2009-06-05 15:37:36

بيان مجمع المطارنة الموارنة: نداء لإجراء انتخابات نيابية مسؤولة وشفافة وتغليب المصلحة العليا على أية مصلحة شخصية


أنهى مجمع المطارنة الموارنة بعد ظهر اليوم الجمعة خلوته السنوية في بكركي ـ لبنان برئاسة البطريرك الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير. أصدر المطارنة بيانا دعوا فيه مجددا لإجراء انتخابات نيابية مسؤولة وشفافة، وإلى أن يثبّت هذا الاستحقاق الوطني الكبير الحرية والديمقراطية الحقة في لبنان، وإلى أن يعمد المواطنون إلى تغليب المصلحة العليا على أية مصلحة شخصية، فئوية أو طائفية، وإلى تأمين مستقبل حر وواعد لأجياله الجديدة. المزيد من التفاصيل في تقرير مراسلنا في بيروت. RealAudioMP3

 

نص البيان

بدعوة من صاحب الغبطة والنيافة الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير، بطريرك انطاكية وسائر المشرق الكلي الطوبي، اجتمع في الصرح البطريركي في بكركي، من مساء الأحد الواقع فيه الحادي والثلاثون من ايار حتى السادس من حزيران 2009، أصحاب السيادة، مطارنة الكنيسة المارونية، المقيمون في لبنان والوافدون إليه من أبرشيات سوريا والأراضي المقدسة ومصر وقبرص واوروبا والولايات المتحدة الاميركية وكندا والمكسيك والبرازيل والأرجنتين وأستراليا، قام الآباء المجتمعون برياضتهم الروحية التي ألقى مواعظها قدس الأب ايلي ماضي، الرئيس العام لجمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة تحت عنوان "مع بولس الرسول وعلى خطاه"، وعقدوا مجمعهم السنوي في أجواء الصلاة والتأمل وعلى أنوار الروح، وتناولوا بأبحاثهم شؤونا كنسية وليتورجية، فضلا عن راعوية بلدان الانتشار والشأن الوطني، وفي ختام المجمع أعلنوا ما يلي:

 

أولا: الشؤون الكنسية والليتورجية

في جو العنصرة المجيدة ومع اقتراب انتهاء السنة اليوبيلية التي كرست لبولس الرسول، رفع الآباء الشكر للرب على النعم والبركات التي أفاضها على الكنيسة والعالم بشفاعة رسول الأمم، وهم يدعون أبناءهم للمشاركة في ختامها نهار الاثنين 29 حزيران الجاري في بازيليك القديس بولس حريصا، بحضور نيافة الكاردينال اندره فان تروا، رئيس أساقفة باريس، مندوب قداسة البابا لهذا الاحتفال وبمشاركة مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان واللجنة المشتركة المكلفة بإحياء اليوبيل وسواهم من جميع الكنائس المسيحية في لبنان.

ويذكر الآباء أيضا بأن قداسة البابا بنديكتوس السادس عشر قد أعلن سنة يوبيلية جديدة مكرسة للكاهن بعنوان "أمانة المسيح، أمانة الكاهن" من 19 حزيران 2009 إلى 19 حزيران 2010 بمناسبة مرور 150 سنة على وفاة القديس جان ماري فياني، خوري ارس، وهم يدعون أبناءهم إلى الصلاة خلالها على نية كهنتهم المتفانين في خدمة الله والناس، والى المشاركة في النشاطات التي يعدها للمناسبة مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان مع الأبرشيات والرعايا والمنظمات الرسولية والرابطة الكهنوتية والمدارس الاكليريكية، رافعين جميعا الضراعة إلى الله ليرسل إلى كنيسته على الدوام كهنة قديسين.

وينتظر الآباء أن يعلن السيد البطريرك سنة 2010 سنة يوبيلية للقديس مارون بمناسبة مرور 1600 سنة على وفاته (+410- 2010) وقد تألفت لهذه الغاية لجنة كنسية لإحياء هذه المناسبة، كما انه جرى الحديث عن براد وقلعة كالوتة، الأماكن التي عاش فيها مار مارون ودفن، والنشاطات الهادفة لجعلها مزارا مقصودا.

وتحت عنوان "العدالة والمحبة تتلازمان" استمع الآباء إلى التقرير السنوي عن المحاكم المارونية، واطلعوا على عدد الدعاوى المقدمة خلال العام الفائت وعلى الأحكام الصادرة وعلى جداول إحصائية متعددة متعلقة بعمل هذه المحاكم. وهم إذ يثنون على جدية العمل والجهد الذي يبذل في خدمة العدالة، ولكي تكون المحاكم آخر مرجع لفض النزاعات العائلية، رأى الآباء ضرورة تفعيل مراكز الأعداد للزواج، ومراكز الإصغاء لمواكبة الأزواج المتعثرين بغية مصالحتهم قبل وصولهم إلى المحاكم لتأتي رعوية العيلة بأفضل النتائج، فتكون عائلاتنا كنائس بيئية ومدارس فضائل وواحات هناء يحافظ فيها على ديمومة السر وقداسة الرباط الزوجي، ويتعلم فيها الآباء والأمهات التضحية والعطاء المجاني ويتقبلون بفرح كبير الأولاد الذين يمن بهم الله عليهم ومعروف أن مصير المجتمعات مرتبط بالعائلة.

أعاد الآباء تشكيل محكمة سينودس أساقفة الكنيسة البطريركية المارونية والمجمع الدائم، وانتخبوا أمين سر السينودس المقدس، ثم تدارسوا شرعة المطارنة المستقيلين التي ترسم صورتهم ومكانتهم في الكنيسة الجامعة وفي الكنيسة البطريركية، وتصف حضورهم في الأبرشيات التي خدموها ورعوها وتحدد بعض أوجه واجباتهم وحقوقهم مع عملهم ورسالتهم.

واطلع الآباء على التقارير المقدمة عن الاكليريكيات، وهي المدرسة البطريركية في غزير ومدارس كل من أبرشيات بيروت وطرابلس ونيويورك التي تستقبل، بمجملها أكثر من مائة وخمسين إكليريكيا جامعيا، واثنوا على سير العمل فيها روحيا وتربويا وثقافيا ولاسيما أن هذه المعاهد اعتمدت الشرعة الجديدة المخصصة للتنشئة الكهنوتية والتي تلحظ اللجوء إلى الوسائل الملائمة لتحضير الكهنة لعملهم الرعوي في هذا العصر.

ونظرا لما للطقوس الليتورجية من دور في توحيد الموارنة الذين باتوا منتشرين في أصقاع الدنيا كافة، ومن أهمية في تغذية حياتهم الروحية وصون هويتهم وتراثهم الكنسيين، تابع الآباء باهتمام كبير أعمال اللجنة البطريركية للشؤون الطقسية والتي أوكل إليها مهام الإصلاح الطقسي، وقد أعربوا عن ارتياحهم للانجازات العديدة التي حققتها، وكان آخرها نشر نافور مار بطرس المعروف بنافور "شرر"، الذي يعود التراث الرسولي القديم والذي يعتبر من أقدم الصلوات في الكنيسة الجامعة، وله قيمة تاريخية نادرة وأبعاد كتابية ولاهوتية فريدة، وكان لاستعماله في بعض الأبرشيات الوقع الحسن على المصلين.

ثم جرى الحديث عن كتاب التراتيل المارونية الذي من شأنه ان يوحد الأناشيد المارونية في الرعايا ويغنيها. كما ستصدر تباعا سلسلة من الكتب والرتب والزياحات لمختلف المناسبات الطقسية.

 

ثانيا: راعوية الانتشار

اطلع الآباء على الشؤون الراعوية التنسيقية التي تدارسها مطارنة القارة الأميركية في سان باولو - البرازيل، ثم استمعوا إلى تقارير مفصلة عن سائر أبرشيات الانتشار، وعن الرسالات المارونية في أفريقيا الغربية: نيجيريا والبنين وغانا وتوغو وبوركينا فاسو والنيجر ومالي، وفي أوروبا، ولاسيما في السويد ورومانيا وبلغاريا واليونان. وكان تشديد على تعزيز الرعايا وتأمين كهنة يخدمونها بمساعدة عمانيين ملتزمين، وبالتعاون مع الروابط والمؤسسات التي تهتم بالانتشار وبالتنسيق مع الكنيسة في لبنان.

 

ثالثا: في الشأن الوطني

يكرر الآباء ما جاء في ندائهم الأخير من اجل إجراء انتخابات نيابية مسؤولة وشفافة، ويدعون مجددا إلى أن يثبت هذا الاستحقاق الوطني الكبير الحرية والديمقراطية الحقة في لبنان، فيزداد منعة وتألقا، والى أن يعمد المواطنون إلى تغليب المصلحة العليا على أي مصلحة شخصية أو فئوية أو طائفية، والى تأمين مستقبل حر وواعد لأجياله الجديدة.

ويتطلع الآباء، مع فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، بعد الانتخابات النيابية، إلى المباشرة بعملية الإصلاح بدءا بتفعيل المؤسسات الدستورية الكفيلة وحدها بتوطيد الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي وحماية المواطنين جميعا.

ومن اجل بناء الوحدة الوطنية، وتخفيف حدة الصراع على السلطة المركزية وتعزيز الإنماء المتوازن، لا بد من إعطاء الأولية لتحقيق اللامركزية الإدارية الموسعة. وأمام نزيف الهجرة، وهموم الكثرة العظمى من اللبنانيين في تأمين لقمة العيش والواجبات التربوية والإستشفائية، يطالب الآباء الدولة بالإصلاح الاقتصادي والضريبي، وبدعم النشاط الإنتاجي الصناعي والزراعي والسياحي والاستثماري. ويهيبون بها الاهتمام الخاص بالطاقات الشبابية لتوفير فرص العمل للشباب وفقا لمهاراتهم وكفاءتهم والإتاحة لهم البقاء في وطنهم، وتحفيز الإبداع على أرضه، وتأمين مستقبلهم فيه، وإنشاء عائلة، وفتح أبواب الرجاء أمامهم بمستقبل أفضل (شرعة العمل السياسي 32-33).
ويناشد الآباء إخوانهم اللبنانيين وأبناءهم جميعا أن يحافظوا على وطنهم الواحد والمتضامن، وان يبعدوا عنه نار الفتنة والانقسام، وان يواجهوا ظروف المرحلة واستحقاقاتها بالتفاهم فيما بينهم، وباللجوء إلى الحوار وحده لحل الخلافات، وبتغليب الخير العام على كل منفعة خاصة.

 

خاتمة
اختتم الآباء رياضتهم الروحية كما بدأوها بالصلاة، وبخاصة على نية لبنان ارض الرسالة والقداسة، والوطن الذي يشد إليه جميع أبنائه، المقيمين فيه والمنتشرين. وسألوا الله أن يحفظ فيه ارث الآباء والأجداد، وهو ارث ثمين للإنسانية كلها، ودعوا لرفع مشعل الحرية عاليا في سمائه، ولتلاقي المسيحية والإسلام في صفوف شعبه المؤمن على أساس من المحبة المتبادلة والتعاون البناء، ويهمهم أن يحترم العالم كله هذه الخصوصية اللبنانية ويقدر عطاءاتها ويثمن موقعها الحضاري المميز.

وإنهم يضرعون إلى الله من اجل جميع أبنائهم الأعزاء في الوطن وفي النطاق البطريركي والانتشار ليبقوا دائما موحدين ومتآلفين مع إخوانهم في المواطنية، ومتمسكين بقيمهم الروحية وتراثهم الإنساني العريق، وان يوفقوا في تطلعاتهم وفي عملهم الحثيث في خدمة السلام بشفاعة العذراء مريم سيدة لبنان، مستمطرين عليهم جميعا فيض نعم الله وبركاته.








All the contents on this site are copyrighted ©.