2009-02-09 15:16:27

البطريرك صفير يترأس القداس الإلهي احتفالا بعيد القديس مارون


احتفالا بعيد القديس مارون الموافق تاريخ التاسع من شباط فبراير، ترأس البطريرك الماروني الكردينال مار نصرالله بطرس صفير القداس الإلهي في كنيسة الصرح البطريركي في بكركي ـ لبنان، وألقى عظة بعنوان "لا تخف أيها القطيع الصغير"، تحدث فيها عن مسيرة الموارنة منذ مار مارون حتى يومنا هذا، وأضاف: كلما انقسم الموارنة على ذاتهم، دارت الدوائر عليهم، وتغلب عليهم الطامعون بهم، والتاريخ شاهد، وكلما جمعوا صفوفهم ووثقوا عرى التعاون في ما بينهم صلُحت أحوالهم وازدهرت واكتسبوا احترام مواطنيهم على اختلاف مذاهبهم. عن الاحتفالات بعيد القديس مارون وافانا مراسلنا من بيروت بهذا التقرير. RealAudioMP3

 

نص عظة البطريرك صفير:

عيد القديس مارون الذي نحتفل به اليوم يذكرنا بالمسيرة الطويلة التي قام بها الموارنة منذ حال حياة القديس مارون حتى يومنا هذا.

ولد القديس مارون في القسم الثاني من القرن الرابع اي حوالي سنة 350، ورقي الدرجة الكهنوتبة، وانتقل الى السماء في سنة 410 . وعاش في وادي نهر العاصي قرب حماة في سوريا. وكتب سيرة حياته المطران تيودوريطوس الذي عاش في القسم الاول من القرن الخامس بعد المسيح. وقال فيه الاسقف ان مارون كان ينعم بصيت قداسة في حال حياته، واجترح الكثير من العجائب، ولدى موته نشب قتال بين اهل تلك المنطقة على جثمانه، فكان اهل كل قرية مجاورة يدعون بان لهم الحق فيه ليدفنوه في قريتهم. ولكن اهل اقرب قرية عاش في جوارها، اتوا واخذوا جثمانه وحافظوا عليه محافظتهم على كنز ثمين. وبنوا له معبدا دفنوه فيه. ويقول اسقف تلك المحلة:" اما نحن فاننا ننعم ببركته، ونكرم ذكراه، مكتفين بمقامه فيما بيننا".

وقام بعدئذ دير مار مارون في منطقة حماة من سوريا، على ضفاف نهر العاصي، وبنيت حول الدير ما يقارب الثلاثمائة قلاية للرهبان الذين اخذوا نمط القديس مارون في حياة الصلاة والتقشف ونكران الذات، وقد بلغ عددهم نحو ثمانمائة راهب، فعرفوا يومذاك ببيت مارون، او الموارنة.

وشارك الموارنة في الجدل اللاهوتي الذي قام في عهدهم وكانوا من اشد المدافعين عن مجمع خلقيدونية المسكوني الرابع الذي انعقد في اواسط القرن الرابع، وحرم اصحاب المشيئة الواحدة في المسيح. وانزل البطريرك ساويروس سنة 517 برهبان مار مارون، بالاتفاق مع الامبراطور اتاناسيوس الاول، اضطهادا قويا. وقتل اصحاب المشيئة الواحدة منهم ثلاثمائة وخمسين راهبا، وتحتفل الكنيسة المارونية بعيد استشهادهم في الحادي والثلاثين من تموز من كل سنة.

ودافع الموارنة عن مشيئتين في المسيح: المشيئة الالهية والمشيئة البشرية، ضد اصحاب المشيئة الواحدة، واعلنوا ان شخص الكلمة هو مركز اعمال المسيح في الاتحاد الاقنومي. وليس من تضاد بين المشيئة الالهية والمشيئة البشرية. وكان اول بطريرك عليهم القديس يوحنا مارون حوالي سنة 710. وابتدأت سلسلة البطاركة الموارنة حتى بلغت معنا ستة وسبعين بطريركا. ويعود الفضل اليهم في السهر على العقيدة الكاثوليكية لدى شعبهم، والمحافظة على تماسكهم في وجه الانقسامات التي نشبت في عهدهم ولكنهم ظلوا على ايمانهم ، على الرغم من جميع الاغراءات والوعود والتهديدات.
لا تخف أيها القطيع الصغير

ما كان اتكال الموارنة يوما على القوة الغاشمة، عبر تاريخهم الطويل، وان كانوا قد أظهروا شجاعة وبأسا واستهانة بالنفس في سبيل المحافظة على ايمانهم ومبادئهم وعاداتهم السليمة. ولكنهم اتكلوا أولا وآخرا على ربهم، فعبدوه العبادة الصادقة وجعلوا معتمدهم عليه، وغالبا ما رددوا ما يقوله صاحب المزامير:"انك ظللت رأسي يوم السلاح" . وكان لواء العذراء مريم بيرقهم يمشون في ظله الى النصر، وهم يرددون مع صاحب المزامير أيضا: "اذا قام علي قتال ففي ذلك ثقتي، لأنك معي"، "والرب حصن حياتي فممن اخاف".

وكلما انقسم الموارنة على ذاتهم، واختلفوا فيما بينهم، دارت الدوائر عليهم، وتغلب عليهم الطامعون بهم. والتاريخ شاهد. وكلما جمعوا صفوفهم ووثقوا عرى التعاون فيما بينهم، صلحت أحوالهم، وازدهرت، واكتسبوا احترام مواطنيهم على اختلاف مذاهبهم.

لا نريد اليوم أن نتوقف على ما نعاني منه. غير أن الواجب يدعونا الى النظر مليا في ما صرنا اليه نحن وجميع اللبنانيين من فرقة وانقسام بالرأي، يلوذ منه الكثير من المواطنين بالسفر والهجرة. وهذا واقع نحن جميعا، دون استثناء مسؤولون عنه. وقد آن الاوان لنحزم أمرنا ونجمع رأينا وننظر مليا في ما آلت اليه أمورنا، لنخرج من الدوامة التي ندور فيها. وهذا وضع يعود بنا القهقرة، ويدفع الكثيرين من بينناالى الهجرة التي لا عودة بعدها.

وقد ارادنا الله، والقديس مارون في هذه البقعة من العالم لنقوم برسالة، وهي رسالة التبشير بالمحبة، وممارستها في ما بيننا، وذلك لخيرنا وخير جميع مواطنينا. واذ ذاك يصير بامكاننا جميعا أن نطلق الخوف لنقبل على العمل المجدي.

وانا اذ نهنئكم جميعا بهذا العيد، نسأل الله، بشفاعة القديس مارون، أن يجمع أمرنا على خشيته تعالى، والاقبال بعضنا على بعض بالمحبة والتعاون لاخراج نفوسنا وبلدنا مما يتخبط فيه من محن، ويعيد علينا وعليكم عديد أمثال هذا العيد، وهي مليئة بالخير والبركات".

 








All the contents on this site are copyrighted ©.