيها الأخوة والأخوات، المدينة هي نحن، وكل واحد منا يساهم في نمو الخير والشر فيها، وكل فرد منا مدعو إلى النظر في أعماق كيانه والسعي إلى تحسين ذاته. وغالبا ما نتذمّر من تلوث الهواء في بعض أحياء المدينة وهذا ما يتطلب التزاما من قبل الجميع بغية الحفاظ على البيئة والنظافة. لكن ثمة نوع آخر من التلوث لا يقل خطرا عن تلوث الهواء، ألا وهو التلوث الروحي، الذي يسرق منا الابتسامة، ويحملنا على الانطواء على أنفسنا فننظر إلى ما يحيط بنا بطريقة سطحية ويصبح الأشخاص مجرد أجسام خالية من الروح، يصبحون أشياء وسلعا معرضة للاستهلاك والاستغلال.

بعدها سأل البابا العذراء مريم أن تساعدنا على إعادة اكتشاف الأشخاص والدفاع عنهم، لأنها مثال لشفافية الروح، لأنها الطهارة بعينها إذ تلاحمت روحها وجسدها ليتجاوبا مع مشيئة الله. مريم العذراء تساعدنا على الانفتاح على عمل الله للنظر إلى الآخرين كما ينظر إليهم هو أي انطلاقا من القلب، وبعين الرأفة والمحبة والحنان، خصوصا الأشخاص المهمشين والمنبوذين والمستغَلين، لأنه "حيث كثرت الخطيئة فاضت النعمة".

بعدها وجه الأب الأقدس كلمة شكر حارة إلى جميع الأشخاص الملتزمين في تطبيق هذه القيم الإنجيلية، قولا وفعلا. وقال إنهم أشخاص كثر في روما يعملون بصمت بعيدا عن الأضواء، مشيرا إلى أن مواجهة الشر بالخير قادرة وحدها على تغيير القلوب وتحسين المجتمع، فتصبح المدينة أكثر جمالا، مسيحيةً وإنسانية.








All the contents on this site are copyrighted ©.