2009-11-21 14:12:26

لقاء البابا مع الفنانين في كابلة السكستين بالفاتيكان


التقى قداسة البابا بندكتس السادس عشر صباح السبت في كابلة السكستين بالفاتيكان الفنانين برفقة رئيس الأساقفة جان فرانكو رافازي رئيس المجلس البابوي للثقافة. دعا الحبر الأعظم فناني العالم كله إلى تبادل الأفكار والتعمق في ينبوع الجمال والحوار مع المؤمنين لأن الإيمان لا ينتقص من عبقرية الفنان لا بل يزيد من رونق أعماله ويُغذيها.

مئتان وستون فنانا من مختلف المجالات من قطاع الرسم والهندسة المعمارية إلى الموسيقى والرقص والمسرح والسينما تجمعوا في كابلة السكستين حول البابا الذي وجه لهم نداء ودّيا استوحاه من نداء البابا بولس السادس إلى الفنانين في كابلة السكستين أيضا عام 1964 ومن رسالة البابا يوحنا بولس الثاني لعام 1999 وقال إنكم حماة الجمال إذ لديكم بفضل مواهبكم إمكانية مخاطبة قلب الإنسانية ولمس مشاعر الأفراد والجماعات وإثارة أحلام وآمال وتوسيع آفاق لمعرفة والالتزام البشري.

مضى البابا إلى القول كونوا ممتنّين لهذه المواهب وواعين لمسؤولية نقل الجمال! كونوا من خلال فنّكم شهودا للرجاء للإنسانية. شمل نداء البابا فنانين مؤمنين وغير مؤمنين إذ قال أنتم رواد هذا اللقاء حتى ولو كنتم من بلدان وثقافات وديانات مختلفة بعيدين عن الخبرات الدينية لكنكم ترغبون في الحفاظ على اتصال حي مع الكنيسة الكاثوليكية وتحاشي تضييق آفاق الوجود المادي الصرف. وبما أنكم تمثلّون عالم الفنون المتنوع أريد من خلالكم إيصال صوتي إلى جميع الفنانين.

نبّه بندكتس السادس عشر من مخاطر بروباغاندا الجمال الوهمية والسطحية والخاطئة إلى حد تضليل الإنسان بدل مساعدته على الخروج من ذاته والانفتاح على آفاق الحرية. إن الجمال الأصيل قال البابا يفتح قلب الإنسان على الحنين والرغبة في المعرفة والمحبة والسير نحو المتسامي. وإذا قبلنا بأن يلج الجمال قلوبنا بعمق ويفتح أعيننا عندئذ بإمكاننا أن نصل إلى الكمال والسعادة والشوق والالتزام اليومي.

إن أعمال الفنان مايكل أنجلو في هذه الكابلة وخصوصا يوم الدينونة يُذكّر بخطر سقوط الإنسان نهائيا حين ينصاع لقوى الشر وبأن تاريخ الإنسانية حركةٌ متصاعدة نحو الكمال والسعادة الأبدية وبالأحرى نحو أفق يتخطى الحاضر. إن هذا العمل الفني في أبعاده المأسوية يطرح أمامنا خطر سقوط الإنسان. تهديد يخيّم على الإنسانية عندما تنجرّ وراء قوى الشر.

من هنا أن هذا العمل الفني يُطلق صرخة قوية ضد الشر وضد أي شكل من أشكال الظلم. لكنّ المسيح القائم من بين الأموات هو بالنسبة للمسيحيين الطريق والحق والحياة. مايكل أنجلو يطرح أمامنا رؤية البداية والنهاية ويدعونا إلى عيش حياتنا بفرح وشجاعة ورجاء.

إن الظواهر السلبية الاجتماعية والاقتصادية التي يتخبط فيها عالمنا اليوم تجد مبررا لها أيضا في تقلص الرجاء وغياب الثقة بالعلاقات الإنسانية ما يعني ازدياد علامات الاستسلام والعدوان واليأس. عالمنا اليوم يجازف بتغيير ملامحه بدافع عمل الإنسان غير الحكيم في غالب الأحيان إذ إنه بدل أن يروي نبتة الجمال يستغل بدون أي وعي موارد الكوكب.

يطيب لي في ختام كلمتي أضاف البابا يقول أن أُذكّر بكلمات دوستويفسكي التي قد تبدو متضاربة لكنها تحملنا على التفكير: "بإمكان الإنسانية أن تعيش بدون العلم وبدون خبز لكنها عاجزة عن العيش بدون الجمال".








All the contents on this site are copyrighted ©.