2009-10-25 16:16:32

البابا يترأس القداس الإلهي مختتما السينودس الخاص بأساقفة أفريقيا: قومي أيتها القارة الأفريقية. الكنيسة الكاثوليكية كلها قريبة منك بالصلاة والتضامن


ترأس البابا بندكتس السادس عشر صباح اليوم الأحد في البازيليك الفاتيكانية الاحتفال بالذبيحة الإلهية مختتما السينودس الخاص بأساقفة القارة الأفريقية، وقد تمحور حول موضوع "الكنيسة في أفريقيا في خدمة المصالحة والعدالة والسلام. أنتم ملح الأرض. أنتم نور العالم". وفي عظته أمام آباء السينودس والكرادلة والأساقفة والكهنة والرهبان والراهبات وحشد غفير من المؤمنين، قال البابا إن مخطط الله لا يتبدل، وعلى مر العصور يشير دوما للهدف نفسه: ملكوت الحرية والسلام للجميع. نفكّر على وجه الخصوص بالأخوة والأخوات في أفريقيا الذين يعانون من الفقر والأمراض والمظالم والحروب والعنف والهجرات القسرية، وقال إنهم كأعمى أريحا برطيماوس "الذي كان جالسا على جانب الطريق" (مرقس 10،46)، حيث مر يسوع الناصري... الله هو النور وخالق النور ـ أضاف الأب الأقدس ـ والإنسان هو ابن النور، خلق لرؤية النور، لكنه فقد البصر ووجد نفسه مضطرا للاستعطاء، وقد مر الرب من جانبه وسأله "ما حاجتك إلي؟" الرب يعلم ولكنه يسأل، لأنه يريد من الإنسان أن يتكلم. يريد الآب أن يسمع من صوت الابن الإرادة الحرة لرؤية النور من جديد، النور الذي خلق من أجله. "رابوني، أن أبصر!" قال الأعمى، فقال له يسوع "اذهب! أبرأك إيمانك" فأبصر من وقته وتبعه في سيره".

تابع البابا قائلا: نرفع الشكر لأن هذا "اللقاء بين فقرنا وعظمة" الله قد تحقق أيضا في سينودس أساقفة أفريقيا الذي يختتم اليوم. لقد جدد الله دعوته "تشدد وقم!" (مرقس 10،49)، كما أن الكنيسة في أفريقيا، ومن خلال رعاتها الذين قدموا من جميع بلدان القارة، قبلت رسالة الرجاء والنور للسير على الطريق الذي يقود لملكوت الله. وأضاف الأب الأقدس أن الإيمان بيسوع المسيح ـ وعندما يُفهم ويمارس جيدا ـ يرشد البشر والشعوب إلى الحرية في الحقيقة، أو إلى المصالحة والعدالة والسلام وهي الكلمات الثلاث التي شكلت موضوع السينودس. فبرطيماوس الذي شُفي تبع يسوع على الطريق وأصبح بدوره شاهدا للنور. وهذه هي الكنيسة في العالم: جماعات أشخاص متصالحين وفعلة عدالة وسلام؛ "ملح ونور" وسط مجتمع البشر والأمم. ولهذا ـ تابع البابا ـ ذكّر السينودس بقوة بأن الكنيسة هي عائلة الله حيث لا يمكن أن تكون هناك انقسامات على أساس اتني، لغوي أم ثقافي. فالشهادات المؤثرة قد أظهرت، وحتى في اللحظات الأشد سوادا في التاريخ البشري، أن الروح القدس يعمل ويحوّل قلوب الضحايا والمضطهِدين ليعترفوا أنهم أخوة. الكنيسة المتصالحة خميرة قوية للمصالحة في البلدان وفي القارة الأفريقية كلها.

هذا وأشار الأب الأقدس في عظته إلى أن الجماعة الكنسية مدعوة ـ وعلى خطى معلمها وربها ـ للسير على طريق الخدمة ومقاسمة أوضاع رجال ونساء زماننا، لتشهد أمام الجميع على محبة الله فتزرع الرجاء، كما وذكّر أيضا بالرسالة العامة "ترقي الشعوب"، وأشار إلى أن ما قاله خادم الله بولس السادس حققه المرسلون ويواصلون تحقيقه عبر تعزيز نمو يحترم الثقافات المحلية والبيئة، ووفق منطق يبدو اليوم، وبعد مضي أكثر من أربعين سنة، الوحيد القادر على إخراج الشعوب الأفريقية من عبودية الجوع والأمراض. ويعني ذلك عيش الإنجيل وترجمته بمشاريع ملموسة على أساس مبدأ المحبة وقال البابا إن الجمعية الثانية الخاصة بأساقفة أفريقيا أكدت ما قاله سلفي يوحنا بولس الثاني وما قلته في رسالتي العامة الأخيرة "المحبة في الحقيقة" حول ضرورة تجديد نموذج النمو العالمي ليشمل جميع الشعوب.

أضاف بندكتس السادس عشر يقول: تشدد، قم! هكذا يتوجه اليوم رب الحياة والرجاء إلى الكنيسة والشعوب الأفريقية في ختام أعمال السينودس. قومي يا كنيسة أفريقيا، عائلة الله، لأن الآب السماوي يدعوك. باشري بمسيرة بشارة جديدة مع الشجاعة التي تأتي من الروح القدس. فعمل البشارة الملح يتضمن أيضا نداء ملحا من أجل المصالحة، الشرط الرئيس لإقامة علاقات عدالة بين البشر في أفريقيا ولبناء سلام عادل ودائم في احترام كل فرد وكل شعب؛ سلام ينفتح على إسهام جميع البشر ذوي الإرادة الطيبة بصرف النظر عن انتماءاتهم الدينية، الإتنية، اللغوية، الثقافية والاجتماعية. وأكد البابا أن الكنيسة في أفريقيا في الألف الثالث ليست وحدها. فالكنيسة الكاثوليكية كلها قريبة منها بالصلاة والتضامن، ويرافقها من السماء أيضا القديسون والقديسات الأفارقة الذين شهدوا بأمانة تامة للمسيح.

تشجعي وقومي أيتها القارة الأفريقية، الأرض التي استقبلت مخلص العالم عندما لجأ طفلا مع مريم ويوسف إلى مصر للنجاة من اضطهاد هيرودس الملك. استقبلي بفرح متجدد إعلان الإنجيل. وفي ما تقدم خبز الكلمة والافخارستيا تلتزم الكنيسة أيضا بالعمل، وبكل وسيلة متاحة، كي لا يحرم أي أفريقي من الخبز اليومي. وختم البابا بندكتس السادس عشر عظته قائلا: في ختامي تأملاتي هذه، أرغب بتوجيه تحية قلبية لآباء السينودس: أشكركم على مشاركتكم الفعالة وأطلب إليكم نقل بركاتي لجماعاتكم وأضاف: انقلوا لهم جميعا النداء الملح من أجل المصالحة والعدالة والسلام. تحية شكر أيضا وجهها الأب الأقدس لأمين عام سينودس الأساقفة وجميع معاونيه سائلا مريم العذراء أن تساعد كنيسة أفريقيا على النمو في كل بقعة من بقاع القارة ناشرة "ملح" و"نور" الإنجيل.

البابا يعلن تسليم وثيقة عمل السينودس الخاص بالشرق الأوسط خلال زيارته قبرص عام 2010

في ختام القداس الإلهي المهيب في بازيليك القديس بطرس مختتما السينودس الخاص بأساقفة القارة الأفريقية، تلا البابا بندكتس السادس عشر صلاة التبشير الملائكي من على رتاج البازيليك الفاتيكانية، وألقى كلمة قال فيها إن آباء السينودس الذي قدموا من جميع بلدان القارة الأفريقية قدموا غنى واقع الكنائس المحلية وتقاسمنا معهم أفراحهم حول نشاط الجماعات المسيحية التي تنمو بالعدد والنوعية. ونرفع الشكر لله على الاندفاع الرسولي الذي وجد أرضا خصبة في أبرشيات عديدة ويبان في إيفاد مرسلين إلى باقي البلدان الأفريقية والقارات الأخرى.

هذا وأشار الأب الأقدس إلى أهمية العائلة التي تشكل أيضا في أفريقيا الخلية الرئيسة للمجتمع، والتي تجد نفسها اليوم مهددة بتيارات إيديولوجية قادمة أيضا من الخارج. وما القول عن شباب معرضين لهذا النوع من الضغوط ومتأثرين بنماذج فكر وسلوك تتعارض والقيم الإنسانية والمسيحية للشعوب الأفريقية؟ ذكّر الأب الأقدس بأن السينودس تطرق للمشاكل الحالية في أفريقيا وحاجتها الكبيرة للمصالحة والعدالة والسلام. ولهذا بالذات، تجاوب الكنيسة مقترحة من جديد، وباندفاع متجدد، إعلان الإنجيل والرقي الإنساني.

ذكّر البابا بزيارته الرسولية إلى الكاميرون وأنغولا في آذار مارس الماضي وكان هدفها إطلاق تحضير السينودس الثاني الخاص بأفريقيا، وقال: أتوجه لكل الشعوب الأفريقية لاسيما التي تتقاسم الإيمان المسيحي، لأسلمها الرسالة الختامية للسينودس، وأضاف: أخوتي وأخواتي الأعزاء يا من تستمعون إلي من أفريقيا: أكل إليكم بنوع خاص ثمار أعمال آباء السينودس وأشجعكم بكلمات الرب يسوع: كونوا ملحا ونورا في الأرض الأفريقية الحبيبة!

كما ذكّر بندكتس السادس عشر بالسينودس الخاص بالشرق الأوسط العام القادم وقال إنه سيسلم وثيقة العمل خلال زيارته المرتقبة إلى قبرص. وبعد صلاة التبشير الملائكي، حيا الأب الأقدس آلاف المؤمنين المجتمعين في ساحة كاتدرائية ميلانو حيث جرى صباح اليوم الأحد احتفال تطويب الكاهن كارلو نيوكّي.








All the contents on this site are copyrighted ©.